مكانة وفضل العمل التطوعي في الإسلام
العمل التطوعي من الأعمال التي حث عليها الإسلام ودعا إليها النبي ﷺ، فالعمل التطوعي ظاهرة اجتماعية تحقق الترابط والتآلف والتآخي بين أفراد المجتمع كما وصفه الرسول ﷺ بقوله: ”مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد كالحمى والسهر“.
والعمل التطوعي هو انتصار على أنانية النفس، وقهر للرغبة في إثبات الأهواء، بحيث تكون الأهداف المنوطة، بالفعل، تعبيرًا عن احتياجات مشروعة لصالح الفرد والجماعة.
والتطوع إلى عمل الخير أحوال متعددة، ومساقات مختلفة، وأرقى المقاصد لذلك أن يكون الفعل بلا مقابل حسّي أو معنوي، إذ ينهض الإنسان بما يقبل عليه ويشرع فيه، ابتغاء ذات الله تعالى، وليس سعيا لوجاهة اجتماعية مستهدفة، أو هدف دنيوي يسعى إليه.
والعمل التطوعي هو من أهم الأعمال التي يجب أن يعتني بها، فكل إنسان ذكراً كان أو أنثى مطالب بعمل الخير بما يتناسب مع قدراته انطلاقاً من قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: آية 2].
وقال الله تعالى كذلك: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: آية 114].
فالأمر في هذه الآيات الكريمة عمل تطوعي، سواء كان أمر بصدقة أو أمر بمعروف، والسعي بالإصلاح بين الناس عمل تطوعي كذلك.
إن العمل التطوعي تحتاج إليه الأمم الناهضة، التي تضع في خططها أهدافًا عظيمة تسعى إليها، ولا يتحقق ذلك إلا إذا تعاونت كل فئات الأمة وطوائفها، لكن النظرة الذاتية الضيقة المعبرة عن الأنانية والطموح الخادع تجعل الكثيرين لا يفكرون إلا في أنفسهم، ويغفلون عن الطوائف التي تلهث إلى رغيف الخبز، ولا تسعفهم أعمالهم البسيطة على سد احتياجاتهم الضرورية فلا بد أن تكون النظرة عمومية شاملة.
قال رسول الله ﷺ: ”لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هَلَكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها“ فما أجدر المسلمين عموما أن يقتدوا برسول الله ﷺ، ويتبعوا منهجه في التسابق إلى العمل التطوعي، الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى ورسوله ﷺ.