زيتونٌ من غصن القدرة
زيتونٌ من غصن القدرة
إِنْ غِبْتُ لَكِنْ أَرَى فِي الرُّوْحِ مَعْنَاكِ
بَلْ كُلُّ يَوْمٍ غَدَا فِي القَلْبِ ذِكْرَاكِ
كَغَيمَةٍ قَدْ تَجَلَّى فِيَّ وَابِلُهَا
يَبْتَلُّ مِنْهَا المَدَى.. شَوقًا لِرُؤْيَاكِ
يَا زَهْرَةَ اللَّهِ فِي أَكْمَامِهَا خَفَرٌ
مُؤَرَّجٌ مِنْ عَبِيرٍ طَيِّبٍ زَاكِي
يَسِيلُ مِنْهُا رَحِيقُ المَجْدِ يَرْشُفُهُ
حَتَّى القِيَامَةِ عَذْبًا ثَغْرُ عِيسَاكِ
وُلِدْتِ كَالمَاءِ.. كَي تَسْقِي الحُقُولَ نَدًى
مَا أَفْقَرَ الحَقْلَ يَا أُمِّي وَأَغْنَاكِ
يَعْشَوْشِبُ الحُلْمُ وَالأَقْدَارُ.. لَا عَجَبًا
وَتَزْدَهِي عِفَّةً أَرْضِي.. وَتَحْيَاكِ
وَإِنَّمَا مُمْكِنًا فَرْضُ المُحَالِ غَدَا
أَنَّى تَشَاءُ تَشَاءُ اليَومَ عَينَاكِ
يَا نَفْحَةَ الطُّهْرِ مِنْ بُسْتَانِ فَاطِمَةٍ
يَسْرِي شَذَاهَا فَيَحْكِي سِرَّ رَيَّاكِ
يَنْسَابُ فِي فَجْرِنَا نَحْنُ الغُفَاةُ سَنًا
يُعَبِّئُ العُمْرَ مِنْ أَقْدَاحِ نُسَّاكِ
فَجْرٌ مِنَ القُدْسِ أَمْ نَهْرٌ سُلَالَتُهُ
مِنْ صُورَةِ الغَيْبِ قَدْ ضَمَّتْهُ كَفَّاكِ
تَوَضَّأَ الصَّبْرُ.. إِذْ لَا صَبْرَ دُوْنَهُمَا
مَا عَانَقَتْ شَمْسُهُ المِحْرَابَ لَوْلَاكِ
وَدَارَ فِي فَلَكٍ وَالوَحْيُ يُرْشِدُهُ
هَلْ يُدْرِكُ الصَّبْرُ كَونًا مِنْ خَفَايَاكِ؟
يَا شُعلَةَ الحَقِّ مِنْ قِنْدِيلِ وَالِدِهَا
مُنْذُ الوِلَادَةِ (بِاسْمِ اللَّهِ) أَمْلَاكِ
بِنْتُ الرِّسَالَةِ.. فِيكِ الحُبُّ مُعْتَقَدٌ
وَلَيْسَ يَفْهَمُ غَيرُ الصَّبِّ نَجْوَاكِ
وَمَنْ أَرَادَ يَقِينًا سَارَ فِي عَجَلٍ
نَحْوَ الضَّرِيحِ وَصَلَّى دُوْنَ إِرْبَاكِ
حَورَاءُ.. حَارَ فُؤَادُ الشِّعْرِ وَارْتَبَكَتْ
فِيَّ اللُّغَاتُ.. فَمَا المَحْكِيُّ مَا الحَاكِي؟
فَرُبَّ يَومٍ بِهِ الأَمْلَاكُ مُخْبِتَةً
إِذْ أَشْرَقَ الكَوْنُ فَيضًا مِنْ مُحَيَّاكِ
وَأَزْهَرَ الوَرْدُ مِنْ فِرْدَوْسِكِ أَلَقًا
لِيَمْلَأَ الأَرْضَ مِنْ أَنْقَى سَجَايَاكِ
مِيْلَادُكِ بِرَذَاذِ الوَعْيِ أَمْطَرَنَا
وَكُلُّ حُرِّ أَبَى تِلْمِيذَ رُؤْيَاكِ
مِيْلَادُكِ ثَوْرَةٌ مَا زَالَ يُوقِدُهَا
بَلِيغُ حُجَّتِكِ وَالمَدْمَعُ البَاكِي
حَوْرَاءُ يَا فِكْرَةَ الزَّيتُونِ مِنْ أَزَلٍ
مِنَ غُصْنِ قُدْرَتِهِ بِالنُّوْرِ سَوَّاكِ
وَهَذِهِ أَرْوَاحُنَا بِالزَّيْتِ مُتْرَعَةٌ
لِنُسرِجَ القَلْبَ.. إِنَّ القَلْبَ يَهْوَاكِ
حَتَّى إِذَا انْبَلَجَتْ فِي الحَفْلِ فَرْحَتُنَا
لَمْ تَرْجُ عَيْنِي سِوَى دَرْبًا لِلُقْيَاكِ
إِنِّي وَفَدْتُ.. خُطَايَ اخْتَارَهَا وَلَهِي
لِتَقْتَفِي مُهْجَتِي آثَارَ مَمْشَاكِ
وَيَبْعَثَ البِشْرُ فِي بَيتِ الهُدَى لُغَتِي
بِنُورِ زَيْنَبَ يَا زَهْرَاءُ بُشْرَاكِ