آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 11:58 م

وخبز في يدي لم يقضم

سهام طاهر البوشاجع *

أحذية تناثرت، وأباريق انسكبت على الأرض، ومواقد لم تطفأ، وأبواب لم توصد، حتى الخبز الذي في يدي حين هممت أن أقضمه لم يقضم، طارت الأشياء في السماء بلا أجنحة، وتهاوت على الأرض دون أن تكون هناك أرائك تستند عليها أو أسرة، لم تعد الصور تحدها البراويز ولم تبق أقلامي في أدراجها.

لست الوحيد من ارتسمت تلك اللوحة السريالية أمام عينيه، واصطبغت ألوانها جسده، صرنا مئات بل ألوف، لحظة طمع فيها غيرنا بما في أيدينا.

نحن الذين صرخنا منذ عشرات السنين ولم تخفت صرخاتنا بل ما زالت تتعالى يوما بعد يوم حتى بحت اليوم لها حناجرنا.

فلسطين وطن أو ليس بوطن هو مأوى، بل طمأنينة، هو كل ما أعرفه على مجرة درب التبانة.

لم أسافر ولم أهاجر ولم أفكر في يوم أن أترك جدران بيتي المتشققة، ومدرستي المتهالكة، وطرقات بيتي المدجج بالحجارة الصغيرة، التي لم أرفعها بل ظننت أن وجودها سيمكنني من حماية وإن كانت مؤقته.

اليوم وقد اختلطت باللحم والعظم والدماء، صار بقاؤها لازم بل واجب، بل قوة لا يستطيع أحد أن يفكر بإزالتها.

فلسطين وما عشت فيك من أيام وليالي وساعات بين بسالة أبنائك وخوف أمهاتك وقلق آبائك وحيرة أطفالك، ستبقين الجرح اللذيذ، والألم الممزوج بالأمل، والدافع لأن أبقى قصة صمود على مدى الأزمان وأجد فيك الثورة الكبرى وأيلول الأسود وثورة الفدائيين وحرب غزة والانتفاضة الأولى والثانية، بانتصارات لا هزائم، وسأنثر مع الأرز ورد كل الألوان فيه إلا لون الدم ووشاح الفقد الأبيض.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز