أصدقاء تحت المِجهَر
نقل لي أحدهم خيبة أمل أطاحت عنده ببعض المفاهيم التي طرحت عدداً من التساؤلات ليشرح لي ما حدث له بغصة وألم؛ لأنها جاءت من موقف صديق ما كان يتوقعه منه، حيث يسرد قصته بحرقة، وهو يقول كم فاجأتني بعض المواقف الغربية وغير المتوقعة من أناس كنت أعدهم أنس الأصدقاء وأقربهم التصاقا، وما كنت في يوم من الأيام أشك في نواياهم وما يختلج في صدورهم من صفاء النية وأقوى العلاقات الأخوية نتيجة الاجتماعات والمناسبات المتعددة التي تجمعنا في مجلس واحد نتبادل فيه الأحاديث الودية، يتخللها بعض النكات والضحكات حيث لا رسميات عند تبادلنا للأحاديث، وفجأة ومن غير سابق إنذار وخلال مكالمة هاتفية عابرة أثرنا فيها بعضا من التساؤلات، فأخذ يشرق ويغرب في تعابير خادشة وغير مقبولة من شخص مثله، فانكشف المستور وما كان يضمره في ضميره المتلون وما أظهره على فلتات لسانه من إساءة مقصودة وتلاعب بالألفاظ الغير لائقة وأمام من كان يجلس معهم آنذاك ليسمعهم كي يلفت انتباههم للإثارة والاستهزاء وذلك لحاجة في نفس يعقوب قضاها، لينطبق عليه قول الإمام علي : «إحذر عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة».
وهذا هو الواقع من بعض الأصدقاء الذين يعطوك من طرف لسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب وهو مثل ينطبق عليه فهذا الشخص صاحب وجهين مختلفين، فأمامك بوجه وخلفك بوجه آخر، وهذا شيء يندى له الجبين ويترك جرحا عميقا في العلاقات الإنسانية وما يترتب عليها من تداعيات فتكون الثقة شبه معدومة إلا ما عصم ربي، ولكن التجارب مع بعض البشر تعطينا دروسا لفرز الجيد من الناس من المتقمصين الذين تفضحهم ضمائرهم قبل ألسنتهم حتى ولو كان صديقا متلونا.
إذا الحذر الحذر من هذه الأصناف من البشر، قد يكون التعامل معهم من الأمور التي تأخذ منك وقتا وجهدا، لذلك عليك أن توطن نفسك أن تكون واسع الصدر والصبر على الأذى وكظم الغيظ والحلم والعفو عند المقدرة، فأنت تتعامل مع عقول مختلفة وبيئات متنوعة وآراء متعددة.