أسراء الحب
ربما صدق من قال ”من الحب ما قتل“. وكذلك قد صدق القائل ”من أحب شيئاً أعماه“. لعل أبلغ مثالين لذلك هما حب الوالدين لأبنائهم والحب الثنائي بين الرجل والمرأة. فحب الوالدين لأولادهم قد يفقدهم التوازن في تقدير أفعالهم فلا يظنون فيهم إلا خيراً، بحيث يصعب على الوالدين تصديق صدور الشر منهم. والحال نفسه بين العاشقين بحيث يحجب الحب عنهم رؤية مساوئ بعضهم. وذات الإشكال يقع فيه الفرد عندما يبالغ في محبته لهويته وأهلها. بالتالي يصبح الفرد أسير من يحب وما أحب.
يتحول الحب حينها إلى أداة للعصبية والأنانية. فالفرد لا يمكن أن يكون مستقلاً ما لم يكن واعياً، ولا يمكن أن يكون واعياً دون الابتعاد عن التعصب للهوية، الذي كلما زاد وكبر عند الشخص، أي التعصب للهوية، جعل الفرد فاقداً للتوازن والضمير الحي الذي يميل إلى تأنيب نفسه كلما مال للخطأ أو أقترب من ارتكاب جريمة، بينما يمكن للفرد المستقل الوصول إلى راحة الضمير بوعيه واستقلاله.
إن راحة الضمير الجماعية تتسرب وتفتقد ماهيتها عندما يتخذ الجميع قراراً شاذاً بالاعتداء على أهل هوية مخالفة لهم، بل من الممكن أن يتحول هذا الجمع إلى وحشية دون أن يرف له جفن. بوسع أحدنا أن يفكر بصورة حرة، نقدية، على سبيل الفحص والدرس والمراجعة البناءة، كي لا يُمسي أسير صورة أو هوية أو عقيدة.* حينها يتحرر الفرد، أو الجماعة، من كونهم أسراء لما يحبون أو من يحبون.
في المقطع المرفق إفادة شعرية أدبية لترسيخ فكرة الموضوع بعنوان ”فلسفة في الحب“: