غَريب طُوس وغَريب كَربلاء.. خُلُودُ وعَطَاءْ
تتوالى المناسبات الشعائرية الدينية الأليمة واحدة تلو أخرى فبالأمس القريب شهدنا ذكرى وفاة الإمام علي بن موسى الرضا ، سلطان الأخلاق والكرامة وسلطان المجد والزعامة وسلطان العلم والريادة وسلطان القيادة والإمامة وهو أهل لكل ذلك، ولما لا وقد شملته الفيوضات الإلهية والمدرسة النبوية والعلوم العلوية ليقوم بدوره الرباني المناط به في نشر الوعي والفضيلة وتطهير الأنفس؛ مما علق بها من الزيغ والضلال والتيه والمعاصي والأردان، حتى تكتمل المسيرة والنهج الذي سار عليه النبي محمد والأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.
قد حلق الإمام الرضا في مجالات من علوم شتى جمعت ما بين متطلبات الحياة الدينية والدنيوية وتبعاتها لتترابط العناصر المهمة والضرورية في حياة الإنسان الموحد، فتفسح الطريق له في البحث عن التكاملية التي تقربه من الباري عز وجل وتبعده عن الزلات والوساوس النفسية والشيطانية، وهو هدف يسعى إليه العقلاء؛ لأنه يمثل الإيمان بعينه الذي ينشده كل مؤمن ومؤمنة بتعاليم الشريعة السمحاء التي لا تبخل في عطائها لكل قاصد ومريد.
هذا ما سعى إليه أئمتنا الكرام سلام الله عليهم، وقد التقت ووطدت وثبتت إمامة الرضا تلك الأهداف السامية، ودعت إليها وعاشت في صميمها قولا وفعلا ولا أدل على ذلك في مباركة النهضة الحسينية وتأييدها، والتي أشعلت جذوتها واستمراريتها على ممر العصور في نفوس الموالين والمحبين، وإنها تتجدد مع كل ذكرى لأهل البيت النبوي الكريم وكأنها تسابق الزمن والمستجدات الحاصلة في كل زمان ومكان.
وما هذا الطوفان البشري الهائل التي تشهده مدينة كربلاء المقدسة في إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين لهو دليل واضح وجلي على عمق الولاء الحسيني المبارك
والترابط الأزلي الذي لن ينفك أبدا مهما حاول المشككون والحاقدون في زرع الفتنة وسموم التفرقة في إسقاط هذه الشعائر، وقد بذلوا كل ما يستطيعون، ولكن الخيبة والخسران حصدت شرور مكائدهم ونتاج أعمالهم.
وظل سيد الشهداء تاجا يشع أنوارا ساطعة ومضيئة تكتسح خفافيش الظلام، وتهوي بها إلى مزبلة التاريخ.
فسلام الله عليك يا مولاي عندما ولدت وعندما استشهدت وعندما تبعث حيا.