آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:13 م

الملا أحمد اعميري.. صبر تلين به قسوة الحياة

برير السادة

ولد الملا أحمد «أبو حسن» ابنُ الحاجِّ محمَّدٍ ابنِ الحاجِّ أحمدَ آل اعميرٍ في الخويلدية سنة 1339 هـ، وتربى في حجر والدته الحاجَّةِ فاطمةَ بنتِ الحاجِّ مكِّيِّ ابنِ محمَّدٍ آل اعميرٍ، وهيَ شقيقةُ المعلِّمِ الحاجِّ عليِّ بنِ مكِّيٍّ آل اعميرِ بعد أن داهمه اليتم مبكرا واختطف الموت أباه وهو لم يزل حدث السن.

له ثلاثةُ إخوةٌ؛ المرحوم عبدالله أبو علي من سكان بلدة التوبي والمتوفي سنة 1377 هـ، والمرحوم جعفرٌ أبو موسى ابنُ أحمدَ عباس حمقان وعبَّاسٌ أبو أحمد ابنُ أحمدَ عبَّاسٍ حمقانُ وهوَ أصغرُ إخوانِهِ وآخرهُمْ وفاةً.

اقترن بالحاجة فاطمةُ بنتُ رضي عليٍّ اطريدي، وأنجب منها عدة أولاد اختطفهم الموت في سن مبكرة؛ بسبب انتشار مرض الجدري آنذاك، حتى أن المترجم له لم ينج منه إلا بفقد البصر، ولم يتبق من أولاده إلا ابنتين هما المرحومة أم عليٍّ زهراء زوجةُ المرحوم جعفرِ بنِ مكيٍّ آل جساسٍ وأمُّ حسنٍ زوجةُ عليِّ ابنِ ملا حسنٍ الأمردِ أبو حسينٍ.

أثر اليتم وفقد البصر في حياته فذاق مرارة الحياة وكابدها صغيرا وعانى الأمرين، ومع ذلك وامتهن الزراعة وفعل الحبال مع زوج أمه، وعمل فلاحا رغم فقد البصر، وفضل مشقة العمل على الراحة والفراغ، وأن يكون كلا على غيره أو عاطلا عن العمل.

تعلم القرآن الكريم على يد خاله المعلم علي بن مكي ال اعمير، والخطابة على يد المرحوم ملا عبدالله ال نتيف، ومن ثم صانعا للشيخ عبدالمجيد أبو المكارم في بعض مجالسه التي يقرأها في الخويلدية، وكان معجبا بشجو صوته وأدائه لأطوار الرثا وكذلك صانعا للخطيب السيد صالح علوي السادة الذي كان يصطحبه معه إلى الأحساء، أدركته يقرأ مرات لا تزيد عن عدد أصابع اليد، إحداها في بيتنا. أكثر مجالسه كانت في بلدة الخويلدية وكانت له مجالس أسبوعية متفرقة تزيد عن الخمسة.

ولأنه كفيف البصر، فقد اعتمد على بعض قراباته من النساء والرجال اللذين كانوا يقرؤون له أبيات الرثاء وبعض الأحاديث والقصص، مثل الملاية نزيه بنت ملا علي ال نتيف وفاطمة بنت ملا حسن الأمرد أبو منصور، وكذا بعضا من أحفاده كالأستاذ علي جعفر جساس، وبعد ظهور الإذاعات والكاسيتات استفاد من التسجيلات المتاحة.. ومع أنه كان يعتمد على الآخرين ليقرؤوا له بعض قصائد الرثاء وما تيسر من هنا وهناك.

فقد كانَ يمتلكُ مجموعةً من الكتبِ والدَّواوينِ الشعرية، منها

ديوانا ”عبرة المؤمنين“ و”الزُّهورُ المنبريَّةُ“ في مجلَّدٍ واحدٍ

ديوانُ ”وحدة الخطيبِ“ ديوانٌ صغيرٌ للخطيبِ الشَّيخِ سعيدِ آل أبي المكارمِ العوَّاميُّ.

ديوانٌ صغيرٌ للخطيبِ الملا أحمد العوَّى البحاري.

شجرة طوبى للشَّيخِ مهدي المازندراني.

ثمراتُ الأعوادِ للسَّيِّد عليِّ ابنِ السَّيِّدِ حسينٍ الهاشمي النَّجفيِّ طبعة 1355 هـ في النجف الأشرفِ، وغيرها.

بالإضافة للخطابة كان معلما للصلاة، وكنت واحدا ممن تعلم الصلاة على يديه. دفعت بي جدتي مع بعض أترابي لتعلم الصلاة عنده، تميل بنى قوى الصبا لبعض الشقاوة، وبعض الضحك فيردنا ردا جميلا، ويحدثنا عن الصلاة وروحها وأنها أيقونة الصلاح، ومعراج الوصول وقربان المؤمنين إلى ربهم.

طيب النفس، قانع بما يسوقه الله إليه من رزق، يتعفف عن الإساءة للآخرين أو مبادلتهم السوء، ظل صابرا لا يتذمر من مرارة العيش وقسوة الحياة حتى، وفاه الأجل في الرابع عشر من ذي الحجة 1418 هـ.