دحض فكرة أساليب التعلم الثلاثة: التعلم البصري والسماعي واللمسي
بقلم إيزابيل غوتييه، برفسور علم النفس وجيسون تشاو، طالب دكتوراه في العلوم النفسية بجامعة ڤاندربيلت
14 أغسطس 2023
المترجم: عدنان احمد الحاجي
قدم له البرفسور رضي حسن المبيوق، منسق برنامج التطوير المهني للمدرسيين، جامعة شمال أيوا
المقالة رقم 232 لسنة 2023
The same people excel at object recognition through vision، hearing and touch - another reason to let go of the learning styles myth
Isabel Gauthier، David K. Wilson Professor of Psychology، Vanderbilt University، and Jason Chow، Ph.D. Student in Psychological Sciences، Vanderbilt University
August 14,2023
طرق التعلم الثلاثة: التعلم البصري والسماعي واللمسي:
دراسة وجدت أن نفس الأشخاص يبرعون قي التعرف على الأجسام سواءً بالقوة البصرية أو السمعية أو اللمسية، وهذا يعدً سببًا آخر للتخلي عن أسطورة أساليب التعلم الثلاثة هذه
مقدمة البرفسور رضي حسن المبيوق،
هذا المقال الذي اختاره بعناية واهتمام الأستاذ عدنان أحمد الحاجي يتناول موضوع مهم جدا يتعلق بأسطورة أساليب التعلم التي لا يستطيع التعلم الا عن طريقها. مؤلفا هذا المقال قدما معلومات تدحض ادعاءات اساليب التعلم الثلاثة: السماعية والبصرية واللمسية. متى بدأ تداول مفهوم ”اساليب التعلم الثلاثة هذه؟“ ما مدى تأثير هذا المفهوم في المعلمين والمتعلمين والقائمين على عملية تدريب المتعلمين؟ ماهي التداعيات السلبية لمفهوم ”أساليب التعلم“؟ لماذا تُوصف هذه الأساليب ب ”الأساطير“؟
يقولون أن جذور فكرة أساليب التعلم ترجع إلى أرسطو حين قال بأن لكل شخص مهارات ومواهب معينة تتطلب مهارات تعليمية خاصة.
مفهوم ونظرية ”أساليب التعلم“ كان لها صدى واسع في اروقة المدارس والجامعات وفي مراكز البحوث العلمية ومعاهد التدريب المهني للمعلمين منذ بدايات الثمانينات من القرن الماضي إلى الآن. مفهوم ”اساليب التعلم“ سرعان ما ولَّد ايمانًا عميقًا بتأثيراته ونتائجه الإيجابية في العملية التعلمية.
المشكلة هنا تكمن أن لكلٍ اسلوبه في التعلم، مما يجعل وضع برنامج صالح للجميع شبه مستحيل. مثلًا، قد يقول أحد الطلبة أن أسلوب تعلمه ”سماعي“ وآخر يقول ”لمسي“ وثالثة تقول ”بصري“ ورابع يقول ”تشاركي“ وخامس يقول ”تجريبي أو تطبيقي“! وهكذا دواليك. وعليه برزت هناك سلسلة طويلة من أساليب التعلم في حقول التعلم والتعليم في بدايات الثمانينات من القرن الماضي.
أتذكر في اول سنة بدأت فيها دراسة الدكتوراه صدر كتاب أساليب التعلم Learning Styles لمؤلفه ديفيد كولب David Kolb صاحب نظريات في التعليم والتعلم بعد أن نشر كتابه فهرس أساليب التعلم Learning Style Inventory الذي استخدم لقياس وتحديد أساليب التعلم للطلبة والطالبات
ومنذ البداية، ظهرت اصوات معارضة لهذه الفكرة «اوما سميت لاحقًا ب الفكرة الزائفة» ان لكل شخص اسلوب تعلم خاص به ولا يستطيع التعلم بدونه. ركز المعترضون على الفكرة على الحتمية القطعية التي يوحي به مفهوم أسلوب التعلم والذي ولَّد اعتقادًا بأن إخفاق الطالب / الطالبة عادة مايُعزى إلى عدم تطابق اسلوب المدرس في التعليم مع اسلوب الطالب في التعلم. فلو كان هناك 35 طالبًا و/ أو طالبة في الفصل يجب على المعلم/ المعلمة ان يشرح / تشرح الدرس بطرق تنسجم مع أساليب التعلم لكل من هؤلاء الطلبة جميعهم. وهذه تبدو مهمة مستحيلة التنفيذ. أما فيما يخص تأثير مفهوم ”اساليب التعلم“ والجوانب السلبية له.
كما هو المعتاد في بداية أي فكرة براقة يرتفع الأمل ويعتقد أنها عصًا سحرية تنفع المتصدين لعملية التعلم للرفع من مستوى تعلم وتحصيل أي طالب مهما كان مستواه وتحصيله السابق، ولكن في التسعينات من القرن الماضي والى الآن أصبح تعديل مفهوم أساليب التعلم إلى مفهوم الأسلوب المفضل للتعلم learning preference لكل شخص والذي يقول أن لكل انسان اسلوبه المفضل في التعلم، ولكن بإمكانه أن يتعلم بإساليب أخرى. مع التقدم التكنولوجي وتقدم العلوم العصبية neuroscience تبين إن مفهوم اساليب التعلم أساليب زائفة ومن اساطير القرن الماضي. الأصوات المنتقدة لمفهوم ”أساليب التعلم“ هذه يلفتون الإنتباه إلى أن أدوار المثابرة والعزيمة والرغبة والحاجة للتعلم لم تؤخذ بعين الاعتبار في مفهوم أساليب التعلم هذه، مما جعل هذه الأساليب غير عملية، بل ليست مؤثرة في التحصيل.
ربما مر القارئ الكريم بأكثر من تجربة تعلم فيها شيئًا ما بأسلوب تعليمي ليس بالضرورة هو الأسلوب المفضل لديه، بل كان استجابةً لرغبته الملحة للتعلم وتلبيةً إلى ارادته في تحقيق ما يحتاجه من معرفة مهما كانت طبيعة أساليب التعلم المتاحة له.
والمقال الذي بين يديك هو من المقالات التي تقدم ادلة دامغة تدحض اسطورة مفهوم اساليب التعلم—والتي للأسف لازال سائدًا ومسيطرًا على قناعات الكثير من الناس
”البحث المترجم“
هناك ثلاثة أساليب تعليمية معروفة [[1 - 5]]: بصرية وسماعية ولمسية. فكرة أن الناس يختلفون في أساليب تعلمهم وأنهم يتعلمون بشكل أفضل إذا تم تعليمهم وفقًا لأسلوب التعليم المفضل لديهم تُعتبر واحدة من أكثر أساطير علم الأعصاب في التعليم التي لا تزال قائمة إلى الآن[6] ].
لا برهان على قيمة أساليب التعلم الثلاثة هذه كأدوات تعليمية. وفقًا للخبراء، فإن الإعتقاد بأساليب التعلم هذه يماثل الإعتقاد بالتنجيم [7] . لكن ”أسطورة علم الأعصاب هذه“ لا زالت قائمة ولا زال البعض يعتقد فيها بقوة.
كشفت مراجعة أجريت عام 2020 لاستطلاعات آراء المعلمين أن 90 % من المعلمين يعتقدون أن الطلاب يتعلمون بشكل أفضل بأسلوب التعلم المفضل لديهم [8] . مستوى هذا الاعتقاد لم ينخفض حتى بعد أن ثبُت زيف هذه الأساليب التعليمية في أوائل عام 2004، على الرغم من الجهود التي بذلها الاكاديميون [9] والصحفيون [10] والمجلات العلمية للعموم «مجلات بوبيلار ساينس» [11] ومراكز التدريس [12] وصناع المحتوى على اليوتيوب «اليوتيوبر، شاهد مقطع الفيديو أدناه» خلال تلك الفترة. حتى أن الجائزة النقدية التي طرحت عام 2004 لأي شخص يستطيع إثبات الفوائد المعتبرة لأساليب التعلم هذه بقيت دون أن يحقق شروطها أي من الباحثين.
مقطع فيديو:
في الوقت نفسه، تشتمل مواد امتحانات الترخيص للمعلمين في 29 ولاية أمريكية ومقاطعة كولومبيا على معلومات بخصوص أساليب التعلم [13] . ثمانون بالمائة من الكتب المدرسية الشائعة المستخدمة في دورات علم أصول التدريس تذكر أساليب التعلم [14] . ما يعتقده المعلمون يمكن أن ينتقل أيضًا إلى الطلاب [15] ، الذين قد يعزوون بصورة خاطئة أي صعوبات يواجهونها في التعلم إلى عدم التطابق بين أسلوب تدريس معلميهم وأسلوب التعلم المفضل لديهم.
أسطورة أساليب التعلم الثلاثة لا تزال صامدة
بدون أي دليل يدعم هذه الفكرة، لماذا يستمر الناس في الإعتقاد بأساليب التعلم هذه؟
أحد الاحتمالات هو أن الذين ليس لديهم معرفة كاملة بالدماغ [16] قد يكونون أكثر عرضة لهذه الأفكار. على سبيل المثال، قد يعرف أحد الأشخاص عن مناطق مميزة في الدماغ تعالج المعلومات البصرية والسمعية. قد تزيد هذه المعرفة من جاذبية نماذج تنطوي على أساليب تعليمية بصرية وسماعية متميزة. لكن هذا الفهم المحدود لكيف يعمل الدماغ يغفل أهمية الإدماج متعدد الحواس [17] ].
السبب الآخر الذي قد يجعل الناس ملتزمين باعتقادهم بأساليب التعلم الثلاثة هذه هو أن الأدلة ضد هده الأساليب قد جاءت في الغالب من دراسات فشلت في العثور على أدلة تدعم مدعاها. بالنسبة لبعض الناس، قد يشير هذا إلى أنه لم تُجرى ما يكفي من الدراسات الجيدة. ربما يتصور هؤلاء الناس أن العثور على أدلة تدعم الفكرة البديهية - بل الفكرة الخاطئة - لأساليب التعلم ينتظر ببساطة تجارب أكثر حساسية، تُجرى في السياق الصحيح، باستخدام أحدث أساليب التعلم. على الرغم من الجهود التي يبذلها الباحثون لتحسين النتائج التي لا تختلف عن النتائج المتوقعة [التي تسمى بالنتائج الصفرية null results] [18,19] والتشجيع على نشرها، فإن العثور على ”صفر تأثير [المترجم: أي لا يُوجد فرق بين نتائج ما بعد التجربة وما كان متوقعًا قبلها]“ قد لا يكون ببساطة جاذبًا للانتباه [20] .
لكن نتائج بحثنا الأخيرة تتعارض في الواقع مع توقعات أساليب التعلم الثلاثة.
نحن باحثون في علم النفس ندرس الفروق الفردية في الإدراك الحسي [21] . نحن لا ندرس أساليب التعلم بشكل مباشر، ولكن دراستنا تقدم أدلة ضد أساليب التعلم الثلاثة التي تفصل بين الناس من حيث تفضيلهم لأسلوب تعلم معين على آخر. مثلًا، اسلوب التعلم البصري ”على أسلوب التعلم“ السماعي".
مهارات التعرف على الأشياء ترتبط بكل الحواس
قبل بضع سنوات، أصبحنا مهتمين بالسبب الذي يجعل بعض الناس يتميزون بسهولة في التعلم بالأسلوب البصري أكثر من غيرهم. بدأنا بقياس الفروق الفردية في التعرف البصري على الأجسام. لقد اختبرنا قدرات بعض الأشخاص في أداء مجموعة متنوعة من المهام مثل مطابقة أو تذكر أشياء من عدة أصناف مثل الطيور والطائرات وأجسام اصطناعية منتجة بالكمبيوتر.
وباستخدام الأساليب الإحصائية المطبقة من الناحية التاريخية على الذكاء، وجدنا أن ما يقرب من 90% من الاختلافات بين الأشخاص في هذه المهام فُسرت من خلال قدرة عامة أطلقنا عليها ”o“ للتعرف على الأجسام بشكل عام [22] . لقد وجدنا أن ”o“ تختلف عن الذكاء العام [23] ، وخلصنا إلى أن الناس الذين يتعلمون من قراءة الكتب أكثر مما يتعلمون من الخبرات العملية [اللمسية] أو الممارسات الاجرائية الأخرى قد لا يكون ذلك كافياً لهم للتفوق في المجالات التي تعتمد بشكل كبير على القدرات البصرية.
يكشف بحثنا أن الناس يختلفون أكثر بكثير مما هو متوقع عادة في القدرات الإدراكية الحسية، وأن هذه القدرات متلازمة في كل من القدرات اللمسية والبصرية والسماعية. وكما يمكننا أن نتوقع أن الطالب المتفوق في اللغة الإنجليزية فمن المحتمل أن يتفوق أيضًا في الرياضيات [24] ، ينبغي أن نتوقع أن الطالب الذي يتعلم بشكل أفضل بأسلوب التعليم البصري قد يتعلم أيضًا بأسلوب اللمس. ولأن المهارات المعرفية [25] والمهارات الإدراكية الحسية [26] ليست مرتبطة معًا ارتباطًا قويًا، فإن قياسهما معًا يمكن أن يوفرا صورة أكثر اكتمالًا لقدرات الشخص.
باختصار، ينبغي أن يكون قياس القدرات الإدراكية الحسية [27] أكثر فائدة من قياس التفضيلات الإدراكية الحسية [واحدة واحدة - آي البصرية لوحدها والسمعية لوحدها واللمسية لوحدها]، لأن التفضيلات الإدراكية الحسية [يعني تفضيل واحد من أساليب التعلم التالية على آخر: البصرية أو السمعية أو اللمسية] تفشل على الدوام في التنبؤ بنتائج تعلم الطلاب. من الممكن أن يستفيد المتعلمون من معرفة أن لديهم مهارات إدراكية حسية عامة ضعيفة أو قوية، ولكن الأهم من ذلك، أن هذا لم يتعرض للاختبار بعد. ومع ذلك، لا يوجد أي دعم لـ ”الأسطورة المتعلقة بالعلوم العصبية“ التي تقول إن التدريس بأساليب تعلم معينة يسهل عملية التعلم