قراءة أم مطالعة؟
هل نطالع أم نقرأ؟ سؤال يتداوله البعض إذ يحارون في الأسلوب الأمثل للتعامل مع الكتاب. وقبل تناول الموضوع دعنا نتفق على تعريف المصطلحين؛ فرغم أنهما متقاربان هناك فروقات مهمة بينهما، حيث يعني الأول تصفح الكتب مع شيء من القراءة وكثير من تقليب الأوراق دون كثير تعمق فيها، وهو ما يمكِّن القارئ من أن يطالع كتابًا كاملًا خلال دقائق أو ساعات محدودة، وذلك من أجل تكوين خلفية عنه بشكل سريع، قد تكون أيضًا بمزيد من النظر إلى الفهرس والعناوين الرئيسية والفرعية، كل هذا بما لا يمنع من قراءة بعض الصفحات كاملة.
أما القراءة فتعني المطالعة مع تعمق في فهم الكلمات والجمل، وتفاعل مع المعاني التي تقف خلفها وتشمل غالب أو جميع الصفحات. ولذلك فهي الغذاء الحقيقي للعقل، وما يشكل الأرضية الحقيقية للثقافة والمعرفة لكل شخص.
إذن أنحتاج إلى المطالعة أم إلى القراءة؟
الحقيقة أننا نحتاج إلى الاثنتين معًا، فلا غنى لنا عن أي منهما، ففي العالم عدد كبير جدًّا من الكتب ما لا يستطيع المرء أن يقرأ ولو نسبة ضئيلة جدًّا منها. فعندما نعلم أن عدد الكتب المنشورة أو المطبوعة في تاريخ البشرية يزيد على 130 مليون كتاب «أكثر من هذا بكثير في بعض المصادر» فإننا بحاجة إلى الانتقاء من بينها ما يفيدنا فحسب. وهنا يأتي دور الاطلاع على الكتب التي نتصفحها ونطالع فهارسها ونقلب بعض صفحاتها، لنكوّن فكرة عامة عنها، ومن ثم فعندما نرى أن كتابًا ما قد يفيدنا إذا قرأناه كاملًا فإننا نقوم بذلك مستمتعين بكل كلمة وكل حرف فيه. أما حينما نكتشف أن الكتاب قد يكون دون مستوانا المعرفي، أو أعلى منه بكثير بحيث يصعب علينا فهمه، فنكتفي بمجرد مطالعته.
إذن فالمطالعة والقراءة هما فعلان يكمل كلٌّ منهما الآخر، ونستطيع بواسطتهما العبور من المستنقع الآسن للجهل والجمود إلى عوالم متجددة من المعرفة والتجديد الفكري.
”بعض الكتب للتذوق، وبعضها للبلع، وبعضها للمضغ والهضم“. فرانسيس بيكون