مقترحات في ادارة المناسبات - حلقة 3 «الزفاف»
مناسبة الزواج هي من أسعد لحظات الفرد المتوج وأفراد أسرته. ومناسبة الزواج نقيضة مناسبة العزاء. وهاتان المناسبتان «الزواج /الموت» تعيدان تشكيل هيكل منظومة العائلة بين ولادة حيث امتداد جديد ونسب جديد وفرد جديد «أفراد» وامتداد نسب وتفرع أصل في المستقبل. حيث يدخل الفرد الجديد المضمار العائلي بعامل الولادة وامرأة جديدة داخل منظومة عائلة جديدة أو قبيلة أخرى. إلا أن الواقع الملموس والذي نعيشه يخبرنا بأن هناك بعض من العوائل نجحت في إدارة كلتا المناسبتين بجدارة، وأن هناك من العوائل من نجح في إدارة مناسبة، وأخفق في إدارة المناسبة الأخرى. وأن هناك من العوائل من أخفق في إدارة كلتا المناسبتين سواء فرحا أو ترحا. بل كل شي يتعلق بالإدارة لشؤون العائلة من فرح، أو ترح تلوح فيا نذر التفتت أو المشاكسات والتشره والاستقطابات. ناقشنا في مقال سابق إدارة مناسبة العزاء. والآن نناقش بعض الأفكار لإدارة حفلة ليلة الزفاف. وإيمانا مني بأن إشعال شمعة أفضل من لعن الظلام، سأطرح في هذه الحلقة مقترحاً بين أيدي كل القراء قد تساعد البعض في رسم خطوط عريضة وتفاهمات أساسية لإنجاح إدارة مناسبة ليلة الزفاف بناء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي للشباب.
أعيد وأكرر أن الهدف من هذه الورقة: نظم الأمر وتنسيق الجهود وحسن إدارة كل مفاصل ومراحل حفلة ليلة الزفاف وامتصاص أي تشنج وإلغاء أي معضلة؛ بسبب التداخل في الأدوار أو الاختلاف في الأذواق من خلال توزيع المهام مبكرا والتخطيط السليم وإرساء روح التفاهم بين بيت العريس والعروس وأصحاب القرار من كبار الأسرة. وسد باب تدخلات بعض المعازيم الفضوليين.
سأنطلق في طرح وجهتي نظر هما السائدتان في طرق الاحتفال بليلة الزواج داخل مجتمعنا، ثم سأعرض وجهة نظري.
الطريقة التقليدية السائدة والشائعة هي فتح باب الدعوة للحضور على مصراعيه لكل المعارف والأهل والأقارب والجيران الجدد والقدامى وأصدقاء الدراسة وزملاء العمل وأبناء المنطقة القديمة والمدينة الجديدة لحضور حفل الزفاف وتقديم وجبة العشاء المكونة من رز ولحم ضأن وفواكه وحلويات وعصيرات. وفي العادة التكلفة المالية لإحياء تلك الليلة بتلك الديباجة تتخطى عشرات الآلاف لتلامس أو تتخطى سقف المائة إلى مائة وخمسين ألف ريال سعودي، أي ما يعادل تقريبا 30 - 35 ألف دولار أمريكي. طبعا هنا نتكلم عن مستوى تقديم مقبول عرفا، وليس به أي مظهر من مظاهر الفخفخة!
في المقابل هناك مدرسة اجتماعية تنادي بصوت شبه غير مسموع بضرورة إعادة صياغة الأعراف غير المنطقية، ومنها أسلوب إحياء ليلة الزفاف وأسلوب أحياء العزاء. وينادون بضرورة اقتصار إحياء ليلة الزفاف في حدود خمسين شخصاً في حفلة الرجال وخمسين امرأة في حفلة النساء لإتمام الزفاف بكل أريحية وبعيدا عن استنزاف الموارد المالية والتركيز في برامج ضيافة يليق بمن تكلف بالحضور والمشاركة. والرقم خمسون تم اقتباسه من قبلهم بناء على تجربة فترة القيود الصحية إبان حدوث وباء الكورونا. وقد دون وأعلن عدد من كتاب ومفكري وخطباء دول كثيرة بتأييدهم في حينها بهكذا طرح وصرحوا بنجاح تطبيق الفكرة.
من وجهة نظري، أرى بأن التوازن بين الطرحين أمر جدا ممكن وضروري، ويلبي رغبات كل الأطراف، ويظهر إمكانية مواكبة المتغيرات وحيوية ذهنية كل أطراف المجتمع. ولعل تحديد العدد المستهدف من المدعويين بشكل مسبق وقت إطلاق حفلة الزفاف وأخذ تأكيد بالمشاركة من قبل الحضور المنتخبين في الدعوة سيساعد أهل مناسبة الزفاف في حسن إدارة المناسبة على أتم وأكمل وجه ممكن. وقد يتفنن أفق الإنجاز ليلامس مراعاة الاحتياجات الغذائية الصحية «سكري / ضغط/ …إلخ» لكل مدعو، فضلا عن جمال الاستقبال وحسن الضيافة وحرارة التوديع ولباقة المناولة للأطعمة. ولا أخفي سرا إن قلت إن حصر عدد المدعويين في رقم محدود «100 - 150 صالة الرجال / 100 - 150 صالة النساء» سيولد تركيز في الضيافة ودقة في الانتقاء ومراعاة للأولويات في انتخاب الحضور وتجانس في المكون. ولكي ننجح هكذا مناسبة بالشكل الواعي والمواكب للزمان، اقترح الأخذ بالاعتبار الأمور التالية:
1 - نطاق التنسيق في تنقية، وتحدد المدعويين يشمل:
أفراد وامتداد عائلتي المعرس والعروس.
2 - تكوين لجان ويكون لكل لجنة أعضاء، ويؤخذ في الاعتبار الانتشار الجغرافي المتواجد به امتداد للعائلة. فمثلا بعض العوائل امتداد تواجد أبنائها يمتد بين بعض مدن شرق البلاد ومركزها والبعض الآخر فقط مدينة واحدة والبعض يشمل دولاً مجاورة. وعلى سبيل المثال
مدينة الدمام: عضو أساس ”س“. مساعده ”ص“. أعوانه ”ع“ و”ج“.
مدينة الأحساء: عضو أساس ”ق“. مساعدة ”ك“. أعوانه ”م“ و”ن“.
اللجان المقترحة
1 - لجنة متابعة عليا وهي صاحبة تمويل كامل المصاريف وهندسة الإدارة والتنظيم العام للمناسبة من البداية حتى النهاية. Event sponsor ومساعده Project manager
لجان تخطيطية وتنفيذية:
2 - لجنة الإعلام
المهام: الإعلان عن الزفاف عبر توزيع كروت الدعوة الخاصة والموجهة بعد اعتماد حصر الأعداد والأسماء المتفق عليها وإعادة تأكيد الدعوة عبر رسائل أحد تطبيقات الوسائط الاجتماعية للجهات المدعوة لتأكيد الحضور. تحديد تاريخ البدء في التوزيع للدعوات وتحديد برنامج ليلة الزفاف بالتفصيل الدقيق أيضا يقع ضمن مهام اللجنة الإعلامية. وهم أقرب لرجال مهمة Task force.
3 - لجنة التنسيق والإشراف:
المهام: حجز وترتيب قاعة الأفراح «فندق / صالة / مجلس / مسجد / خيمة…» والتنسيق في توفير ومناولة الأطعمة الخفيفة والأشربة «ماء / شاي / قهوة / عصير / البان / تمر» والثقيلة «بوفيه مفتوح / ولائم لحم بالرز / مشويات / صندوق غذاء لكل مدعو» في مكان انعقاد الفرح للرجال والنساء. والبعض تبنى موضوع الوجبات الغذائية المعدة مسبقا لإحلالها محل الولائم والبعض الآخر تبنى تقديم يوم ضيافة مخصص للنساء يسبق يوم انعقاد ليلة الفرح بعدة أيام لتفادي التداخل. التنسيق مع الجمعيات الأهلية في استقبال فائض الطعام في حالة وجود طعام زائد بعد إتمام المناسبة. وإن اتفقوا على اعتماد آلية أخرى في تقديم الطعام مثل:
- اعتماد وجبة عشاء بنظام بوفيه مع تحديد بداية وقت تقديمها وأخرى مع اختيار وقت فتح البوفيه مع توافد المهنئين بشكل دائم، أو بعد تجمع عدد منهم وتفويج عدد كاف وكبير منهم بفتح صالة الطعام بشكل متقطع.
- اعتماد توزيع وجبات في علب لكل شخص مدعو
- اعتماد النمط الشائع لتقديم وليمة رز باللحم بعد تجمع حشود كافية.
4 - لجنة الاستقبال والتوديع للمهنئين
اللجنة تكون في مقدمة المستقبلين للمهنئين، ويكونوا متواجدين من بداية فتح باب الاستقبال إلى وقت انتهاء تقديم آخر وجبة عشاء
المهام: ترتيب اصطفاف كبار أفراد العيلة ومباشرة الاستقبال والتوديع للمهنئين
المجموع الكلي للجان أربع لجان فقط
رئاسة اللجان ونوابهم تكون حسب التشاور وتثبيت الأسماء في حينه مع وضع بطاقات بارزة معلقة. على جيوبهم الأمامية ومنع التدخل من أي خارج اللجان في إدارة أي نشاط أو توزيع.
ملحوظة: مع تحديد العدد للمدعوين وحصره وتنقيته بشكل مهني ومحدد ومركز يستطيع أهل المناسبة انتخاب المكان بما يتواءم مع العدد، ومنه التشتت بين مكان انعقاد الحفل صالة الرجال وصالة النساء.
جملة اعتراضية: العوائل التي أنشئت مجتمعات لها في المهاجر، لديهم إمكانيات أكبر في صنع قوالب أعراف اجتماعية عصرية ومنطقية، فمن الجيد الاستفادة من ذلك.
أسأل الله لنا ولكم البركة في العمر وحسن القبول للعمل الصالح والتوفيق والهداية والتعاون على البر وتمام النصيحة وتجنب التشنج والبركة في الرزق.
ملحوظة 1: تسهيل أمور الزواج المتكافئ بين المؤمنين أمر أساسي لضمان بقاء المجتمع وامتداده وحفظه من التشرذم أو التفتت أو فقدان الهوية.
ملحوظة 2: العمل على إنجاح الزفاف بأقل التكاليف وأنفعها بُعتبر صفعة في وجه دعوات الشياطين وسد منيع ضد نخر المجتمعات بالشواذ.
تنويه: ما ورد من اقتراح أعلاه هو تصور قابل للمناقشة والمراجعة والتطوير والتحديث والمواكبة للظروف الاجتماعية والاقتصادية. وختاما بالاتفاق على الخطط والتفاهم على التفاصيل مبكرا واعتماد التنفيذ في وقته دون تلبك أو جدال ستنتهي مراسيم المناسبة السعيدة والجميع على قلب رجل واحد بإذن الله.