منطقة في الدماغ مسؤولة عن الصدق
29 سبتمبر 2014 وحدثت في 15 يناير 2017
المترجم: عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 268 لسنة 2023
Area of the brain responsible for honesty identified
15 January، 2017
هل البشر مجبولون على الصدق حتى لو كان الكذب مجديًا؟ نحن جميعًا نرغب في أن نكون صادقين، بالرغم من أن ثمن النزاهة تتمثل في قول الحقيقه إلَّا أن لكل شخص نقطة تحول «منعطف» حيث أن لكل شيء بطاقة سعر «بطاقة تكلفة» price tag - حتى الصدق [1] الذي هو نتاج تحليل التكلفة والفوائد [2] . في مرحلة ما ربما تحدث حالة ضعف بعد اغراء مجدٍ ويرتكب الكذب،
الدراسة التي نشرت في دورية نتشر للعلوم العصبية [3] Nature Neuroscience أجراها الأستاذ المساعد مينغ هسو Ming Hsu من كلية هاس Haas لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في بيركلي وزملاؤه من معهد فرجينيا للتكنولوجيا تسلط الضوء على تكلفة قول الصدق. وتقرنه بمنطقة في الدماغ تتحكم في الاندفاعات [4] التلقائية.
القشرة ما قبل الجبهية الظهرانية الوحشية كجزء من الفص ما قبل ال - بهي من الدماغ
من الثابت أن القشرة الجبهية الظهرانية الوحشية [5] في الدماغ مهمة لممارسة السيطرة على الاندفاعية «4»، لكن دور هذه المنطقة في الصدق والكذب كان موضع نقاش.
هدف الدراسة التي أجريت بين معهد كاريليون للبحوث في معهد فرجينيا للتكنولوجيا «VTCRI» وجامعة كاليفورنيا في بيركلي، عزل جزء معين من الدماغ مسؤول عن الكذب. وقالت الدكتورة لوشا تشو Lusha Zhu، المؤلف الرئيس للدراسة، وطالبة ما بعد الدكتوراه في ”VTCRI“: ”أردنا أن نحدد ما إذا توجد هناك منطقة في الدماغ معنية بالصدق“.
في عالم العلوم العصبية، من المعروف أن قشرة ما قبل الجبهية prefrontal cortex - وهي منطقة من الدماغ تقع خلف الجبهة - تصبح أكثر نشاطًا عند أخذ قول الصدق في الاعتبار. وقالت تشو ”لو كان هناك مفتاح فى الدماغ، ولو أُغلق هذا المفتاح، فهل يصبح الناس غير قادرين على قول الصدق“
وقالت أدريانا جنكينز Adrianna Jenkins، المؤلفة المشاركة في الدراسة من مختبر الاقتصاد العصبي من جامعة كالفورنيا فيبيركلي، إن الدراسات التي تبحث في دورالقشرة الجبهية الظهرية الوحشية في الصدق حتى الآن، استخدمت في المقام الأول الأساليب التلازمية correlation [لا السببية]، مثل التصوير العصبي. لذا، لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه المنطقة لها دخل بكبح الصدق أو تمكينه.
استكشف مينغ هسو Ming Hsu وفريقه البحثي هذا السؤال بدراسة ثلاث مجموعات من المرضى: مجموعة تعاني من تلف بؤري فيالدماغ [إصابة رضية بؤرية مؤلمة في موضع واحد، ولكن قد تكون هناك مناطق متعددة متأثرة بالاصابة [6] ] في القشرة الجبهية الظهرية الوحشية من الدماغ، ومجموعة أخرى تعاني من تلف في منطقة مختلفة من الدماغ، ومجموعة تحكم أدمغتها سليمة. الثلاث المجموعات كانت متطابقة بشكل عام في السن ونوع الجنس.
واستندت التجارب على الاختبارات الكلاسيكية للكسب الاقتصادي [أي الربح = حين تكون العوائد أكثر من التكاليف]. احد الإختبارات سمح للمشاركين بزيادة مكاسبهم على حساب مشاركين آخرين، والعكس بالعكس. اختبار آخر طلب منهم إرسال رسالة إلى مشاركين آخرين، حيث الكذب من شأنه أن يزيد من المكاسب الشخصية
شاركت المجموعات الثلاث في لعبتين. كلا اللعبتين اقتضتا اتخاذ قرارات بشأن مقدارالمال الذي يجب أن يأخذه الشخص لنفسه أو يعطيه لآخر مجهول، ولكن هناك لعبة واحدة فقط تنطوي على الصدق.
في إحداها، اختار المشاركون ببساطة واحد من خيارين للدفع. على سبيل المثال، أحد الخيارين يقتضي أخذ 10 دولارات لنفسه وإعطاء 5 دولارات للشخص الآخر أو أخذ 5 دولارات لنفسه وإعطاء 10 دولارات للشخص الآخر، الخطوة الأنانية تتمثل في الخيار الأول. اللعبة الثانية كانت مثل الأولى باستثناء أنه بدلاً من اتخاذ الخيار مباشرةً، كان على المشارك إرسال رسالة إلى الشخص الآخر تفيد بأن الخيار ”الأول“ أفضل له أو الخيار ”الثاني“ أفضل له. ثم على الشخص الآخراختيار أحد الخيارين. في هذه اللعبة، الحركة الأنانية انطوت على إرسال رسالة غير صادقة، وضللت المشارك الآخر من أجل تحقيق مكاسب شخصية للشخص الأول.
في هذه اللعبة الآنفة التي لا تنطوي على الصدق، كان سلوك المرضى الذين لديهم تلف في القشرة الجبهية الظهرية الوحشية لا يمكن تمييزه عن سلوك المجموعة الضابطة. ومع ذلك، في اللعبة التي انطوت على الصدق، المرضى الذين لديهم تلف في تلك المنطقة من الدماغ كانوا أكثر استعدادًا من المجموعات الأخرى للكذب من أجل الكسب المالي.
وأوضح هسو حقيقة أن المرضى الذين لديهم تلف في القشرة الجبهية الظهرية الوحشية كانوا أقل قدرة على تطبيق الصدق تشير إلى دور سببي لقشرة الفص الجبهي الظهراني «5» DLPFC في تمكين سلوك الصدق. [المترجم: الدور السببي أن يكون شيء سببًا للآخر] ولأن ال DLPFC معروف بدوره في التحكم في الإندفاعات التلقائية، فإن هذا يشير إلى أن يكون الشخص صادقًا عندما يكون الكذب له مجديًا يتطلب التحكم في الاندفاعية،
لو كان ذلك ”المفتاح“ مكونًا من مكونات قشرة ما قبل الجبهية، افترضت تشو أن من يصابون بتلف في هذه المنطقة من الدماغ سيصبحون أقل احتمالاً لقول الصدق. ولذلك أجرى الباحثون تجارب على أولئك الذين لديهم مناطق سليمة في الدماغ سليمة وكذلك أولئك الذين لديهم تلف في الدماغ.
وقد ثبت أن المشاركين الذين يعانون من تلف في الدماغ لحق بالقشرة ما قبل الجبهية الظهرانية الوحشية dorsolateral prefrontal cortex ”أقل تفاديًا للكذب“ كما قالت تشو. أثبتت نتائج الدراسة أن منطقة معينة من الدماغ تلعب دوراً حاسماً في قول الصدق.
وقالت تشو ”اننا خلصنا إلى ان الجانب الوحشي lateral side من الدماغ يمكن ان يكون مفتاحًا يتحكم فيما لو أردنا تفادي الكذب عندما يكون هناك تعارض بين الصدق والمصلحة الشخصية“.
تُظهر هذه الصورة دماغًا مصابًا بأضرار في القشرة الجبهية الظهرية الوحشية. «عينة فيها الآنسجة العصبية مصابة بمرض مقدمة من البروفيسور ديمتري أجامانوليس Dimitri Agamanolis، مستشفى أكرون للأطفال.» «http://neuropathology-web.org». مصدر الصورة: جامه كالفورنيا في بيركلي
وأشار هسو إلى أن الدراسة، التي وظفت أدوات من علم الأعصاب المعرفي والاقتصاد السلوكي والبيولوجيا النظرية، لها مقتضيات مهمة في فهم التفاعل الاجتماعي والتعاون داخل الشركات وخارجها. وأوضحت تشو أنه بتوظيف العلوم العصبية الحديثة، بإمكاننا ان تحفز أو تثبط «نكبح» مناطق معينة في الدماغ عن بعد - بما في ذلك القشرة ما قبل الجبهية الظهرانية الوحشية.
وقالت تشو ”اننا قادرون مؤقتًا على جعل الناس اكثر أو أقل صدقاً وذلك بالتحفيز الكهربائي لهذه المنطقة من الدماغ“.
وشملت اختبارات الكشف عن الكذب توجيه أحد المشاركين إلى ان يصدق ثم يكذب، وبعد ذلك مقارنة نشاط الدماغ بين كل حالة. مع أبحاث تشو، قد يكون من الممكن تعزيز التركيز على حالة قشرة ما قبل الجبهية الظهرانية الوحشية.
وقالت تشو ”ان احد الأشياء الذي يمكن ان تزودنا به دراستنا - بالاضافة إلى استنتاجاتنا - هو توفير آلة للاشخاص المهتمين بدراسة هذه الانشطة الدماغية“.
ضم فريق البحث جينكينز Jenkins وإريك سيت Eric Set من مختبر الاقتصاد العصبي، ودوناتيلا سكابيني وروبرت نايت Robert Knight من مختبر نايت Knight في قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وبيرل تشيو Pearl Chiu، وبروكس كينغ كاساس Brooks King-Casas، والمؤلفة الرئيسة لوشا تشو Lusha Zhu من معهد فرجينيا للتكنولوجيا.