كيف يتسنى لنا حل المشاكل
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ صدق الله العلي العظيم [سورة البقرة - 286].
في اللغة الإنجليزية، تعتبر أي مسألة تمر على الإنسان، حتى لو كانت دراسية، مشكلة «a problem». مصطلح ”مشكلة“ شامل لكل ما يحتاج إلى حل.
في الغالب، الإنسان فضولي، ويحب أن يتعرف إلى ما هو حوله. ابتدأ العلم بالفلسفة إذ يحاول البشر إيجاد إجابات مقنعة لبعض المسائل المتعلقة «Hayden، 2016». من الفلسفة، اشتقت علوم كثيرة، منها ما بقي معها، ومنها ما انفصل. وتعتبر الرياضيات أفضل وأدق أداة لحل المسائل التي تواجه الإنسان «Russell، 2021».
الإنسان طبيعيا كسول ولا يحب المواجهة، ويحاول أن يرمي إخفاقاته على سواه وغيره، وهذه صفة بشرية طبيعية كما يشرح الأمر بالتفصيل «Erikson، 2021».
ذكرنا أن الرياضيات أداة معصومة من الخطأ وتؤدي إلى نتائج حاسمة، هذا لا يعني أن الإنسان لا يخطئ في حل مسائلها أو أن يأتي بنموذج رياضياتي خاطئ. كثيرون يستصعبون الرياضيات، بالرغم من أنها من أفضل الرياضات للدماغ. والتمكن من الرياضيات يساعد في حل الكثير من المسائل المتعلقة، حتى وإن لم ترتبط مباشرة بالرياضيات. وكثير من الناس وعلماء النفس يقرنون الذكاء بالقدرة في التعامل مع الرياضيات.
يعتبر عالم الرياضيات المجري جورج پوليا «Pólya، 2022» من الأساتذة الذين حاولوا وضع طرق مبسطة لحل المسائل الرياضياتية.
ومن خلال جميع آراء متخصصين في الرياضيات، وعلم النفس، والفلسفة، نحاول أن نضع بعض الخطوات للتعامل مع المشاكل التي تواجهنا.
أولا، وقبل كل شيء، علينا أن نعترف بوجود مشكلة. عدم الاعتراف لن يحل المشكلة. وبسبب عدم الاعتراف، أَفَلَت وماتت حضارات واستبدلت بغيرها. ثانيا، وكما ينصح توماس إريكسون «Erikson، 2021»، علينا أن نتبنى المشكلة ونواجهها بحزم، بدلا من أن نرميها على غيرنا، أو نجد كبش فداء لإخفاقاتنا، وتعتبر ”نظرية المؤامرة“ أكثر متهم بريء في هذا المضمار.
وبعد الاعتراف والمواجهة، نرتب أمورنا حسب الآتي:
ما المتغيرات التي تعتمد عليها المشكلة «مثلا، ما سبب ارتفاع درجة الحرارة وما العوامل التي تؤثر فيها»؟ هل نمتلك بيانات سابقة بخصوص هذه المشكلة؟ ما ظروف هذه المشكلة؟ إذا لم تتوفر لدينا بيانات مسبقة، فعلينا الحصول على بيانات جديدة من خلال التجربة. هل نستطيع أن نحتوي المشكلة أو نسيطر عليها أو نخفف من حدتها؟ كيف نتعايش معها؟ هل عندنا معرفة كافية بالمشكلة، أم أننا بحاجة إلى بحث أبعد مما هو متاح؟ هل نستطيع حصر المتغيرات والمؤثرات؟ هل نستطيع رسم صورة المشكلة بيانيا؟ احصر المسببات، وافصلها عن بعضها البعض، واكتشف العلاقات المباشرة - وغير المباشرة - بينها. هل نستطيع ربط علاقات بين المتغيرات والمجاهيل؟ دَوِّن كل شيء في ورقة.
هل واجهنا هذه المشكلة من قبل؟ هل واجهنا مشكلة مشابهة لها؟ اكتشف الرابط بين المجاهيل والبيانات. تفحص المجاهيل. هل هناك رابطة مباشرة بين المجاهيل والبيانات، أو غير مباشرة؟ إن وجدت مشكلة مشابهة وتم حلها، هل نستطيع أن نستفيد منها؟ هل نستطيع استخدام نفس الأدوات التي حلت المشكلة المشابهة؟ هل يجب علينا إضافة عناصر جديدة لحل هذه المشكلة؟ هل نستطيع إعادة صياغة المشكلة بأكثر من صورة؟ هل نستطيع صياغة الفرق بين مشكلتنا الجديدة مع المشاكل المشابهة التي تم حلها؟ إن لم تستطع حل المشكلة مباشرة، حاول حل مشاكل مشابهة بصورة أبسط. هل نستطيع على الأقل حل جزء من المشكلة؟ هل هناك عوامل أخرى لم نلتفت إليها تتعلق بالمشكلة؟
نفذ الخطة التي رسمتها في الخطوة السابقة. راجع كل خطوة وتفحصها جيدا. هل تستطيع التحقق من صحة كل خطوة؟ هل تستطيع إثبات صحتها؟
هل تستطيع مراجعة ناتج الحل؟ هل نستطيع الحصول على نفس الحل باستخدام طرق مختلفة؟ هل وضحت الصورة؟ هل تستطيع أن تستخدم الناتج أو الأدوات لحل مشاكل أخرى مشابهة؟
لنأخذ مسألة الاحتباس الحراري كمثال. علينا أولا أن نعترف بوجود هذه المشكلة، كون هناك كثيرون يظنون بأن القضية مجرد مؤامرة، ومن ضمن هؤلاء رئيس الولايات المتحدة السابق دونالد ترامپ «Cheung، 2020». وإذا اعترفنا بها، علينا أن نعرف الأسباب، ومن ضمنها نحن البشر، وعلينا أن نواجه هذه المشكلة نحن لا غيرنا، وألا نترك الوضع للطبيعة لتصحح الدمار الذي تسببنا فيه ضد البيئة.
1 - لنفهم كيف زادت درجة الحرارة في الجو. وما الأسباب؟ بكل بساطة، هناك جزيئات في الجو تساهم في تخزين الحرارة، ومن ضمنها غاز الميثان الذي تنفثه الأبقار وغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج من عوادم السيارات والمصانع.
2 - كيف نساهم في التخفيض من انبعاث هذه الغازات؟ قلل من عدد رأس الأبقار. استخدم سيارات كهربائية بدلا من سيارات تعتمد على الوقود الأحفوري. ضع حدود قصوى في إنتاج المخلفات لكل مصنع، أو اطلب من المصنع معالجة الأمر.
3 - ننفذ الخطة، ونراقب.
4 - نراجع إن نجحت خطتنا أم لم تنجح. إن نجحت، نواصل عليها. إن لم تنجح، علينا إيجاد بدائل أخرى.
