كيف ينبغي لنا أن نقرر ماذا نفعل وفقًا للمبادئ الأخلاقية؟
29 يناير 2018
بقلم لوري قروين، برفسور في الفلسفة، جامعة ويسليان، مدينة ميدلتاون في ولاية كونتيكت
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 264 لسنة 2023
?How should we decide what to do
Lori Gruen، Professor of Philosophy، Wesleyan University
January 29,2018
يواجه معظمنا قرارات أخلاقية بصورة منتظمة. بعضها بسيط نسبيًا - ربما ابنة عمك أعدت طبخة جديدة لم تكن لذيذة، وعليك أن تقرر إما أن تقول الحقيقة أو تكذب كذبة بيضاء صغيرة حتى لا تجرح مشاعرها.
البعض الآخر يزن الأمور قبل اتخاذ القرار - هل عليه ان يفضح زميله عندما يكتشف أنه يتصرف تصرفاً يمكن ان يعرض الموظفين للخطر في مقر عمله؟ هل عليه ان يتخلى عن الذهاب في اجازة استرخاء ويتبرع بمبلغ تكلفتها لقضية جديرة؟
العمل بما يحقق أفضل النتائج
على مدى الاف السنوات ناقش الفلاسفة كيف يجيبون على هذه المسائل الأخلاقية سواء أكانت كبيرة ام صغيرة. هناك القليل من المقاربات التي صمدت امام اختبار الزمن
احدى المقاربات، والتي غالباً ما نستخدمها في حياتنا اليومية، حتى لو كنا غير واعين بأنها نوع من المداولات الأخلاقية، هي معرفة ما هي تبعات تصرفاتنا ومن ثَمَّ تحديد ما إذا كان أحد مسارات العمل «القرار العملي» [1] سيؤدي إلى نتائج أفضل من مسار آخر. وفي سياق السياسة العامة، غالبًا ما يشار إلى ذلك على أنه تحليل التكاليف والفوائد «تحليل الجدوى» [2] . [المترجم: المداولات الأخلاقية تنطوي على مباديء أخلاقية وتقدير الموقف / الحالة ومراجعة مسارات العمل الممكنة، وتطبيق المباديء واتخاذ القرار باختيار واحد من الخيارات العملية الممكنة[1] ].
كم تساءلنا ما التصرف الصائب الذي علينا اتخاذه
”مبدأ العواقبية [العبرة بالنتيجة] consequentialism [مصطلح يشير إلى فئة من النظريات الأخلاقية المعيارية والتي تحكم تصرف الشخص بناءً على عواقب هذا التصرف [3] ]“، وهي منظومة أخلاقية، يشير إلى أن التصرف السليم الذي يجب القيام به هو التصرف الذي سيحقق أفضل النتائج بالنسبة لجميع المتأثرين بهذا التصرف. ”أفضل العواقب“ هي عادة ما يُظن أنها تحقق السعادة القصوى من رحم المعاناة [4] .
النفعية [5,6] هي الأساس لهذه المنظومة الأخلاقية [7] . المدافع الحي الأكثر بروزاً، وهو الفيلسوف بيتر سينغر Peter Singer «فيلسوف الأخلاقيات الأسترالي وبرفسور الأخلاقيات في جامعة برنستون الأمريكية» [8] قدم حججاً هي الأكثر اقناعاً عن كيف ينبغي علينا ان نتخذ قراراً بشأن ما يلزمنا القيام به. ويقول إنه عندما نستطيع أن نفعل شيئا من أجل تعزيز مصلحة الآخرين، سواء أكانوا قريبين منا أم بعيدين عنا، بشراٌ كانوا أم غير بشر، وبتكلفة قليلة نسبيًا علينا، ذلك ما ينبغي علينا فعله.
هل على المرء أن يتخلى عن السفر لقضاء اجازة ويتبرع بتكلفتها لمحاربة الفقر في العالم
على سبيل المثال، يعاني الأطفال في جميع أنحاء العالم من أمراض وقد يموتون منها مع أنها يمكن الوقاية منها ومنعها بسهولة. ويمكن إنقاذ حياتهم لو تبرعنا نحن الذين نعيش في البلدان الأكثر ثراء بالقليل من ثروتنا للمنظمات التي تكافح الفقر في العالم.
ربما يتمكن للناس من السفر في إجازاتهم بأقل تكلفة أو يأخذون وجبة غدائهم معهم إلى مقر عملهم من المنزل بدلًا من تناول الطعام في المطاعم ومن ثَم التبرع بالمال الذي وفروه من هذه العملية لمساعدة المحتاجين. المعاناة التي من شأنها أن تفوق كثيراً الخسارة الطفيفة في السعادة التي توفرها لنا هذه الكماليات.
اتباع القاعدة
ولكن لماذا نتوقف عند التنازل عن الذهاب في اجازة فاخرة؟ لماذا لا نتخلى عن السفر للاستمتاع؟ بالتأكيد هذا من شأنه أن يكون أكثر نفعًا. في الواقع، لماذا لا نتحاشى ان يكون لنا أطفال أو أن نتبرع بواحدة من الكليتين لشخص هو في حاجة لها؟
عندما أَثرتُ هذه الاحتمالات مع طلابي، غالبا ما كانوا يتذمرون من أن هذا الأمر قد تجاوز الحد. لذلك أنا ادفع بالأمثلة إلى أقصى حد ممكن في محاولة لأكون أكثر وضوحاً حول ما هو الخطأ وما هو الصواب.
تخيل شخصاً في مستشفى يتعافى من عملية جراحية في الركبة الذي صادف ان أعضاءه الحيوية تطابق اعضاء ثلاثة أشخاص آخرين نُقلوا إلى غرفة الطوارئ بعد تعرضهم لحادث مروري. يحتاج هؤلاء الثلاثة إلى متبرعين بالقلب والرئة والكبد.
تخيل كذلك أن ذلك الشخص الذي يتعافى قد سمع أفراد أسر أولئك الذين أصيبوا في الحادث يبكون. طلب هذا الشخص من الطبيب أن يأخذ قلبه ورئته وكبده لإنقاذ الثلاثة. إلَّا أن الطبيب لن يقدم على فعل ذلك - لأن قتل شخص واحد لإنقاذ ثلاثة أشخاص يُعد عملًا غير أخلاقي. لكن لماذا؟ أليس من شأن ذلك ان يجلب المزيد من السعادة!.
الأطباء يقسمون قسم أبقراط على ألَّا يسببوا ضررًا لأي أحد، لذلك كان ذلك أحد الأسباب التي كانت وراء عدم اقدامهم علي ذلك التصرف حتى لو طُلب منهم ذلك. يمكن النظر إلى القسم الأبقراطي على أنه جزء من منظومة أخلاقية أخرى، قسمٌ يحدد التصرف الأخلاقي حين يقوم المرء بالتزاماته أو يتصرف وفقاً للمبادئ الفاضلة. القسم الأبقراطي هو أحد هذه المبادئ.
الأطباء يطبقون هذا القاعدة، ليس من أجل اتباع القاعدة، ولكن لأن هذه القاعدة هي القاعدة الذهبية، عامل الناس كما تحب ان يعاملوك به " يحمي ويعزز القيم المهمة. القيم التي قد ندعو إليها تشمل احترام الناس لأنفسهم، وليس لأعضاء اجسامهم، ومعاملة الآخرين وتطلعاتهم كقيم جديرة بالاهتمام والاحترام.
الرعاية الوجدانية [9]
هناك نهج أخلاقي آخر، وهذا النهج الذي أقوم على تطويره [10] ، ينبثق من الأخلاقيات [11] التي لا تركز فقط على المخرجات أو على الالتزامات، بل على كون الشخص طيباً «صالحاً» داعيًا إلى علاقات رعاية تهتم بالآخر [المترجم: ومنها الرعاية ضمن العلاقات الحميمية بين الأزواج [12] .
كثير من الفلاسفة، وبالعودة إلى زمن أرسطو، قد جادلوا بأن الفضيلة [وهي الدرجة الرفيعة من حسن الخلق [13,14]] يمكن أن تكون مرشدنا. عندما نكتشف ما يجب علينا القيام به، قد نود أن نسأل كيف تنعكس تصرفاتنا على أنفسنا وعلى علاقاتنا التي نقدرها ونقيمها.
هناك العديد من الأفكار المختلفة عما يعتبر بالضبط سمة فاضلة. ولكن من الصعب إنكار الشخص أن كونه محترمًا رحيمًا ومتعاطفًا من الناحية الوجدانية يتحمل المسؤولية عن علاقاته ويعمل على أن تصبح سمة من سمات الفضيلة. شحذ هذه المهارات والعمل بمقتضاها يمكن أن يكون مُثُلًا توجيهية [15] لخياراتنا وتصرفاتنا ونجاحنا وتقدمنا في هذا العالم.
لو كنَّا نسعى جاهدين لنكون أفضل الناس في علاقاتنا المتعلقة برعاية الآخرين والاهتمام بهم [كالرعاية ضمن العلاقة الحميمية بين الأزواج [12] ]، والتصرف بما هو صواب، حتى عندما يكون الحال صعبًا، يمكن أن يكون له مردود غير متوقع
