آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

خطاطون قطيفيون: عالية محمد ابو شومي ”باب الساب“

حسن محمد آل ناصر *

الخطاطة المبدعة والإنسانة الملائكية التي تملك يد الرحمة في دورها الريادي في وزارة الصحة الأستاذة عالية محمد أبو شومي ولدت في القطيف وتحديا في باب الساب الحي العريق بأهله في 1972 م، عشقت الخط العربي، وهامت به وارتبطت بالهندسة والزخرفة، وامتازت بخط الديواني والخط الكوفي أكثر فلهما متعة خاصة حينما تمزج الألوان والأشكال الهندسية، وهذا ظاهر على نماذج من لوحاتها، ونموذج سورة الفلق كان هو التجربة الأكثر إعجابا لدى الجمهور، حاصلة على دبلوم تمريض عناية مركزة ومختبر ودورات في فن الخط.

بدأ حبها وغرامها للخط العربي منذ نعومة أظافرها ونما من عام 1408 هـ حينما بدأت تتدرب من أمشاق الخطاط العملاق الأستاذ المرحوم هاشم البغدادي الذي كانت كراسته تعتبر الشهيرة والمتوفرة والمتاحة في المكتبات والقرطاسيات آنذاك، وممن عكس بيئة العيش مع هذا الكيان الجميل لفت الانتباه لتك الخطوط المكتوبة على جدران منزل ابن عمها الفنان فاضل أبو شومي، والتي كانت تحوي البسملة وغيرها بخط الثلث؛ مما شجعها تخوض التجربة.

مارست وطبقت وجاهدت للتعلم في تلك الكراريس سواء في المدرسة بكتابة اللوحات الإرشادية وأرقام الفصول أو تصاميم أخرى من شعارات وعناوين أبحاث وغيرها في مساعدة المعلمات وحتى في معهد التمريض، والهم الأول الذي كان يراودها ويشغل فكرها هو كيف تحصل على صقل موهبتها في هذا الفن؟ وكيف تجد من يوجهها ويدربها ويأخذ بيدها لهذا الجمال؟! وفي الوقت نفسه كان عملها في العناية المركزة ومسؤولية المنزل يأخذ نشاطها وطاقتها ووقتها.

وهنا الصدفة تلعب دورا هاما مع تلك الفنانة التي مزجت ما بين الهواية والمهنة، في عام 1427 هـ قرأت إعلانا عن معرض للخط العربي بعنوان «مداد» والذي سيقام في صالة مركز الخدمة الاجتماعية بمحافظة القطيف، وكان بالنسبة لها هذا الإعلان مفاجأة من أكبر المفاجآت التي لا تنسى من شدة الفرح والسعادة حيث لقت ضالتها وأخيرا أن هناك من يشاطرها الاهتمام بهذا الحب والشغف والرغبة بالخط العربي وفنه في المنطقة.

بعدما انتهى المعرض المذكور أعلاه راحت تمارس التدريب والتمرين، وتطور موهبتها، رغم المعوقات وعدم توفير مكان خاص ومناسب وإمكانيات لا تذكر فلم يكن سوى طاولة بالكاد تفي بالغرض يتخللها ضوء الشمس المنبعث من نافذة واسعة إلا أنها غرمت بهذا الفن، فالتحقت بدورة خط ديواني عند الخطاط القدير الأستاذ مصطفى العرب، ودورة زخرفة على يد الأستاذ القدير الخطاط حسن الزاهر، وكسبت مهارة لقواعده وترسخ مضامينه، فظهرت براعة فنية واضحة في لوحاتها وكتاباتها الرائعة الأنماط والتي أدخلت من خلال دراستها مزايا وتركيبات وزخارف هندسية في قمة النجاح، فعلى كل حال فقد تيسرت الأمور حاليا من حيث التدريب والتدريس والحمد لله.

التجارب الدولية كانت بمثابة الخبرات والتعارف على قامات عملاقة في فن الخط العربي والزخرفة ومجالات وأدوات صناعية خطية أخرى، فلها مشاركات محلية ودولية ومن أهمها: معرض خطاطي المملكة الذي عقد في النادي الأدبي بالرياض، ومعارض الخط السنوية التي تقام بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، ومهرجان أرامكو الصيفي، والمهرجانات المحلية كالدوخلة والبراحة وواحتنا فرحانه، وعلى الصعيد الدولي، فقد شاركت بمعرض «نبي الرحمة» سنة 1428 هـ المقام في المغرب وهو الأول دوليا لها، ثم توالت المشاركات في دولة الجزائر وبنيالي الشارقة وبنيالي بكين، ومشق الثامن بإسطنبول، ومعرض فني بقاعة جريدة الأهرام بالقاهرة، ومعرض فني لجماعة عشتار بالأردن وغيرهم الكثر.

رغم قلة التشجيع وإعطاء هذا الخط من الانطلاق إلا أن هؤلاء الذين يمتازون بالخط من الخطاطين والخطاطات والطاقات الجبارة والجهود المبذولة لا يوجد دعم من خلاله يستطيعون المضي قدما نحو الأفق الذي يطمحون إليه، على هذا نتمنى من المسؤولين والجهات المعنية أن يكون محل تقدير؛ لأن الخطاط يبذل جهداً ووقتاً كبيراً لإجادة نوع واحد من أنواع الخطوط، ففن الخط صعب، وليس كما يتصوره البعض سهلا، وفي الأخير نتمنى من الله القدير أن يوفقها أن تواصل نشاطها بجد وإخلاص دون توقف.