الموت يخطف العلامة المصلي
الموت حق على العباد، وأكثر ما يخافه الإنسان في الحياة هو الموت. لكن الخوف له ما يبرره عند بعض الناس، ولا مبرر له عند آخرين.
أما من لم يؤمن بالله، ويرى أن الحياة الدنيا هي الغاية، فبالتأكيد سيخاف جدا من الموت، لأنه يعني بالنسبة له انتهاء كيانه بالكامل.
أما المؤمنون بالله فهم على درجات، فمنهم العلماء العاملون بعلمهم والمخلصون لله، التي غايتها رضا الله. فمنهم من يردد: «أما آن تخضب هذه من هذه» وأن الموت آنس له من الطفل بثدي أمه، إلى «فزت ورب الكعبة» ومنهم من يشتاق ويتسابق إلى الموت وتحصيل الشهادة كأبطال الطف.
المؤمنون والعلماء العاملون لا يخافون من الموت. ومن المؤمنين من يخاف من الموت، وهذا غير لائق به. فالمؤمن يجب ألا يخاف من الموت، بمعنى ألا يجعل الموت أمرا عظيما وجللا، وذلك لأسباب بسيطة:
أولا: أنه ملاقيه لا محال، فخوفه لن يجعل الموت بعيدا عنه، فالموت حق وواقع عليه وعلى غيره. فالمؤمن يجب ألا يخاف من الموت.
ثانيا: الموت حق، ومن أمر الله، وكل أمر الله خير له ولغيره، فالله لا يفعل إلا ما هو خير للعباد. وما دام المؤمن في سبيل الله فهو لا يخاف ولا يرهب أي شيء، بل يرضى بما اختاره الله له. فإذا اختار له الموت، فقد أحسن له في هذا الاختيار كما أحسن له في اختيارات قدرية سابقة.
ثالثا: الموت على المؤمنين يسير، لأنه يؤمن بالغيب وكثير التفكير في حقائق الموت وما بعد الموت. وهذه أفضل السبل لتهوين الموت على المؤمن، أي الإيمان بالغيب. فكلما كان إيمانه بالغيب أكبر لم تذهل روحه عند الانتقال إلى عالم البرزخ الرهيب. أما غير المؤمن، فإنه حتى لو آمن بالغيبيات، فإن الموت صعب عليه.
عموما فالموت للمؤمن كالطيب ريح يشمه فينعش لطيبه، وينقطع التعب والألم كله عنه، وللكافر كسلع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشد.
كيف لا يكون هذا العالم الجليل من المؤمنين، وهو قضى حياته في طلب العلم ليكون في رضا الله، ويعمل بما أمر الله؟ بدأ رحلته العلمية في عام 1400 هجرية، أما أماكن تحصيله العلمي: القطيف، والأحساء، وسوريا، وقم المقدسة، والنجف الأشرف، حتى أكمل دراسة السطوح، وبدأ بالدراسة في البحث الخارج، في قم المقدسة:
ابتداء من عام 1413 هجرية، فقد درس على يد كبار أساتذة الحوزة العلمية في البحث الخارج أمثال:
- آية الله العظمى السيد محمد الروحاني - قدس سره - فقه في الخلل وبعض بحوث الحج،
- آية الله العظمى السيد أبو القاسم الكوكبي - دام ظله - أكثر بحوث الألفاظ من الأصول وبعض الأبحاث الفقهية،
- آية العظمى الشيخ الوحيد الخرساني - دام ظله - قسم من بحوث الألفاظ في الأصول،
- آية الله العظمى السيد تقي القمي دام ظله - بحث المكاسب وابتدأ في تدريس البحث الخارج في الأصول وكتابة الاستدلالي في الأصول المسمى بالأصول النقية يعرض فيها آراء الأعلام من صاحب الكفاية لسيد الخوئي والسيد الصدر،
- وآية الله العظمى الشيخ علي الغروي وكان هو المسؤول عن الإجابة عن الاستفتاءات،
- وآية الله العظمى السيد علي السيستاني - دام ظله - وقد حضر عنده بحث الصوم والاعتكاف،
- وآية الله العظمى الشيخ إسحق الفياض
كم يحمل هذا العالم الجليل من تحصيل العلم، رحمة الله عليه. إذا مات العالم خلف ثلمة في الدين، على فقد العلماء الربانيين فليبكي الباكون. العلماء الفقهاء الربانيون هم حصون الإسلام، بهم يدافع الله عن قيم السماء وبهم تحفظ الشريعة وبهم يهتدي العباد إلى الصراط المستقيم، وهم ركيزة وأوتاد الأرض، وبهم تستقر الحياة، وهم رسل الله بعد الأنبياء.
رحمة الله على هذا العالم الجليل والباحث والمدقق، صاحب العلم والخلق الرفيع، وعلى العلماء فليبكي الباكون لأنهم حملت الشريعة بعد الأنبياء والأوصياء،
إنا لله وإنا إليه راجعون،
رحمك الله أيها الشيخ والعالم الفاضل،