حتى لا يفلت العقال من لجامه
نعيش في مجتمع متعدد الثقافات والآراء والأفكار المعرفية، يثري واقعنا ويزيده انفتاحًا على بعضه البعض، فيقلل ما نعانيه من التشتت والتشاحن في تقبل الآخر، فيمتص التنافر على الرغم من اختلاف وجهات النظر في رؤى كثيرة.
لكن التلاقح الفكري والتلاقي الثقافي بين آن وآخر، وما يدور من مساجلة وأخذ ورد، يجعل الارتدادات الناتجة عنها أقل خطرًا وتأثيرًا، بعيدًا كل البعد عن الحساسية وردود الفعل، بل يقود إلى تنوع إيجابي نحن أحوج ما نكون إليه في زمن يعج بالكثير من المعلومات المتراكمة والمتداخلة، حيث يواكبها الكثير من المستجدات، منها ما هو مفيد يغذي الفكر الإنساني والنهج التربوي إلى الأفضل.
من ناحية أخرى، هناك ما هو غير نافع وضار على القيم والمبادئ التي نؤمن بها ونتفاعل معها، لأنها في صميم واقعنا وتقاليدنا وعاداتنا، تقلب المقاييس التي تعارفنا عليها ونؤمن بها، وهي حصانتنا من التطرف الفكري والشذوذ السلوكي الذي ينتاب بعض شبابنا وشاباتنا.
وأدهى من ذلك كله هي بعض البرامج التي تبث عن طريق التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت شبه متاحة لصغارنا وأطفالنا في متابعتها بدون رقابة من الآباء والأمهات، بسبب مشاغلهم وارتباطاتهم الأخرى، خاصة ونحن جميعًا نسابق الزمن في مساره المتسارع والمتغير.
لذا قد لا تتاح الفرصة في متابعة الناشئة فيما تتلقاه من معارف سلبية، وهي متاحة لهم بأيسر الطرق المتمثلة في الآيباد والجوالات التي لا يخلو منها أي بيت.
لذا ما أحوجنا إلى انفتاح بعضنا على بعض، ونشر الثقافة المفيدة والهادفة، والوصول إلى طرق مشتركة لمعالجة المستجدات المتسارعة، لنحمي أنفسنا وناشئتنا وشبابنا وشاباتنا، قبل أن يفلت العقال من لجامه، ويسيطر التيه والضلال على معتقداتنا وثقافتنا وسلوكنا، فنندم يوم لا ينفع الندم.