معرفة المستهلكين بكيف يؤثر الإقناع فيهم قد يجعلهم عملاء أكثر فطنة
4 أغسطس 2017
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة 305 لسنة 2023
Understanding How Persuasion Works Can Make Consumers More Savvy
August 4,2017
مقدمة المترجم
يمكن ان يكون الاقناع احد المهارات البارزة التي يطغى فبها استخدام الفن على العلم حيث تجد الكثير من الناس ممن يجيدون فن الاقناع ولكنهم ربما يفتقرون إلى العنصر العلمي فيه. ومن ابرز تجليات العلم في هذا الخصوص هو الإلمام بعلم نفس الإقناع. ولذا مع تطور علم النفس اخذ العلم دوره في شحذ مهارات الاقناع وهناك اصبحت المباديء العلمية تتحكم في هذه المهارة، ولعل أشهرها المباديء التي وضعها البرفسور روبرت سيالديني Robert Cialdini من جامعة ارزونا من خلال أبحاثه المنشورة وفي كتابه: التأثير: علم نفس الإقناع Influence: The Psychology of Persuasion. يمكن ان تتعدى هذه المبادىء، التي هي عن توظيف علم وفن الاقناع في عمليات البيع والشراء السائدة إلى ما هو ابعد من ذلك. تسويق الأفكار «أياً كان نوعها» يحتاج إلى مهارات القدرة على الاقناع.
عندما يقدِّم شخص عينة مجانية، فهي ليست مجانية في الحقيقة. وإنما تأتي مع توقع ضمني أنه إذا قبل الشخص تلك العينة، فانه سيشعر بلزوم رد الجميل وفي نهاية المطاف يشتري المنتج وما يتعلق به. هذه هي مجرد واحدة من العديد من الرؤى التي كشف علم النفس عن الآلية الخفية للإقناع وكيف يمكن للناس التعرف على محاولات التأثير في سلوكهم والاستجابة لها.
وقال روبرت سيالديني Robert Cialdini، البرفسور الفخري في علم النفس والتسويق في جامعة ولاية أريزونا، متحدثًا في المؤتمر السنوي رقم 125 للجمعية الأمريكية لعلم النفس، ”لم يعد الإقناع مجرد فن، بل هو علم بكل ما للكلمة من معنى“. ”في الواقع، هناك طيف واسع من الأدلة العلمية الآن حول كيف ومتى ولماذا يقتنع الناس.“
سيالديني الذي يعتبره العديد من العلماء خبيرًا في معرفة التأثير الاجتماعي [1] ، فقد أجرى سيالديني عقوداً من الأبحاث لصياغة مباديء التأثير الستة [2] .
المبدأ الأول هو المعاملة بالمثل، بحسب سيالديني. هذه هي علاقة بدلية «واحدة بواحدة quid-pro-quo» بسيطة حيث يشعر الناس بالحاجة إلى رد الجميل [3] . لقد مر كل منا بتلك التجربة في الحملات التسويقية ”المجانية التي تمنح عينات مجانية من منتجها“ أو ”الإصدار التجريبي المجاني لمنتجها أو خدمتها“.
منطقياً، المبدأ الأول هذا يؤدي إلى المبدأ الثاني، الالتزام، وفقا لـ سيالديني. حين يتعلق شخص بمنتج معين، فإنه من السهل إقناعه بالالتزام بدفع ثمنه «بشرائه». عندما يتخذ الناس قرارًا أو يعطون وعداً، فإنهم يميلون إلى التمسك بكلمتهم، وفقًا لهذا المبدأ. إذا كان هذا الالتزام لا يتساوق مع قناعاتهم الداخلية، فان الناس يميلون إلى ترشيد أو تغيير قناعاتهم لتنسجم مع هذا الخيار.
وهذا أيضا جوهر اسلوب الكرة المنخفضةlow-ball [4] الذي يفضله مندوبو مبيعات السيارات، بحسب سيالديني، الذي أجرى ابحاثاٌ في أوائل حياته المهنية مما يشير إلى أن قراراً أوليا لاتخاذ إجراء ما ينحو إلى الاستمرار حتى بعد لو زادت تكاليف اتمام هذه الصفقة.
ولدى البشر أيضا عقلية القطيع الغريزية، وهو ما يسميها سيالديني ب العقل الجمعي [5] ، مستشهدًا بالدراسات التي أجراها مع نزلاء فندق طلب منهم إعادة استخدام المناشف للمحافظة على البيئة. ووجدت دراسته أن 29 في المائة من النزلاء كانوا أكثر احتمالاً لإعادة استخدام «الاستمرار في استخدام» نفس المناشف لو قيل لهم أن معظم نزلاء الفندق الآخرين اختاروا الاستمرار في استخدام نقس المناشف [المترجم: عادةً ما يستخدم نزلاء الفنادق المناشف مرة واحدة ويستبدلوها بغيرها في اليوم التالي]. النسبة ارتفعت إلى 39 في المائة عندما سمعوا ان غالبية نزلاء تلك الغرفة استخدموا نفس المناشف مرة اخرى.
الخبرة هي مبدأ آخر فاعل جدًا في جميع جهود الإقناع تقريبًا. لو كان أحد الأشخاص خبيرًا في أحد الحقول، غالبًا ما يعتقد الناس أنه من المرجح أن يكون أكثر قدرة عمليًا على الإقناع، وفقًا لـ سيالديني.
حين يتعلق الأمر بالاقتصاد العالمي، من هم الأكثر احتمالًا ان تستمع إلى نصائحهم: هل تستمع إلى حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أو بعض المعلقين بشكل عابر على ال فيسبوك؟ ". الناس هم أيضا أكثر احتمالاً للاستماع إلى الآخرين المجاملين لهم والمشابهين لهم. وهو المعروف باسم مبدأ ابداء الإعجاب [6] ، وفقاً لـ سيالديني.
وأخيرا، من المرجح أن الناس يرغبون فيما يظنون أنهم لن يستطيعوا أن يحصلوا عليه [المترجم: وهو ما يُعرف ب ”كل ممنوع مرغوب“]. هذا هو مبدأ الندرة لسيالديني، الذي يجري من خلال مفهوم التحسر المتوقع، حيث ينظر الناس إلى المستقبل، ويتحسرون لاحتمال أن لا يتوفر لهم ذلك الخيار أو قد يُسلب منهم قرار الاختيار [المترجم: أو اختاروا الخيار الخطأ [7] ]، وفقا لـ سيالديني. أحد الأمثلة على ذلك هو عندما تعلن المتاجر عن تنزيلات على بضاعة متوفرة لفترة محدودة.
وقال ان هذه المبادئ فاعلة جدا، وتثمر تغييرات مرغوبًا فيها قي وسع نطاق من الظروف المتباينة.
ولكن اقناع الآخرين مختلف جدًا عن تضليلهم كما يقول. ولضمان أن تغيير سلوك الآخرين فعال وطويل الأمد، فمن الضروري استخدام المبادئ بشكل أخلاقي. على سبيل المثال، استشهد سيالديني بالعديد من الدراسات التي بينت أن الشركات التي قامت بممارسة توظيف موظفين غير شريفة فمن المرجح أن تكون قد شددت وقست عليهم، مما أدى إلى ارتفاع مرات تغيبهم عن العمل، وارتفاع فواتيرهم الطبية [ربما بسبب الضغوط النفسية، التي تعرضوا لها أو بسبب الأمراض الناجمة عنها] وارتفاع معدل الاستقالة وتوظيف موظفين غيرهم turnover.
”يتعين على الناس والشركات والمسوقين أن يسألوا أنفسهم عما إذا كان مبدأ التأثير جزءً لا يتجزء من الوضع - أي هل عليهم أن يخلقوه أو هل هو موجود ويحتاجون ببساطة أن يكشفوا عنه؟ هذا مهم.“ الادعاء بأنهم خبراء عندما لا يكونون كذلك، واستغلالهم للسلطة، سيعرض في نهاية المطاف هؤلاء إلى عواقب سلبية".
ويمكن للناس أيضا أن يطوروا من قدراتهم على الصمود في وجه محاولات التضليل الذي يتعرضون إليه من قبل الآخرين. بأخذ الوقت اللازم ليألفوا ويفهموا متى توظف هذه المبادئ، بإمكان الناس أن يلاحظوا المحاولات التي يقوم بها بعض الناس للتأثير فيهم. هل من يحاول التأثير فينا لديه خبرة بالفعل؟ وحين يدعي شخص ان شيئا نادرًا أو شحيحاً، هل كان يقول الحقيقة؟
واضاف ”يمكننا التركيز بشكل كبير على العوامل الاقتصادية عندما نسعى إلى تحفيز الآخرين تجاه عروضنا وافكارنا“. واضاف ”سيكون أداؤنا على ما يرام ايضًا حين نأخذ في الاعتبار استخدام الدوافع النفسية مثل تلك التى غطيناها في هذا المقال“.