الرياضة أم الثقافة: من يكسب؟
لا خلاف ولا جدال حول قوة وتأثير القطاع الرياضي، مقارنة بمختلف القطاعات والمجالات، خاصة في فكر ومزاج الأجيال الصغيرة والشابة، ومهما كانت أهمية وقيمة تلك القطاعات والمجالات الأخرى، إلا أن الرياضة كمنتج ومتابعة في كل العالم هي الأكثر جذباً واهتماماً، سواء من قبل الرياضيين أو المتابعين.
الرياضة بألعابها وصخبها، هي محور الشغف ومضمار الإثارة، خاصة وقد أصبحت منظومة صناعية كبرى لها أدواتها ومقوماتها، جعلتها تحتل المراكز الأولى في قوائم الشغف والإلهام لدى كل شعوب ودول العالم.
تلك مقدمة ضرورية للانتقال إلى فكرة المقال وهي: الكتابة عن التطور المذهل للقطاع الثقافي في وطننا بعد التحوّل الكبير في هيكلة واستراتيجية هذا القطاع الضخم. ولكن، ما الرابط بين تلك المقدمة الرياضية وفكرة المقال الثقافية؟
قبل مدة، شاركت بحدثين وطنيين رائعين: الأول رياضي والآخر ثقافي. وشاهدت بدهشة تكتنزها الحيرة، الظهور اللافت والكبير للحدث الرياضي الذي أصبح حديث المجتمع والإعلام وكيف تصدرت أخباره وصوره المؤسسات والشبكات الإعلامية والاجتماعية، بينما لم يتم الالتفات والاهتمام من قبل المجتمع والإعلام لذلك الحدث الثقافي المهم.
نعم، للقطاع الرياضي وهجه وجاذبيته، لا جدال ولا ريب في ذلك، ولكن هذا التفاوت الكبير والمثير بين تموّج وانتشار المناسبتين الوطنيتين، قضية تستحق التفكر والتأمل. والقطاع الثقافي الوطني، بمختلف أشكاله ومستوياته، يحمل إرثاً مهماً ومسؤولية ضخمة، راكمتها السنين ووثقتها التجارب، وهو منذ عدة سنوات، يمر بتحوّل كبير وطموح طال أغلب جوانبه ومستهدفاته. وزارة الثقافة الجديدة بهيئاتها ال11 وطموحاتها الكبيرة بقيادة أميرها الشاب بدر بن عبدالله بن فرحان، تُحاول ترسيخ وتكريس المفهوم الثقافي كنمط تفكير وأسلوب حياة، وكذلك بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر في وطن طموح. الثقافة الآن، تُعدّ من أهم مرتكزات واستراتيجيات الرؤية الوطنية الملهمة والتي تؤكد على أن ”الثقافة من مقومات جودة الحياة“، بل هي شرفة عالية يطل بها ومنها وطننا الرائع على وإلى كل العالم.
السؤال المهم هنا: لماذا نجح القطاع الرياضي بهذا الشكل الكبير، وهل يملك القطاع الثقافي القدرة والفرصة لأن يُصبح أولوية وضرورة في فكر ومزاج المجتمع السعودي؟ المقال المقبل، سيُحاول الإجابة على هذا السؤال الكبير والشائك؟