قد تشعر بالحرقة من تناول طعام متبل بالفلفل في اللحظة، لكنه قد لا يضر بصحتك في الأمد الطويل
بقلم بول د. تيري، برفسور علم الأوبئة بجامعة تينيسي
10 أكتوبر 2023
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 288 لسنة 2023
Spicy food might burn in the moment، but it likely won’t harm your health in the long term
Paul D. Terry، Professor of Epidemiology، University of Tennessee
October 10,2023
لدى كل شخص قدرة مختلفة على تحمل الطعام المتبل بالفلفل [الأطعمة الحارة، اختصارًا] - فالبعض يرغب في الأطعمة الحارقة، بينما البعض الآخر لا يستطيع تحمل حتى الأطعمة الحارة. لكن الإجماع العلمي عما إذا كانت الأطعمة الحارة يمكن أن يكون لها تأثير - إيجابي أو سلبي - على الصحة لا يزال غير واضح إلى حد كبير.
في سبتمبر 2023، توفي صبي من ماساتشوستس يبلغ من العمر 14 عامًا بعد تناوله رقائق بطاطس حارة كجزء من مسابقة شعبية: ”حيث أكل رقائق بطاطس شركة باكي ون شيب شالنج [1] Paqui One Chip Challenge“ والتي يُستخدم فيها فلفل كارولاينا ريبر [2] Carolina Reaper وفلفل نغا ڤايبز Naga Viper واللذين يعدان من بين أكثر أنواع الفلفل حرارة في العالم [3] .
على الرغم من أن وفاة الصبي لا تزال قيد التحري من قبل مسؤولي الصحة، فقد أزيلت أكياس بعض رقائق البطاطس الحارة المستخدمة في هذه المسابقات من رفوف البقالات.
كباحث في علم الأوبئة، أنا مهتم بمدى تأثير الأطعمة الحارة في صحة الناس واحتمال تفاقم الأعراض المرتبطة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض الأمعاء الالتهابية [4] ، وأنا أيضًا مهتم بمدى تأثير الوجبات الغذائية، بما فيها الأطعمة الغنية بالتوابل، في إطالة عمر الشخص أو تقصيره.
إغراء الطعام الحار
الطعام الحار قد يعني الطعام الذي يحتوي على الكثير من التوابل، مثل الكاري الآسيوي أو أطباق تكس مكس [اسم منحوت من تكساس والمكسيك مشهور عند الامريكان من أصول مكسيكية [5] ] أو طبق دجاج البابريكا الهنغاري [دجاج متبل ب البربيكا] [6] . ويمكن أن يرجع أيضًا إلى الأطعمة الحارة جدًا بسبب ال كابسيسين، وهو مركب كيميائي موجود بدرجات متفاوتة في الفلفل الحار.
عدد وحدات سكوڤيل لشدة حرارة أنواع الفلفل
كلما ازداد محتوى ال كابسيسين في الفلفل، ازداد عدد وحداته أيضًا على مقياس سكوڤيل [7] ، الذي يحدد الإحساس بحرارة الفلفل.
طعم ال كابسيسين حار لأنه ينشط مسارات بيولوجية معينة في الثدييات، وهي نفس المسارات التي تنشطها درجات الحرارة الحارة. الألم الناتج عن الطعام الحار يمكن أن يحث الجسم على إفراز هرموني الإندورفين والدوبامين. يمكن أن يؤدي هذا الإفراز إلى الشعور بالارتياح أو حتى الشعور بدرجة من النشوة.
في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأماكن أخرى، أصبح عدد الذين يستهلكون الأطعمة الحارة أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك أصناف الفلفل الشديدة الحرارة.
مسابقات تناول الفلفل الحار و”تحديات تناول الأطعمة الحارة“ المماثلة ليست جديدة، على الرغم من أن تحديات تناول الأطعمة الحارة زادت سخونةً - من حيث مستوى محتواها من التوابل وشعبيتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
مقطع فيديو:
تبعات صحية قصيرة الأمد
تتراوح التبعات القصيرة الأمد لاستهلاك الأطعمة الحارة جدًا من الإحساس بالمتعة بحرارة الطعام إلى الإحساس بحرقان مؤلم على الشفتين وعلى اللسان وفي الفم [8] . يمكن أن تسبب هذه الأطعمة أيضًا أشكالًا مختلفة من الألم في القناة الهضمية والصداع والقي [9] .
لو كانت الأطعمة الحارة غير مريحة للأكل، أو تسبب أعراضًا مزعجة، كالصداع النصفي وآلام البطن والإسهال، فمن الأفضل تجنب تناول تلك الأطعمة. فالطعام الحار قد يسبب هذه الأعراض لدى المصابين بأمراض الأمعاء الالتهابية [4] ، على سبيل المثال.
على الرغم من تحديات تناول الطعام الحار، بالنسبة لكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، يعد تناول الطعام الحار جزءً من نمط حياة طويل الأمد يتأثر بالجغرافيا والثقافة [10] .
على سبيل المثال، ينمو الفلفل الحار في مناطق المناخات الحارة، وهو ما قد يفسر سبب استخدام العديد من الثقافات في هذه المناطق الأطعمة الحارة في طهيهم الطعام [11] . تفيد بعض الأبحاث بأن الأطعمة الحارة تساعد في السيطرة على الأمراض التي تنتقل عبر الطعام [12] ، وهو ما قد يفسر أيضًا تفضيل بعض الثقافات للأطعمة الحارة [13] .
مزارع الفلفل في المكسيك
ليس هناك توافق في الآراء
باحثو الأوبئة الغذائية يدرسون المخاطر والفوائد المحتملة لتناول الأطعمة الحارة على الأمد الطويل يمتد لسنوات كثيرة. بعض المخرجات الصحية [14] لتناول الأطعمة الحارة التي دُرست شملت السمنة [15] وأمراض القلب والأوعية الدموية [16] والسرطان [17] والزهايمر [18] وحرقان المعدة والقرحة [19] واضطرابات الصحة النفسية [20] والحساسية للألم [21,22] والوفاة من أي سبب [23] - وتسمى أيضًا الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب [أي احتمال الوفاة من جميع الأسباب نتيجة لأي مرض أو مضاعفات أو حادث ما أو تعرض لشيء ما [24] ].
نتائج هذه الدراسات كانت غير قاطعة، حيث بعض المخرجات الصحية، مثل حرقة المعدة، اقترنت بقوة بتناول الأطعمة الحارة. وكما هو متوقع مع تطور العلوم، فإن بعض الخبراء اصبحوا متيقنين أكثر بشأن بعض هذه الآثار الصحية من غيرهم من الخبراء.
على سبيل المثال، يؤكد بعض الخبراء ثقتهم بأن الطعام الحار لا يسبب قرحة معدة [25] ، على الرغم من أن اقترانه بسرطان المعدة لا زال غير واضح [26] .
حين أُخذت أمراض القلب والسرطان وجميع أسباب الوفاة الأخرى في مجتمع الدراسة بعين الاعتبار، هل تناول الطعام الحار يزيد أو يقلل من احتمال الوفاة المبكرة؟
في الوقت الراهن، تفيد القرائن المستمدة من الدراسات على عينة كبيرة من المشاركين إلى أن الطعام الحار لا يزيد من احتمال الوفاة من جميع الأسباب بين هذه العينة من الناس بل قد يقلل في الواقع من هذه الاحتمالات وقد يطيل العمر [27] .
ومع ذلك، عند الأخذ بنتائج هذه الدراسات في الاعتبار، ضع أيضًا في اعتبارك أن ما يأكله الناس هو جزء من مجموعة كبيرة من عوامل نمط الحياة - كالنشاط البدني ووزن الجسم النسبي والتدخين وتعاطي الكحول - التي لها أيضًا تبعات سلبية على الصحة.
ليس من السهل على الباحثين قياس عوامل الطعام ونمط الحياة بدقة في دراسة قائمة على عينة كبيرة من الناس يمكن تطبيقها على جميع السكان [28] ، على الأقل جزئيًا لأن الناس لا يتذكرون دائمًا تعرضهم للأطعمة الحارة أو يبلِّغون عن التعرض بدقة [29] . غالبًا ما يحتاج الأمر للعديد من الدراسات تُجرى على مدى سنوات عديدة للوصول إلى نتيجة قاطعة عن مدى تأثير العامل الغذائي في جانب معين من الصحة.
لا يزال الباحثون لا يعرفون تمامًا لماذا يستمتع الكثير من الناس بالأطعمة الحارة بينما لا يستمتع بها «يتألم منها» آخرون [30] ، على الرغم من وجود الكثير من التكهنات [31] بشأن العوامل التطورية والثقافية والجغرافية حول أساسها، بالإضافة إلى العوامل الطبية والبيولوجية والنفسية [32] .
ومع ذلك، هناك شيء واحد يعرفه الخبراء بالتأكيد، وهو أن البشر هم الوحيدون الذين يتناولون عن قصد أطعمة حارة بدرجة كافية تسبب لهم آلمًا، وكل ذلك من أجل المتعة [31] .
