لدى الذين يعانون من عسر القراءة نقاط قوة ومميزات فريدة بإمكان أرباب العمل أن يستغلوها ويستفيدوا منها
بقلم سارة رحيمي، مرشحة لدرجة الدكتوراه في إدارة الأعمال والإدارة، جامعة كونكورديا
12 سبتمبر 2023
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 294 لسنة 2023
People with dyslexia can bring unique strengths and advantages to the workplace
Sarah Rahimi، PhD Candidate in Business Administration and Management، Concordia University
September 12,2023
أرباب العمل لا يستفيدون كما يجب من قدرات المصابين بعسر القراءة
عسر القراءة [1,2] هو من أكثر صعوبات التعلم شيوعًا في العالم، ويعاني ما يصل إلى 15 إلى 20 بالمائة من السكان من صعوبات تعلم لها علاقة باللغة [حيث يجد الطالب صعوبة في النجاح بسبب عسر القراءة [3] ]. إذا لم لديك عُسر قراءة، فقد تعرف شخصًا لديه هذا النوع من صعوبة التعلم.
يتميز عسر القراءة بصعوبات في القراءة والكتابة والتهجئة. كحال صعوبات التعلم الأخرى، الذين يعانون من عسر القراءة يعالجون دماغيًا المعلومات والتعلم [4] بشكل مختلف عن الذين لا يعانون من هذه المشكلة.
على الرغم من أن صعوبات التعلم غالبًا ما توصف بأنها مشكلة من مشكلات مرحلة الطفولة، إلا أنها حالات تستمر مع المصاب مدى الحياة وحتى تلاحقه إلى مكان عمله. يعاني الذين لديهم عسر قراءة من صعوبة في العثور على وظائف[5] وغالبًا ما يواجهون تحديات بمجرد تعيينهم على رأس العمل بسبب هذا النوع من صعوبات التعلم الذي يعانون منه.
قد يؤدي عسر القراءة إلى صعوبات في التنظيم وإدارة الوقت [6] والقراءة والكتابة ومهارات التواصل الفعال [7,8] وفهم التعليمات والارشادات المعقدة «المركبة». قد تتفاقم هذه التحديات إذا لم يوفر أرباب العمل تسهيلات «وسائل» تساعد الذين يعانون من عسر القراءة على أداء وظائفهم.
لكن الذين يعانون من عسر القراءة غالبًا ما يأتون إلى العمل ومعهم أيضًا نقاط قوة فريدة [9] . أرباب الأعمال عادة ما يفوتون فرصة الاستفادة من إمكانات هؤلاء الفئة من الموظفين غير المستغلة أو يغفلون القدرات التي يأتون بها إلى مكان العمل أو يقللون من شأنها.
المفاهيم الخاطئة والوصم
بموجب قانون حقوق الإنسان الكندي، يتمتع الأفراد بالحماية من التمييز بسبب الإعاقة [10] ، بما في ذلك صعوبات التعلم، مثل عسر القراءة. ومع ذلك، فإن المفاهيم الخاطئة والوصم [11] غالبًا ما تصعِّب على المصابين الإفصاح عن معاناتهم بعُسر قراءة. [المترجم: الوصمة stigma أو السمة هي الرفض الاجتماعي الشديد لشخص أو مجموعة من الناس وذلك لأسباب اجتماعية مميزة مقبولة عند الغالبية منهم، بحيث يوسم فاعل الأمر غيير المقبول اجتماعيًا بها ويُميز عن باقي أفراد المجتمع [11] ].
على الرغم من أنه قد يكون هناك فوائد للافصاح عن مثل هذه المشكلات الشخصية للآخرين [12] ، مثل الحصول على تسهيلات، كبرامج لتحويل النص إلى كلام أو نوع معين من خطوط الكتابة ملائمة لمن لديه عسر قراءة في مكان عمله، إلا أنه يمكن أن يكون للإفصاح عن هذه الاعاقات أيضًا تبعات سلبية.
يمكن أن يؤدي الافصاح عن هذه الصعوبات إلى شعور العمال المفصحين بالعزلة [13] والتعرض للتمييز ضدهم وإلى توقعات أقل من مدرائهم وزملاء عملهم لقدراتهم التي يمكن أن يساهموا بها لمصلحة عماهم.
قد يُعزى مثل بعض هذه المشكلات التي يعاني منها المصابون بعسر القراءة إلى الوصمة [11] المتعلقة بعُسر القراءة نفسها. على الرغم من أن عسر القراءة هو النوع الأكثر شيوعًا من بين أنواع صعوبات التعلم، إلا أنه يُساء فهمه على نطاق واسع في المجتمع. هناك نقاش يدور حول الاضطرابات النفسية والإعاقات الجسدية أكثر من النقاشات التي تدور حول صعوبات التعلم، لذلك يجهلها الناس.
أحد أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا حول صعوبات التعلم هو أن وجود صعوبات التعلم يجعل المصاب في أعين الناس أقل ذكاءً. لكن هذا ادعاء ليس صحيحًا. العديد من الذين يعانون من صعوبات التعلم يتمتعون بذكاء متوسط أو فوق المتوسط [14] .
هذه الوصمة الضارة قد تؤدي إلى انخفاض في مستوى تقدير الذات [15,16] أو الضغط النفسي [17] أو الشعور بالخزي [18] أو العزلة الاجتماعية [19] . ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى اعتبار الذين يعانون من عسر القراءة ملزمين قانونيًا بما يقومون به في العمل.
ولهذا السبب، يختار العديد من الذين يعانون من عسر القراءة ألَّا يفصحون عن حالتهم [20] . وهذا يمكن أن يثبط عزيمتهم عن البحث عن تسهيلات [وسائل تساعدهم على أداء مهماتهم] أو عن البحث عن مساعدة في مكان العمل، مما يعيقهم عن إعطاء / إبداء أفضل ما لديهم.
من سلبيات الافصاح عن الذات شعور الموظف بالعزلة وبالتمييز ضده
على أولئك الذين لا يفصحون عن صعوبات التعلم التي يعانون منها أن يجدوا أساليب بديلة لإدارة هذه الصعوبات دون مساعدة رب العمل. بالنسبة لمعظم الذين لديهم عسر قراءة، فإن معرفة أسلوب تعلمهم يمكن أن يساعدهم على التكيف وجبر صعوبات التعلم التي بعانون منها [21] .
من المهم جدًا للذين لا يعانون من عسر القراءة أن يتثقفوا أكثر عن موضوع عسر القراءة حتى يتمكنوا من فهم / تفهم المصابين به ودعمهم بشكل أفضل. بإمكان هذه المعرفة أن تمكّن هولاء من الدفاع عن الذين يعانون من عسر القراءة، والحد من الوصمة المقترنة به وإنشاء أماكن عمل أفضل وأكثر شمولية [المترجم: مكان العمل الشمولي يُعرَّف على أنه بيئة عمل تجعل كل موظف يشعر بأنه موضع تقدير وأنه أيضًا مختلف عنبقية الموظفين وأن بإمكان هذه الاختلاف أن يساهم ايجابًا في ثقافة الشركة [22] [المترجم: ثقافة culture الشركة أي الأسلوب الملائم للتصرف داخل الشركة، وتتكون من المعتقدات والقيم المشتركة التي وضعها قادة الشركة وعززوها بأساليب مختلفة من أجل تصحيح سلوك الموظف في جدود ثقافة هذه الشركة. يتميز مكان العمل الشمولي أيضًا بالعمل الإيجابي، حيث يُحد من أي تأثير للتحيز / للتمييز/ لعدم تكافؤ الفرص [23] ]...
المزايا التي يتمتع بها الموظفون الذين يعانون من عسر القراءة
نظرًا لأن الذين يعانون من عسر القراءة يعالجون المعلومات دماغيًا ويفكرون بشكل مختلف عن الآخرين، وبإمكانهم أن يجليوا معهم القدرات المميزة التي يتمتعون بها إلى مكان عملهم والاستفادة منها هناك.
يتميز الذين لديهم عسر القراءة بأنهم يتمتعون بالتفكير المرئي [24] وبإمكانهم في كثير من الأحيان رؤية الصورة الأشمل «الصورة الكبيرة» big picture [من مميزات الصورة الأشمل لموضوع معين ملاحظة الأنماط واتجاه البيانات ونقاط الارتباط بين أشياء مختلفة للتعرف على ما إذا كان هناك تشابه والتركيز علي الغاية لا التفاصيل [25] ]. يمكن أن يساعدهم ذلك على تصور سيناريوهات معقدة والتوصل إلى حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات / للمسائل.. [المترجم: التفكير المرئي visual thinking شكل من أشكال التفكير غير المنطوق والتي تشمل التفكير الحسي kinesthetic، والموسيقي والرياضي والتفكير المرئي هو مجموعة من الكفاءات المقترنة بحاسة البصر والتي تمكِّن الشخص من فهم وتفسير الرموز والاشكال البصرية التي يشاهدها في البيئة التي يعيش فيها «24»].
يتمتع الذين لديهم عسر القراءة أيضًا بمهارات أعلى من المتوسط في حل المسائل / المشكلات «25»، ويتمتعون بمهارة التفكير الإبداعي [26] والتوصل إلى أفكار مجردة وفريدة من نوعها - وكل ذلك يؤدي إلى بيئة عمل أكثر ابتكارًا وإنتاجية.
بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتمتع الذين يعانون من عسر القراءة بالمرونة والمثابرة بسبب خبرتهم في التغلب على التحديات والحواجز التي تعيقهم. يمكن أن يؤدي هذا إلى أخلاقيات عمل قوية وتصميم وتحفيز للوصول إلى تحقيق أهدافهم.
تشييد أماكن عمل شمولية [22,23]
يقع على عاتق أرباب العمل واجب توفير تسهيلات معقولة تساعد الموظفين الذين يعانون من صعوبات التعلم على ضمان حصولهم على الدعم اللازم الذي يحتاجونه للقيام بمقتضيات وظائفهم بشكل جيد.
يمكن أن تكون أماكن العمل أكثر ملاءمة وذلك بتزويد الموظفين بتقنيات تساعدهم في عملهم، ومنها السماح لهم بالعمل حسب جداول عمل مرنة، وتعديل المهام الوظيفية وأساليب التدريب، وتوفير المواد الارشادية والتدريبية ضمن تشكيلات متنوعة.
الدعم هو عبارة عن التزام مستمر، وليس جهدًا عابرًا. يجب أن يكون أرباب العمل على استعداد لتقديم المساعدة المستمرة لموظفيهم وأن يكونوا متفهمين لاحتياجاتهم ورغباتهم وداعمين لها.
لدى من يعانون من عسر القراءة الكثير من الاسهامات التي بإمكانهم أن يقدموها إلى مكان عملهم. وإنشاء بيئة عمل شمولية وملائمة لهؤلاء يمكن أن يعزز تنوع القوى العاملة ويحسِّن الإنتاجية والابتكار والأداء. وتحقيق ذلك من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى خلق بيئة عمل داعمة ومنتجة بشكل أكثر لجميع العاملين بغض النظر عما إذا كانوا يعانون أم لا يعانون من صعوبات التعلم.