آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

لن أتخلى عن حجابي فأنا جوهرة

مفيدة أحمد اللويف *

إن الحجاب ضروري في الحياة البشرية وحقيقة فطرية حيث إن الإنسان بفطرته يميل إلى التستر والتحجب وتغطية الجسد فحجاب الفتاة يتلاءم مع الفطرة السليمة، لقد فرض الحجاب في كل الأديان السماوية قبل مجيء الإسلام والحكمة من فرضه هو ضمان العفاف في المجتمع، وذلك بسلامة الأماكن الاجتماعية من عناصر الإغراء من المرأة للرجل الأجنبي، فكان حجاب اليهوديات بدون ستر الرقبة والنحر والأذن، ولكن أغلبهن لا يلبسن وكذلك النصرانيات فرض عليهن الحجاب ولا يلبسن عدا الراهبات اقتداء بالسيدة مريم العذراء أما الإسلام فقد تميز بالحجاب المتكامل لقوله تعالى ”وليضربن بخمرهن على جيوبهن“ والخمر هو جمع خمار وهو الثوب الذي تغطي به المرأة الرأس والرقبة، والجيوب هو جمع جيب وهو من القميص موضع الشق إلى المنحر والصدر.

ويحكى عن سبب نزول هذه الآية هو أن النساء في عصر النبي ﷺ كن يلبسن ثيابا مفتوحة الجيب وكن يلقين الخمر ويسدلنها خلف رؤوسهن فتظهر الآذان والأقراط والرقاب وشيء من نحورهن للناظرين فأمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بضرب خمرهن على جيوبهن ومعناها هو بأن يضعن بما زاد من غطاء الرأس على صدورهن حتى يتستر ن بالكامل.

إن الحجاب الشرعي الذي يخلو من التبرج دليل على وعي المرأة المسلمة وثقافتها ويدل على مدى حرصها وتمسكها بدينها فالحجاب هو دليل الكمال والتقدم والطمأنينة التي يمثلها الحق. أما التبرج والسفور فهو دليل النقص والتخلف وعدم الثقة بالنفس وفقدان الأمن التي يمثلها الباطل.

إن حجابي هو دليل ستري وعفتي وحيائي، وكم أفتخر وأعتز بحجابي الذي يخلو من مظاهر الزينة والتبرج فحجابي هو ديني فأنا دائما أخرج بحجابي إلى أي مكان معتزة به فأنا به كجوهرة ثمينة خبئت خوفا عليها من الخدش أو السرقة.

يحكى أن فاطمة الزهراء كانت جالسة عند أبيها رسول الله ﷺ إذ استأذن عليه ابن مكتوم وكان رجلا أعمى قد فقد بصره وقبل أن يدخل على النبي ﷺ قامت فاطمة الزهراء وغادرت الغرفة وعندما انصرف ابن مكتوم عادة السيدة فاطمة الزهراء لتدخل على أبيها مرة ثانيه وهنا سألها النبي ﷺ عن سبب خروجها من الغرفة مع العلم أن بن مكتوم لا يبصر شيئا وهو يعلم ذلك كي تجيب هي بدورها على هذا السؤال، ويكتب التاريخ هذا الحوار الإيماني ليبقى مثالا رائعا طوال الحياة، فقالت فاطمة : إن كان لا يراني فإنني أراه وهو يشم الريح، أي يشم رائحة المرأة فأعجب النبي ﷺ بهذا الجواب من ابنته الحكيمة، ولم يعاتبها على هذا الالتزام الشديد بالحجاب، بل شجعها وأيدها وقال لها: أشهد أنك بضعة مني.

لكم يؤلمني تهاون بعض الفتيات وكذلك النساء في الآونة الأخيرة بحجابهن حيث يعتقدن أنهن بتبرجهن وبإظهار زينتهن أمام الرجل الأجنبي فهن سيواكبن عصر التطور ويصبحن أكثر تحضرا ولكنه للأسف قمة في الجهل والتخلف كما أنه يعتبر امتهانا لكرامة المرأة المسلمة، حيث إن الإسلام رفع قدرها بالحفاظ عليها بفرضه عليها الحجاب المتكامل كما في قوله تعالى ”ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى“ سيتطرق البعض إلى أن الحجاب حرية شخصية للمرأة نفسها وهذا غير مقبول في المجتمع المسلم لأن آثاره الإيجابية أو السلبية سيتكون على المجتمع كاملا، وليس على المرأة فقط، كذلك أن التقيد بالحجاب الشرعي ليس هو من سيمنع المرأة من حريتها كما يظن البعض أو سيمنعها من ممارسة دورها في المجتمع فهذا اعتقاد خاطئ؛ لأننا نرى الطبيبات والممرضات والصيدلانيات وغيرهن ممن يعملن في البيئة المختلطة يمارسن دورهن على أكمل وجه بحجابهن الشرعي الكامل كما فرضه الله تعالى في قوله ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب: آية 59].