آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:07 ص

الإدارة المالية وحسن التدبير

ناجي وهب الفرج *

قد تتفاوت احتياجات الناس ومتطلباتهم من حين لآخر، لكن تبقى الأمور مستقرة لمن يحسن التصرف، ويحقق الهدف المقصود.

قد لا يقنع الشخص بما عنده وما تحت يده من نعم وخيرات، ويبدأ بالتطلع إلى الحد الذي يدخله إلى قفزات غير محسوبة تؤدي به إلى طريق يصعب عليه العودة إلى منطقة الأمان.

يصبح الشخص بعدها أسيرًا للديون، والتي سوف تحاصره من كلِّ حَدب وصوب، لا تكاد تنفك عنه وتلازمه إلى أجل غير مسمى، لذلك خط الشارع المقدس خطوطًا ورسم للناس طرقًا يلزم اتباعها والسير عليها، فقد قال جلَّ من قائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [ البقرة: 172]

فالتبذير هو صرف المال في غير وجهه، أي صرفه فيما لا ينبغي صرفه فيه، كصرف المال في غير طاعة الله لكونه من مصاديق إهدار المال ومن مصاديق الفساد.

والفرق بين التبذير والإسراف هو أن الإسراف يُطلق على تجاوز الحد في الإنفاق والصرف، ذلك لأن الحد المسموح به في الصرف والإنفاق هو ما ترتفع به الحاجة، فيكون الزائد إسرافًا، وأما التبذير فهو الصرف في غير الوجهة الصحيحة.

وقد فرق العلامة الطريحي بين التبذير والإسراف في أن التبذير الإنفاق فيما لا ينبغي، والإسراف الصرف زيادة على ما ينبغي”

وعن الإمام علي أنه قال: الإسراف مذموم في كل شيء إلا في أفعال البر.

فالكثير من الناس يشتكون من عدم قدرتهم على الادخار مهما كانت رواتبهم الشهرية، لذا تبرز أهمية ترسيخ عادة الادخار وتوفير المال كأداة أساسية لإدارة الشؤون المالية. فالادخار من أهم الخطوات التي يتخذها الشخص لبناء ثروته، أو على الأقل حماية نفسه من الديون.

ويمكنك البدء بالادخار من خلال تنفيذ بعض التغيرات البسيطة في عادات الإنفاق اليومي، والتي بقيمتها الإجمالية تصنع فارقًا كبيرًا على الميزانية الشهرية.

وهناك عدة طرق فعّالة لتوفير المال مثل القيام بتقسيم الراتب مع بداية كل شهر، كأن يكون هناك مبلغًا مخصصًا للادخار، حيث لا تستخدمه خلال أيام الشهر. فبالمواظبة على ذلك ولو بجزء بسيط ستتمكن تدريجيًا من ادخار جزء من المال.

وحاول أن تنفق على ما هو مهم، فمن الحكمة الإنفاق على الأشياء المهمة وعند الحاجة إليها، بالإضافة إلى التقليل من الإنفاق على الأشياء غير الأساسية. فهذا يجعل خطة التوفير والحفاظ على الميزانية أكثر سهولة. فاجعلالأولوية للإنفاق على الأساسيات.

كذلك الإلمام بالتسوق الذكي فهناك بعض الطرق التي تسهم في خفض قيمة فاتورة التسوق مثل إعداد قائمة المشتريات لتجنب الاندفاع بشراء منتجات غير مطلوبة، واستخدام كوبونات الخصم لشراء المنتجات اللازمة أو الاستفادة من العروض الجيدة.

ومن الجيد إعداد وجبات طعام في المنزل يوميًا، فهذا يساعدك على توفير الكثير من المال، بالإضافة إلى التمتع بوجبات صحية.

كذلك إعداد القهوة بنفسك في المنزل قبل الذهاب إلى العمل أو إحضار معدات القهوة البسيطة معك إلى العمل. فمتوسط تكلفة شراء كوب القهوة الواحد حوالي 10 ريالات، فإذا كنت تشرب كوبين من القهوة يوميًا، فإنك تنفق حوالي 600 ريال على القهوة فقط شهريًا.

وضرورة التوقف عن التدخين، فقد أكدت العديد من الأبحاث والدراسات على هناك أضرارًا صحية للتدخين لما يحتويه من مواد سامة، ولهذا قد أعلنت المملكة العربية السعودية العام 2016 م عن رفع أسعار التبغ ومشتقاته. فعليك أن تحسب كم علبة سجائر تدخنها في اليوم، وكم ستوفر خلال الشهر عندما تقلع عن التدخين.

كما أن خفض استهلاك المشروبات الغازية التي تعتبر جزءًا أساسيًا عند تناول الوجبات اليومية لدى العديد من الأشخاص، بالرغم من الأضرار الصحية التي تُسبّبها هذه المشروبات. فمن خلال خفض الاستهلاك أو التوقف عنها سيجعلك توفّر ما بين 2 ريال حتى 6 ريالات يوميًا. وتأتي أهمية هذه الخطوة خصوصًا في ضوء إصدار قرار رفع أسعار المشروبات الغازية.

كذلك عليك التفكير مليًا في ترشيد استخدام الكهرباء، حتى تقلّل من الفاتورة الشهرية من خلال إطفاء الأنوار عند مغادرة الغرفة، واستخدام لمصابيح موفّرة للطاقة، فصل الأجهزة الكهربائية في حال عدم استخدامها، وضبط التكييف عند درجة 24 لتجنب استهلاك زائد للكهرباء.

ومن النصائح التي تُسهم في الادخار والحفاظ على سير الميزانيّة الشهرية هي مُراجعة وضعك المالي، والذي سوف يساعدك في تحديد النفقات غير الضروريّة والتوقّف عنها أو ترشيد الإنفاق لبعض فواتير الاستهلاك، حيث يُفضّل التأكد من قيمة دخلك ونفقاتك الشهرية ومراجعتها، ومنْ ثمّ اتخاذ القرار بخصوص المبلغ الذي يُمكنكَ ادّخاره بعد تغطية كافّة نفقاتك الأساسية بشكل واقعيّ بالإضافة إلى سداد أي أقسّاط مُستحقّة.

ثم يأتي بعد ذلك تحديد الهدف من الادّخار والذي يأتي من خلال إجابتك عن الأسئلة التالية“ما هو هدفك من الادّخار؟، متى يجبُ البدء والانتهاء من ادّخار المبلغ المطلوب؟، وما هي الإجراءات التي يجب اتباعها لنجاح خطتك؟”ستكونُ قادرًا على وضع رؤية أوضح نحو تحقيق هدفك. فمثلًا إذا كنت ترغبُ في السفر، عليك تحديدُ المال الذي يجبُ ادّخاره، وما هي الفترة اللازمة لادّخار المبلغ؟، وهل يمكنك الاستغناء عن بعض النفقات في مقابل تعجيل الوصول إلى هدفك.

اتباع الادّخار بشكل تلقائيّ فقد تؤثر فكرة الانتظار وعدم وضع المال المُخصّص للادخار جانبًا خلال أول الأسبوع أو الشهر سلبًا على نجاح خطتك. فهناك بعض الخدمات البنكية التي تُساعدك على حل هذه المُشكلة مثل خدمة «أمر الدفع المُستديم» بين حسابات العميل مجانًا، حيث يمكنك تحويل المبلغ الذي تريد ادّخاره تلقائيًا كل شهر من الحساب الجاري إلى حساب التّوفير الخاص بك.

والاهتمام بإعداد صندوق الطّوارئ يعتبر هو من الخطوات الرئيسة اللازمة لنجاح الميزانيّة، حيث أنه بمثابة الداعم المالي للحفاظ على سير خُطط التّوفير والميزانيّة حتى في أسوأ الأحوال. فمنْ المُمكن أنْ تتعرّضَ لبعضٍ المواقفِ الماليّة الطّارئة، التي تَدفعُكَ لسداد قيمة نفقات ليست في الحُسبان.

يُفضلُ أنْ يتمَ إيداع المال المُخصّص لصندوق الطّوارئ في حساب توفير لتتمكن من الوصول إليه بسهولة والحصول على أرباح.

عليك بتجنب فوائد البطاقات الائتمانية على الرغم من المزايا العديدة التي تقدمها البطاقات الائتمانية، إلا أنّها تَحملُ مُعدّلات فائدة ورسوم مرتفعة ًنسبيًا. يتمُ فرْضها إذا لم تحسن استخدام البطاقة، ولم تُسددْ المبالغَ المُستحقة َفي الموعد المُحدّد، وفي هذه الحالة ستزداد قيمة مديونيتك؛ ومن ثم تقليل فُرص التزامك بالميزانيّة وخطط التوفير.

تسعى للمُقارنة قبل الشّراء للحصول على ما هو أفضل يُمكنكَ توفير المال من خلال مُقارنةِ أسعار المُنتجات والخدمات الضّرورية التي ترْغبُ في شرائها، والحصول عليها بأقل سعر مُمكن. فقد تَمْنحكَ هذه الخطوة فرصة لإعادة توجيه المبلغ ِالمُتوفّر من عملية التَّسَوُّق لسدادِ بعض الدُّيون أو ادّخاره.

والتّقليل من شراء هدايا للمناسبات غير المُتوقّعة، قدْ يقومُ الشخصُ بإعداد ميزانيّةٍ مثاليّةٍ للادّخار، ثمَ يَكْتشفُ بعد ذلك أنّ هناك مُناسبة ما وعليه أنْ يُحضرَ بعض َالهدايا. فالهدية تَكْمنُ في قِيمتُها المعنويّة وليست المادّيّة، لذلك ليس من الضّرورة شراء هدايا ذات أسعارٍ باهظة، لكن المُهمُّ هو اختيارها بشكلٍ جيدٍ.

المصادر:

1- القرآن الكريم

2- موقع ريالي

3- ميزان الحكمة
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية