تتأثر عملية اتخاذ القرار بالفروق الفردية في الشبكة الدماغية العصبية
16 مارس 2018
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 238 لسنة 2023
Decision-making is shaped by individual differences in the functional brain connectome
Liz Ahlberg Touchstone
March 16,2018
كيف تؤثر اتصالية مناطق الدماغ في اتخاذ القرار [1]
كل يوم يمر علينا تأتي معه مجموعة من القرارات التي يتعين علينا اتخاذها، ولدى كل شخص منا طريقته الخاصة لاتخاذ هذه القرارات [2] . [المترجم: بالطبع عملية اتخاذ القرار مسبوقة حكمًا بعملية صنع القرار، لكنا هنا استخدمنا مصطلح اتخاذ القرار هنا لأنها نهاية العملية [2] ]. وجدت دراسة نشرها باحثون من جامعة إلينوي أن هذه الاختلافات الفردية مرتبطة بالتباين في شبكات معينة في الدماغ - لا سيما تلك المرتبطة بالعمليات التنفيذية «والمكونة بشكل رئيس من الفص الجداري [3] والاجتماعية [4] [المتكونة بشكل رئيس من العقدة الصدغية الجدارية [5] واللوزة الدماغية [6] ] والإدراك الحسي [7] [الحواس].
قامت مجموعة من الباحثين من معهد بيكمان للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة Beckman Institute for Advanced Science and Technology في إلينوي، بقيادة برفسور علم النفس آرون باربي Aron Barbey وباحث ما بعد الدكتورا تنوير تالوكدار Tanveer Talukdar، بدراسة ما إذا كانت الفروقات الفردية في اتصالية الدماغ مقترنة بعملية اتخاذ القرار[2] ، باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي والفحص الشامل لعملية اتخاذ القرار. على الرغم من أن الدراسات السابقة ركزت على عملية اتخاذ القرار على تأثير الجماعة [8,9]، أو طرق التشابه بين أدمغة الناس، هذه الدراسة ركزت على الفروقات الفردية.
”غالبا ما يتخذ الناس مقاربات مختلفة لـ اتخاذ القرار. وقال باربي إنهم قد يطبقون استراتيجيات مختلفة أو يأخذون في الاعتبار عناصر مختلفة من المشكلة أو يضعون قيمًا value مختلفة لكل قرار.“
يفيد بحثنا بأن الفروقات العصبية الحيوية neurobiological تبدو مهمة عند اعتبار مدى قابلية الشخص للتحيز في الرأي ومعرفة كفاءة / جدارة اتخاذ القرار competence [الكفاءة هي القدرة على اتخاذ قرار أفضل مستند إلى الاستدلال المنطقي لا إلى المشاعر أو الحدس [10] ]".
وقال الباحثون إن الدراسة [11] التي نشرت في دورية ”Human Brain Mapping“ هي واحدة من أكبر التجارب وأكثرها شمولًا للفروقات الفردية في عملية اتخاذ القرار التي أجريت حتى الآن، حيث شارك فيها 304 من الشباب الأصحاء.
أُجري على المشاركين في الدراسة فحص جدارة اتخاذ القرار عنذ الشباب، وهي أداة تقييم نفسية شاملة تقيس ستة جوانب ثابتة في اتخاذ القرار - على سبيل المثال، ”مقاومة التأطير [12] “ و”تصور المخاطر [وهو تصور شخصي غير موضوعي للاخطار والتهدادات [13] ]“.
”عندما نقوم باتخاذ القرارات اليومية، قد نكون عرضة لأنواع معينة من الأخطاء والتحيزات في الرأي. ويتيح لنا فحص“ جدارة اتخاذ القرار عند الشباب [14 - 15] ”وصف مدى قابلية الناس لأنواع محددة من التحيزات التي خضعت للدراسة ونُشرت كأوراق علمية عن قدرة الناس على الحكم وتكوين رأي واتخاذ قرارات.“ يُعتقد أن الشخص يكون جديرًا بإتخاذ القرار إلى الحد الذي يجعله قادراً على مقاومة هذه التحيزات واتخاذ قرارات دقيقة. "
كما قام الباحثون بعمل تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة لتقييم الاتصالية الوظيفية للدماغ لدى كل مشارك في الدراسة. لم يركزوا فقط على مناطق فردية، بل وقيّموا كامل شبكة الدماغ العصبية [16] connectome الوظيفية - والتي تمثل مدى اتصالية كل منطقة وظيفية بكل منطقة أخرى في الدماغ.
”أجرينا تحليلاً للدماغ بكامله، ودرسنا الروابط بين جميع المناطق“. ”لقد فحصنا شبكة الدماغ العصبية [17] لكل فرد ثم فحصنا مدى اختلاف شبكة الدماغ العصبية connectome لدى كل فرد عن كل فرد آخر في العينة،“ حسبما قال تالوكدار Talukdar:
بعد ذلك، حلل الباحثون مدى التلازم بين الفروقات الفردية التي لاحظوها في الدماغ وبين الأداء في فحص جدارة اتخاذ القرار للشباب «الراشدين».
ووجد الباحثون أن الاتصالية connectivity الوظيفية ضمن مناطق معينة من الدماغ مقترنة بالفروقات الفردية في اتخاذ القرار. كما كان متوقعاً، فالمناطق الدماغية ضمن الفص الجبهي معنية بعملية اتخاذ القرار، والتي من المعروف أنها تدعم الوظائف التنفيذية كالإستدلال / التفكير المنطقي [18] وحل المشكلات [19] . وبالإضافة إلى ذلك، المناطق ضمن الفص الصدغي والفصوص الجدارية، والتي تدعم الذاكرة والانتباه، وكذلك بنيويات الدماغ ضمن الفص القذالي، والتي تعالج المعلومات البصرية والمكانية، معنية بعملية اتخاذ القرار.
ثم أجرى الباحثون تحليلاً لتوضيح دور هذه المناطق وذلك بفحص مدى مساهماتها في اتصالية الشبكات الأساسية.
"تشير الأبحاث إلى أن الدماغ منظم وظيفياً وفقًا لاتصالية الشبكات الأساسية، والتي تُعرف أنها تلعب دورًا مركزيًا في جوانب معينة من الذكاء. على سبيل المثال، تقوم الشبكة الجبهِية - الجدارية fronto-parietal network بتنظيم الوظائف التنفيذية، وتدعم شبكة الانتباه البطناني ventral attention network، والشبكة الحوفية limbic network التي تلعب دورًا في المعالجة العاطفية [20] والمعالجة الاجتماعية [المترجم: المعالجة الاجتماعية هي التغيرات المتسقة التي تطرأ على المجتمع مع الزمن ولها ثلاث صور: التعاون والتنافس والخلاف / الصراع [21] ].
وجد الباحثون أن الفروقات الفردية في اتصالية الدماغ الوظيفية تعكس الاختلافات في مدى عمل بعض اتصالية الشبكات الأساسية. على سبيل المثال، مقياس "مقاومة التأطير [12] » الذي يقيّم ما إذا كانت خيارات الأفراد عرضة لتغيرات ليست ذات صلة في وصف المشكلة، مرتبطًا بشبكة الانتباه البطنانية ventral attention network. افترض الباحثون أن هذه الشبكة توجه الانتباه إلى الجوانب الأساسية للمشكلة، والتي تعمل على تخفيف تحيز التأطير [12] .
وتدرس مجموعة باربي كذلك كيف تتشكل الفروق الفردية في اتصالية الدماغ الوظيفية عن طريق التعلم والخبرة [الاكتساب]. وتناولت دراستهم التالية [22] ] ما إذا كان من الممكن تحسين جدارة اتخاذ القرار من خلال تدخلات محددة - تتراوح بين تدريب الدماغ [يُعرف أيضًا بالتدريب المعرفي [23] ]، وتحفيز الدماغ غير الباضع، وتمارين اللياقة البدنية والتغذية - لاستهداف شبكات الدماغ التي حُددت في هذه الدراسة.
وقال تالوكدار: ”من المعروف أن جدارة اتخاذ القرار تتأثر بعوامل نمط الحياة، كالمشاركة الاجتماعية والغذاء والنشاط البدني“. ”يمكننا الآن تصميم تدخلات تأخذ في الاعتبار اتصالية الدماغ الوظيفية للفرد والنواحي التي يختلف فيها الناس في مقاربتهم في عملية اتخاذ القرارات.“