الزهراء (ع) أمثولة العظمة وعلم القدوة
روي عن رسول الله ﷺ: قال الله عز وجل: ما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته.
م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 3 - الصفحة 2540.
الزهراء النموذج الأعلى للسماء
سيكون المقال ذو صفحات عدة من سيرتها ونتخذها أنموذجاً يحتذى به.
طريقة ولادتها: اعتنت السماء بتهيئة ولادتها عناية خاصة حتى جعلت رسول الرحمة محمد ﷺ يعتكف في محراب عبادته صائماً نهاره قائما ليله تمام أربعين ليلة حينها جاءه النداء من الجليل جل في علاه أن حرمنا عليك الصيام والقيام هذه الليلة فنزل ثمر من الجنة فأكل منه النبي الأعظم محمد ﷺ واذهب إلى بيت أم المؤمنين خديجة فذهب لها وأذن الله سبحانه أن تخلق الزهراء في هذه الليلة وبدأت تحدث أمها في بطنها حتى أذن أن تخرج لهذه الدنيا فأشرقت أنوار الطهر العفاف وتزينت السماء والأرض بقدومها.
فقد ورد في الرواية عن المفضل بن عمر عن جعفر بن محمد أنه قال..... ”فلما حملت بفاطمة صارت تحدثها في بطنها وتصبرها، وكانت خديجة تكتم ذلك عن رسول الله ﷺ، فدخل يوما وسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: يا خديجة من يحدثك؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، فقال لها: هذا جبرائيل يبشرني أنها أنثى.“.
م: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 16 - الصفحة 80.
الدرس الأول: إذا أردت الذرية الصالحة تحتاج أولاً أن تختار الأم وتعمل المستحبات التي تقربك من الله وتبعدك عن الشيطان.
الزهراء في مكة المكرمة
كانت بعد سلوة أبيها وحاميته وحانية عليه فأصبحت بحنانها أم أبيها فكانت تشارك أباها أعباء النبوة في حمل مسؤولية الأمة لأنها كانت تعي أن عظمة الفتاة هي بمقدار تحملها لمسؤوليتها تجاه الآخرين وليس حب الأنا والطمع في تلبية رغباتها الشخصية فكانت تزيل الأوساخ عن ظهر أبيها وتنشف العرق وتنفض التراب عن ثياب أبيها وتمسح بيدها الكريمة وجنتي أبيها رسول الله ﷺ.
ورد في صحيح مسلم ”عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن مسعود قال بينما رسول الله ﷺ يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس فقال أبو جهل أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذ فيضعه في كتفي محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبي ﷺ وضعه بين كتفيه قال فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عنه فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم..“.
م: صحيح مسلم - مسلم النيسابوري - ج 5 - الصفحة 178.
الدرس الثاني: تحمل المسؤولية من الصغر لأنها ستكون حجر الأساس في بناء الذات في المستقبل وفي الآخرة.
حياة الزهراء في المدينة المنورة
زواجها المبارك من سيد الأولين والآخرين علي فكانت زوجة صالحة اختارت رجلاً ذا دين وورع وتقوى وشجاعة ونفس أبية حيث جاءت السماء لتقول كلمتها ”زوج النور من النور علي من فاطمة“ فكانت نموذج الزوجة الصالحة حتى وردت في الرواية عن أبي الورد بن ثمامة عن علي أنه قال لرجل من بني سعد ألا أحدثك عني وعن فاطمة أنها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وأنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يدها وكسحت البيت حتى غبرت ثيابها وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد.
م: علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 2 - الصفحة 366.
الدرس الثالث: القيام بواجبات المنزل والعناية بأطفالها وحسن تبعلها لزوجها من أوجب الواجبات الأخلاقية والقيمية التي تطلبها كل امرأة تحب ما وعدها ربها من الثواب العظيم.
بطولتها وصبرها ورباطة جأشها في قلب الحرب في معارك النبي الأعظم محمد ﷺ وزوجها أمير المؤمنين فكانت هي طبيبة أبيها وزوجها فكانت تمسح التراب والدماء من كثرة الطعن والجراح في أبيها وزوجها وتضمد جراحهم بقلب مطمئن ويقين صادق صابر في ذات الله سبحانه.
الدرس الرابع: أن لا تقف الزوجة أمام ما يقدم زوجها في أعلى درجات الكمال بل تكون معينة له وساندة له فقد قيل في الحكم [وراء كل عظيم امرأة عظيمة].
مقامات الزهراء
بعد هذا الجهاد المتواصل في سبيل الله لا بد أن تصل هذه المرأة الصالحة إلى مقامات عالية عن ربها فنعت بعدة أوصاف منها أنها من أصحاب آية المباهلة ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ”61“﴾ آل عمران.
أنها من أّهل آية التطهير ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ .
ومن أهل آية ﴿وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً ”8“ إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَ لا شُكُوراً﴾ الإنسان.
وروايات النبوة عن علي بن أبي طالب عن رسول الله ﷺ أنه قال: يا فاطمة إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك، إن فاطمة بضعة مني، وهي نور عيني، وثمرة فؤادي، يسوؤني ما ساءها، ويسرني ما سرها، وإنها أول من يلحقني من أهل بيتي. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 150.
الدرس الخامس: كلما قرب العبد من ربه أعطاه الله من الفضل والكرامة ما يتعجب منه لأن الله أكرم من أن يساوي عبده في العطاء.
علمها الغزير وفصاحتها وبلاغتها ودقة اختيار عبارتها صارت واضحة جلية في كلماتها في خطبتها الفدكية فقسمت خطبتها في بيان التوحيد ثم العدل ثم النبوة ثم الإمامة ثم الوعد والوعيد بيوم القيامة ونأخذ منها جانب التوحيد.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، كَلِمَةٌ جَعَلَ الإْخْلاصَ تَأْويلَها، وَضَمَّنَ الْقُلُوبَ مَوْصُولَها، وَأَنارَ في الْفِكَرِ مَعْقُولَها. الْمُمْتَنِعُ مِنَ الإْبْصارِ رُؤْيِتُهُ، وَمِنَ اْلأَلْسُنِ صِفَتُهُ، وَمِنَ الأَوْهامِ كَيْفِيَّتُهُ. اِبْتَدَعَ الأَشَياءَ لا مِنْ شَيْءٍ كانَ قَبْلَها، وَأَنْشَأَها بِلا احْتِذاءِ أَمْثِلَةٍ امْتَثَلَها، كَوَّنَها بِقُدْرَتِهِ، وَذَرَأَها بِمَشِيَّتِهِ، مِنْ غَيْرِ حاجَةٍ مِنْهُ إلى تَكْوينِها، وَلا فائِدَةٍ لَهُ في تَصْويرِها إلاّ تَثْبيتاً لِحِكْمَتِهِ، وَتَنْبيهاً عَلى طاعَتِهِ، وَإظْهاراً لِقُدْرَتِهِ، وَتَعَبُّداً لِبَرِيَّتِهِ، وإِعزازاً لِدَعْوَتِهِ، ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ على طاعَتِهِ، وَوَضَعَ العِقابَ عَلى مَعْصِيِتَهِ، ذِيادَةً لِعِبادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ، وَحِياشَةً مِنْهُ إلى جَنَّتِهِ".
الدرس السادس: ينبغي السعي والتكامل المعرفي والعقدي والفقهي والاجتماعي من خلال تعلم العلم ونشره في مختلف الميادين المتاحة التي تحفظ كرامة المرأة وكيانها.
عقوبة من آذاها في الدنيا والآخرة
قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ”57“ وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً ”58“﴾ الأحزاب.
قال الرّسول ﷺ مَنْ آذَى شَعْرَةً مِنِّي فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ عز وجل وَ مَنْ آذَى اللَّهَ عز وجل لَعَنَهُ مَلَء السَّمَاوَاتِ وَملء الأرض وَتَلَا ”إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا“. تفسير أهل البيت ج 12، ص 266.
قال الرّسول ﷺ أَنَّ مَنْ آذَى عَلِياً فَقَدْ آذَانِي وَ مَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَ مَنْ آذَى اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يؤذيه بِأَلِيمِ عَذَابِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ. تفسير أهل البيت ج 12، ص 268.
الدرس السابع: إن الله سبحانه كريم ومتفضل على عباده وقد أكرم محمدا وآل محمد واصطفاهم وطهرهم من كل عيب ورجس وما يلوث أرواحهم من زخارف الدنيا وزبرجها وذلك لما علم منهم الوفاء والصدق فكانوا أهلاً لكرامته ومهبط وحيه وخزان علمه وحججاً على خلقه.
الدرس الأول: إذا أردت الذرية الصالحة تحتاج أن تختار الأم وتعمل المستحبات التي تقربك من الله وتبعدك عن الشيطان.
الدرس الثاني: تحمل المسؤولية من الصغر لأنها ستكون حجر الأساس في بناء الذات في المستقبل وفي الآخرة.
الدرس الثالث: القيام بواجبات المنزل والعناية بأطفالها وحسن تبعلها لزوجها من أوجب الواجبات الأخلاقية والقيمية التي تطلبها كل امرأة تحب ما وعدها ربها من الثواب العظيم.
الدرس الرابع: أن لا تقف الزوجة أمام ما يقدم زوجها في أعلى درجات الكمال بل تكون معينة له وساندة له فقد قيل في الحكم [وراء كل عظيم امرأة عظيمة].
الدرس الخامس: كلما قرب العبد من ربه أعطاه الله من الفضل والكرامة ما يتعجب منه لأن الله أكرم من أن يساوي عبده في العطاء.
الدرس السادس: ينبغي السعي والتكامل المعرفي والعقدي والفقهي والاجتماعي من خلال تعلم العلم ونشره في مختلف الميادين المتاحة التي تحفظ كرامة المرأة وكيانها.
الدرس السابع: إن الله سبحانه كريم ومتفضل على عباده وقد أكرم محمدا وآل محمد واصطفاهم وطهرهم من كل عيب ورجس وما يلوث أرواحهم من زخارف الدنيا وزبرجها وذلك لما علم منهم الوفاء والصدق فكانوا أهلاً لكرامته ومهبط وحيه وخزان علمه وحججاً على خلقه.