الموت يخطف الأستاذ حسين المدن
كان يعاني المرحوم الأستاذ المدن من المرض من فترة طويلة، وكان يرقد بالمستشفى التخصصي بالدمام؛ ومن ثم كان في رحلة إلى الهند لتلقي العلاج، حتى وافاه الأجل وهو في الهند كان المرحوم حسن الخلق مع طلابه في المدرسة وحسن المعاملة والمعاشرة، كان محبوبا بين الطلاب والمدرسين الكل يشهد له بأنه كان خلوقا مع الصغير والكبير يحترمهم ويقدرهم، وكان حسن المعاملة مع ولاة الأمور للطلاب، ويحترمهم ويقدرهم بأحسن ما يكون، وهي صفة للتعامل، فهي إذن أول دستور الإسلام، لأن الإسلام دستور للتعامل، والأخلاق هي من صميم الإسلام، والأخلاق تعني السلام والمسالمة والأمن بين البشر، فالإنسان بتواضعه ولطافة لسانه وفعاله مع غيره في موضع الملاطفة، بل وفي موضع المشاجرة والاختلاف أيضا، هو دلالة انتماء هذا الشخص إلى الإسلام وروحه صفة من صفات الإيمان، فهي إذن من صميم الدين، ومن لا أخلاق له لا دين له، ولا إسلامه له لأن فقد روح الإسلام، فذهب الله بالرقة من قلبه، والله لا يحب كل ذي قلب غليظ، والخلق الرفيع شيوع لرقة التعامل وحب الغير، وكان المرحوم الأستاذ حسين المدن يحمل كل هذه الصفات الحميدة، كان يحمل حسن التعامل والتسامح ورقة ولطافة ممارسة الحياة مع الغير، وأعلم أيها المؤمن أن الجنة ليست في السماء فقط، وإنما هي في الأرض أيضا، وأهل بيت الرحمة، وهم أهل البيت خير مثال لنا، دخلوا الجنة قبل أن يموتوا، فمن يدخل في طاعة الله، وفي ملكوته يدخل الجنة، والجنة ليس فقط تفاحا ورمانا وحور عين، وإنما الجنة الراحة المطلقة والسعادة والأعمق والأبقى والأشمل هي الراحة والطمأنينة التي يضعها الله في نفوس المؤمنين والمقربين منه، إذا فطاعة الله والتراحم فيما بين الناس، وخاصة المقربين لبعضهم البعض، والترفع بالنفس عن كل الصغائر، ما هو إلا طريق لبلوغ الجنة، وكان هذا المرحوم المدن يتصف بحسن المعاشرة والتراحم فيما بين الناس، كان حسن الخلق الرفيع ورقة التعامل وحب الغير، وكان حسن التعامل والتسامح ورقة ولطافة ممارسة الحياة مع الغير، وهذا بحد ذاته يكسب المجتمع كرابطة قوية تشده إلى بعضه، ولا يتحلى بهذه الصفات إلا من دخل في قلبه الإيمان ولا شك بأن المرحوم المدن إن شاء الله من المؤمنين، وهذا ما شاهدناه ولمسناه من الكثير من الناس يشهدون لهذا الرجل من حسن تعامله مع الغير من طلاب وولاة أمور، الكل يشهد له بذلك، وكان المرحوم يحمل مسؤولية كبيرة بعد وفاة والديه حيث عنده من الإخوان مرضى من إخوان وبنات، وكان كثير المرجعة والترد على المستشفيات لعناية أخونه، وهذا يدل على هذا الإنسان المؤمن وما يحمله من صفات حسنة وأخلاق رفيعة المستوى وحسن المعاشرة مع القريب والبعيد، وكنت أنا أقرب الناس به وأعرفهم،
لأني زوج أخت المرحوم، وكنت قبل أن أتزوج أخت المرحوم كنت من صلة الرحم لوالديه، لأنهم أقربائي ومن عائلتي، إذا جاء الموت إلى الإنسان أحس بأن كل شيء انتهى، وكل الموجودات من حوله تسير في هذا الاتجاه، أي في أنه يجب أن يموت من انقطاع الأرزاق وما إلى ذلك، بمعنى أن الموت يجب أن يدرك ذلك الإنسان في ذلك الوقت مهما اختلفت الأسباب، فلا يجب أن يتصور الإنسان أن سبب الموت مقترن بالموت، ولو أن الإنسان اتقى هذا السبب لا تتقي الموت، فهذه الفكرة باطلة، ولذلك كثيرون يموتون ولا يعرف أحد وحتى الطب الحديث لماذا ماتوا، أي الأسباب المادية والجسمية التي جعلتهم يموتون، وعلى كل حال فالإنسان له أجل مقتضى عند الله، إذن لا يوجد سبب معين ولا مجموعة معينة، بل مسألة معادلة شاملة، أي أسباب اجتماعية وذاتية وحياتية عامة، فتأثير موت هذا الإنسان وأعماله في الحياة لا تحده وحده فيبقى السبب عنده محدودا، ولكنه أي الإنسان يتفاعل مع المجتمع إجمالا يؤثر ويتأثر ويكسب ويكتسب من الأعمال الحسنة والسيئة، لذلك فالمحصلة تقتضي في وقت ما أن يموت ذلك الإنسان، وهناك بحوث كثيرة وعميقة جدا تتعلق بحتمية موت الإنسان عند وصوله إلى درجته الإيمانية النهائية، وإن شاء الله المرحوم من المؤمنين، وكان مكتسبا من الأعمال الحسنة الخيرية، رحمة الله على الفقيد السعيد رحمة الأبرار،
أتقدم إلى نفسي ولعائلتي بأحر التعازي وأصدق المواساة لإخوان الفقيد وأخواته وأولاده وزوجته وأبناء عمه وجميع أقاربه من عائلة المدن وغيرهم من أقرباء المرحوم،
اللهم ارحمه برحمتك وأسكنه فسيح جناتك وارحم موتانا وموتى جميع المؤمنين والمؤمنات ومن مات على الإيمان، رحم الله من يقرأ له الفاتحة وللمؤمنين والمؤمنات،
والله ولي التوفيق