الرغبة في المخاطرة ينبغي اعتبارها سمة شخصية كالذكاء
4 أكتوبر 2017
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 287 لسنة 2023
Willingness to Take Risks - a Personality Traith
هل أستثمر أموالي أم أتركها في حسابي البنكي: حساب التوفير؟ هل أجري عملية جراحية أم لا؟ نتخذ مثل هذه القرارات ونعلم أن هناك آثار تترتب عليها وتنطوي على مجازفة «مخاطرة». ولكن ما هي طبيعة النزوع إلى المخاطرة والانخراط في سلوكيات تدفع باتخاذ قرارات تنطوي على مخاطر؟ هل نزوعنا إلى الاقدام على المخاطرة يعتمد على السياق أم أنه يمتد ليشمل كل الحالات مهما كانت؟ الإجابة: كلاهما صحيح، وفقًا لنتائج دراسة شملت عينة كبيرة جدًا من المشاركين قام بعا باحثون من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين وجامعة بازل، بتمويل من مؤسسة العلوم الوطنية السويسرية.
ولتقييم النزوع إلى المخاطرة لدى 1507 راشدًا يتراوح سنهم ما بين 20 و36 عامًا، استخدموا ثلاثة سيناريوهات مختلفة عن بعضها: تقارير ذاتية «يرسلها المشارك نفسه» على سيناريوهات مخاطرة افتراضية، واختبارات سلوكية تجريبية تتضمن حوافز مالية، بالإضافة إلى معلومات عن أنشطة محفوفة بمخاطرة فعلية في الحياة اليومية. في المجمل، أكمل المشاركون 39 اختبارًا على مدار اليوم. ولفحص مدى ثبات نتائج النزوع إلى المخاطرة بمرور الزمن، طلب الباحثون من 109 مشارك تكرار نفس الاختبارات بعد ستة أشهر. الدراسات السابقة التي أُجريت على النزوع للمخاطرة استخدمت في الغالب أداة قياس واحدة فقط أو عدد قليل من أدوات القياس المختارة.
عامل ثبات النتائج على مرور الزمن
”تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن النزوع إلى المخاطرة له بنية سيكومترية [1] مماثلة لسمات الشخصية [2] . يقول الدكتور ريناتو فراي Renato Frey من جامعة بازل ومعهد ماكس بلانك للتنمية البشرية:“ كمعامل الذكاء العام [3] ، هناك أيضًا معامل عام لـ النزوع إلى المخاطرة ”.“ وبعبارة أخرى، قد يختلف استعداد الشخص لتحمل المخاطرة في مجالات مختلفة من حياته، ولكنه سيتأثر دائمًا بالمعامل العام لـ النزوع إلى المخاطرة الذي يكمن وراء هذه الرغبة في المخاطرة. " ودعمًا لهذه الفكرة، تبين نتائج الدراسة أن المعامل العام لـ النزوع إلى المخاطرة لدى الأفراد يظل ثابتًا مع الزمن.
والنتائج الأخرى لهذه الدراسة هي أن السيناريوهات الافتراضية والتقارير المتعلقة بسلوك المخاطرة الفعلي رسمت صورة مماثلة للنزوع الفرد إلى المخاطرة. ومع ذلك، ظهرت صورة مختلفة نوعًا ما من الفحوصات التجريبية للسلوك. تحليل مفصل لهذه التناقضات كشف أن مشاركين مختلفين في فحص السلوك استخدموا استراتيجيات مختلفة لاتخاذ القرارات. وتعتمد هذه الأمور على نوع المهمة السلوكية، سواء أكانت تمثل مخاطرة في سياق لعبة ما [فعلية]، على سبيل المثال، أو في صيغة مجردة [افتراضية]. يقول البروفيسور يورغ ريسكامب Jörg Rieskamp من جامعة بازل: ”هذه النتائج تبين أن الفحوصات السلوكية، التي يفضلها الاقتصاديون، غالبًا ما تعطي صورة غير متسقة عن النزوع إلى المخاطرة لدى الناس والتي يصعب تفسيرها من خلال نظريات موحدة عن سلوك المخاطرة“
فهم سلوك المخاطرة بشكل أفضل
هذه النتائج مهمة من الناحية المنهجية «العملية» والنظرية على حد سواء: ”دراستنا هي بمثابة جرس انذار للباحثين، الذين يحتاجون إلى التفكير مرتين قبل اجراء القياسات المختلفة. وعلى وجه الخصوص، يجب أن يكون هناك معرفة وفهم لما تقيسه المهام السلوكية بالضبط. يقول البروفيسور رالف هيرتويغ Ralph Hertwig من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية:“ يبدو من الواضح أنهم لا يقيمون النزوع إلى المخاطرة في كل الحالات ”.“ لكن اكتشافنا للمعامل العام لـ النزوع إلى المخاطرة - استنادًا إلى التقارير الذاتية ومقاييس تكرار الأنشطة المحفوفة على المخاطرة الفعلية - يفيد بأن النزوع إلى المخاطرة هو سمة شخصية في حد ذاتها. ستتيح هذه الفكرة الثاقبة إمكانية فحص الأسس البيولوجية لـ النزوع إلى المخاطرة في الدراسات المستقبلية.
نشرت الدراسة في دورية تقدم العلوم [4] Science Advances.