آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:18 م

فاطمة.. جرح السماء

فاطمة.. جرح السماء

جُرْحٌ يُبَعثَرُ فِي الآمَادِ.. يَضطَرِبُ
أَكَادُ أَسمَعُهُ.. وَالقَلبُ مُكتَئِبُ

وَاللَّيلُ مِنْ لَاعِجِ الأَحزَانِ وَاهِيَةٌ
خُطَاهُ.. أَنفَاسُهُ بِالكَربِ تَنسَرِبُ

ضَمَّتْ جَوَانِحُهُ آلَامَ حَانِيَةٍ
قَدْ شَفَّهَا الهَمُّ وَالإِعيَاءُ وَالنَّصَبُ

آهَاتُ يَثرِبَ إِعوَالٌ وَهَنبَثَةٌ
لِسِدرَةٍ حَرَّقَتْ أَورَاقَهَا الحَطَبُ

فِي كُلِّ آهٍ تَنَدَّى حَرفُ قَافِيَتِي
بِمَاءِ حُزنٍ هَمَتْ أَقدَاحَهُ السُّحُبُ

يُبَلِّلُ الكَونَ وَالذِّكرَى فَيُغرِقُهُ
جُرحُ السَّمَاءِ.. وَدَمعٌ هَامِلٌ سَكِبُ

بِالوَجدِ ضَرَّجَ هَذَا الدَّمعُ أَوجُهَنَا
بَلْ كُلُّ شَيءٍ بِدَمعِ الوَجدِ مُختَضِبُ

فَالضَّوءَ أَهرَقَهُ ظِلٌّ مَلَامِحُهُ
سَالَتْ كَحِبْرٍ مِنَ الأَوثَانِ يَنسَكِبُ

ظِلٌّ تَجَاسَرَ حَتَّى بَاتَ يُرهِقُهُ
صَوتُ الصَّلَاةِ وَلَحنٌ خَاشِعٌ وَصِبُ

أُمُّ الأَئِمَّةِ نُورُ اللَّهِ.. كَيفَ إِذَنْ
دَارَتْ عَلَيهَا رَحَى الأَوجَاعِ.. ذَا عَجَبُ

قُطبُ السِّيَادَةِ دَارَتْ حَولَ جَوهَرِهَا
كُلُّ القُرُونِ وَشُقَّتْ بِاسْمِهَا الحُجُبُ

فَكَيفَ يَسْرِقُ هَذَا الظِّلُّ بَسمَتَهَا
وَكَيفَ يَبذُرُ هَذَا الشَّرَّ.. مُنقَلِبُ

وَكَيفَ يَجمَعُ أَعوَادًا لِيُشعِلَهَا
بِدَارِ طُهرٍ.. تَحَدَّى نُورَهَا اللَّهَبُ!

أَلَيسَ يَدرِي بِأَنَّ النُّورَ تَغرِسُهُ
بِنتُ النَّبِيِّ.. فَمَا النِّيرَانُ مَا الحَطَبُ

أَلَيسَ يَسْمَعُ صَوتَ الرِّيحِ مُعوِلَةً
لَا تَفتَحُوا البَابَ!! فَالزَّهْرَاءُ تَحتَجِبُ

لَا تَفتَحُوا البَابَ!! إِنَّ البَابَ نَافِذَةٌ
لِسَاقِ عَرشٍ بِهِ الأَملَاكُ تَضطَرِبُ

لَا تَفتَحُوا البَابَ!! فَالمِسمَارُ يَنحَتُ فِي
صَدرِ الوُجُودِ بِأَنَّ الشَّملَ مُنشَعِبُ

وَدُقَّ نَصلُ الأَسَى فِي صَدرِ فَاطِمَةٍ
فَاسمَعْ صَدَاهُ.. فَإِنَّ الضِّلعَ يَنتَحِبُ

وَالعَينُ مِنْ لَطمَةٍ أَنهَارُهَا انبَجَسَتْ
وَكَوثَرُ النَّزفِ لِلثَّارَاتِ يَرتَقِبُ

فَكَيفَ يَصفَعُ عَينَ اللَّهِ قَاتِلُهَا
وَكَيفَ تَذرُفُ أَمطَارَ الدِّمَا النُّجُبُ

أَلَيسَ يَعلَمُ أَنَّ العَينَ نَاظِرَةٌ
(يَومَ القِيَّامَةِ أَنَّى سَوفَ يَنقَلِبُ)

وَالسَّوطُ شَهقَتُهُ فِي مَسمَعِي وَجَعٌ
كَأَنَّمَا قَدْ هَوَتْ مِنْ هَولِهَا الشُّهُبُ

وَالنَّزفُ ذَاكِرَةٌ.. فِي وَحيِهَاا صُوَرٌ
قُرطٌ وَسِقطٌ.. وَحَقُّ اللَّهِ إِذْ غَصَبُوا

أُمَّاهُ يَا رَحمَةَ الأَوطَانِ.. سَاقِيَةً
تَفِيضُ بِالحُبِّ بَلْ تُشفَى بِهَا الكُرَبُ

أُمَّاهُ.. يَا سُورَةَ القَدرِ الَّتِي نَزَفَتْ
(مُذْ غِبتِ عَنَّا.. وَكُلُّ الخَيرِ مُحْتَجَبُ)

آهٍ لِوَجدِكِ يَا أُمَّاهُ.. إِنَّ لَهُ
جَفَّتْ لُغَاتِي وَجَفَّ الشِّعرُ وَالأَدَبُ 

(فَسَوفَ نَبكِيكِ مَا عِشنَا وَمَا بَقِيتْ)
شَمسُ الوُجُودِ.. فَلِلدَّمعَاتِ نَنتَسِبُ