ما هي علامات حب الله سبحانه وتعالى لعبده؟
إن الله سبحانه وتعالى له أبواب لمحبته قد لا تكون حسنة بالنسبة لهوى الإنسان ورغباته، ولكنها محك حساس لمعرفة حب الله لعبده فلو تأملنا القرآن الكريم والروايات الشريفة بعمق لوجدنا كثيراً من العلامات لهذا الحب ولها عدة وجوه تعالج وتصلح نفس هذا الإنسان، وسنأخذ وجهاً من تلك الوجوه ولنبدأ بالقرآن الكريم.
قال تعالى ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: آية 31]
هذه الآية الشريفة اختصرت الطريق وبينت أن الطريق الوحيد الواضح الذي إذا سلكه الإنسان أحبنا الله سبحانه وقربنا إليه. وهو أن نتبع نبينا الأعظم محمد ﷺ في كل ما أمر وننتهي عن كل ما نهى عنه. فيكون رسول الله ﷺ هو الطريق للوصول لمحبة الله سبحانه. ويكون الأسوة والقوة لنا في كل تصرفاتنا. وقد أكد ذلك القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله تعالى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: آية 21].
وقوله تعالى ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: آية 32].
فعلامة الإيمان بالله هو طاعة النبي الأعظم محمد ﷺ بقرينة «فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين»
وقوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: آية 59].
وهنا الآية أعطتنا طريقاً آخر بعد حب النبي ﷺ ووجوب طاعته واتباعه في حال حياته فلو غاب عن الدنيا. فهناك من سيحمل هذا الوجوب في الاتباع والطاعة وهم «أولي الأمر منكم» والبديهي والعقلي والفطري يجب أن تكون صفات أولو الأمر هي نفسها صفات رسول الله ﷺ في العلم والشجاعة والتقوى والزهد والورع والقرب من الله سبحانه إذا من المستحيل عقلاً أن يأمرنا الحق سبحانه باتباع من يعصيه أو يأمر بالعصيان أو ظالم لنفسه ولغيره، أو يكون أقل الناس في الصفات التي ذكرناها لماذا؟!
لأن الله سبحانه وتعالى ألزم نفسه أن تكون حجته على عباده بالغة ناصعة لا يشوبها شك أو شبهة حيث لا يكون للعبد عذر يقدمه يوم القيامة يبرر عصيانه أو ظلمه لنفسه، فقال ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: آية 149].
فرسول الله ﷺ بين من هم حجة الله على خلقه بعد رحيله بأحاديث صحيحة صريحة عند الفريقين السنة والشيعة بألفاظ متعددة وفي مواقع مختلفة. ويكفيك أن تكتب حديث الثقلين في محرك البحث وتجد عدداً من المصادر في ذلك.
هناك وصية خالدة لنبينا العظيم محمد ﷺ نأخذ واحدة من تلك الروايات كشاهد، فقد تواتر بين الخاصة والعامة أن رسول الله ﷺ أنه قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
م: وسائل الشيعة «آل البيت» - الحر العاملي - ج 27 - الصفحة 33.
فكل ما يقوله أهل بيته فهم ينقلونه عن جدهم رسول الله ﷺ كما ورد في الحديث الصحيح عن جابر قال: قلت لأبي جعفر : إذا حدثتني بحديث فأسنده لي. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلوات الله عليهم، عن جبرئيل ، عن الله عز وجل، وكل ما أحدثك بهذا الإسناد.
م: بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 2 - الصفحة 178.
نعود لمحور حديثنا، ما هي علامات أن الله يحبنا؟
هناك عدة روايات تجيب على هذا السؤال لأكثر من زاوية في الإنسان نأخذ شاهداً واحداً من رواية تكشف مفاتيح تلك العلامات التي ينشدها كل مؤمن يحب ربه سبحانه، فقد روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عن آبائه عن جده رسول الله ﷺ أنه قال: إذا أحب الله تعالى عبدا ألهمه الطاعة، وألزمه القناعة، وفقهه في الدين، وقواه باليقين، فاكتفى بالكفاف، واكتسى بالعفاف، وإذا أبغض الله عبدا حبب إليه المال، وبسط له الآمال، وألهمه دنياه، ووكله إلى هواه، فركب العناد، وبسط الفساد، وظلم العباد.
م: ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج 1 - الصفحة 508.
تعليق: ينبغي أن نقرأ الرواية بعمق وتأمل ففيها مفاتيح وأسرار تصلح الإنسان وتزكيه هنا الرواية ذكرت علامات يُعرف من خلالها حب الله لعبده وهي «ألهمه الطاعة - ألزمه القناعة - وفقهه في الدين - قواه باليقين - فاكتفى بالكفاف - واكتسى بالعفاف».
زاهر حسين العبد الله