آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 12:36 ص

علينا الانتباه من تأثير وسائل التواصل على نماء أولادنا الاجتماعي

غسان علي بوخمسين

أصبحت وسائل التواصل تشغل وقتاً طويلاً من أنشطتنا اليومية المعاصرة، بحيث لا يمكننا تخيل قضاء يوماً واحداً بدونها، فمن خلالها نجري المحادثات والتواصل مع الآخرين، ونتعرف على أخبار وأحداث العالم، ونمارس الترفيه والتعلم وغيرها من الأنشطة المتعددة، إضافة للمهام الأخرى التي ننجزها بجهازنا المحمول التي لا يمكننا الاستغناء عنه ولو لساعات.

هذا الاعتماد شبه الكلي على التقنية ووسائل التواصل، خّلف مشكلات وظواهر اجتماعية سلبية، منها ضعف التواصل بين الناس، واكتفاؤهم بالتواصل الافتراضي في وسائل التواصل، حيث صرنا نشاهد كثيرا من العادات الاجتماعية مثل حفلات الزواج أو مناسبات العزاء التي كنا نحضرها بالسابق، صرنا نكتفي برسائل نصية في وسائل التواصل لأهل المناسبة، ولا شك أن جائحة كورونا قد عززت هذه الممارسة كثيراً، بسبب فرض التباعد الاجتماعي وفترات الحجر والحظر التي دامت لأشهر طويلة خلال الأزمة، ما جعل هذه الممارسات مقبولة مجتمعياً إلى حد كبير.

في رأيي، المشكلة تظهر على نحو أكبر وأسوأ على الجيل الصاعد، اقصد بالخصوص ما يسمى جيل ألفا أي مواليد عام 2010 وصاعداً، فهم تبنوا التكنولوجيا منذ الولادة، والملاحظ أن الوباء فرض على أبناء جيل ألفا التوجه إلى حد بعيد نحو الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف جوانب حياتهم، بدءًا من التعلم عن بعد ووصولهم إلى المحتوى الرقمي، وصولاً إلى التسوق والترفيه.

ووفقا للخبراء، فإنهم يعتبرون الألعاب وسيلة للتعبير عن الإبداع، فهم أكثر استعدادا بمرتين من جيل زد «مواليد 1997 - 2010» لاعتبار الألعاب شكلًا من أشكال التعبير الذاتي.

لذلك نجد عزوفاً كبيراً من أبناء هذا الجيل عن المشاركة الجماعية في الأنشطة الاجتماعية واكتفائه بعالمه الافتراضي من ألعاب ووسائل تواصل، وهذا يشكل خطورة كبيرة على نموهم الاجتماعي والفكري وتكوين الخبرات والذكريات والمهارات الحياتية، فكل هذه المهارات لا بدَّ لها من تواصل والتقاء مباشر بين الأفراد لتحقيق التواصل الفعال المليء بالعاطفة، أما التواصل من خلال الشاشات والمحادثات النصية لا يحقق هذه المهمة، لذلك يُخشى على هذا الجيل من نقص في خبراته الحياتية وخلل في تواصله الاجتماعي بل ونقص في استعداده للمستقبل حين وصوله لسن الجامعة، ومن بعدها لسوق العمل والزواج وتكوين الأسرة وتحمل مسؤولية التربية، بسبب قلة الاحتكاك والتعامل ونقص المخزون في الخبرات الحياتية وضعف المهارات في التعامل مع المواقف الصعبة.

الحياة المعاصرة أثرت فينا كثيراً ومن أهم عوامل التأثير، تأتي التقنية الحديثة ووسائل التواصل، ولكن التأثير في الجيل المراهق حالياً يكون أشد وأخطر، لأنه الأكثر تأثراً والتصاقاً بهذه التقنية ووسائلها المختلفة، لذلك على الآباء وأولياء الأمور الانتباه لهذه القضية، ومحاولة القيام بدورهم في تربية أولادهم على نحو مباشر وفعال، وتعليمهم مهارات الحياة المختلفة بطريقة تناسب هذا العصر وظروفه.