آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

مهام الرمل «تصفح وسائل التواصل الاجتماعي» قاتلة للوقت والإنجاز

الدكتور فؤاد السني *

يومنا محدود في عدد ساعاته، وقليل من يستغله أفضل استغلال بحيث يمكنه الادعاء أنه يستثمر يومه كاملًا ولا يضيع أي من أوقاته، ولا يهمل أي من مهامه.

نفترض أن يومنا هو إناء ذا حجم محدد. وأن مهام يومنا التي نحصيها لكل يوم، ونجردها في أول النهار، هي بالضرورة متفاوتة الأهمية والذي يعكس تفاوتا في الحجم، وأيضا لها أشكال مختلفة. فيكون السؤال المركزي هنا هو كيف لنا أن ننجز المهام بأفضل كفاءة، ونسجل في آخر اليوم أننا أنجزنا كل ما كنا مخططين لإنجازه في هذا اليوم؟!

لا بد أن يتم تصنيف المهام حسب أهميتها، الذي استعرت الحجم هنا لتمثيل أهمية كل مهمة. فلنصنفها، وكل من موقعه، يرى ما لديه من مهام، ويتمكن من تصنيفها مثلا لخمس مستويات من الأهمية «الحجم»، أو أقل أو أكثر من خمسة. «1» ذا أهمية قصوى، كاجتماع لعرض تقرير مهم مثلا و«5» ذا أهمية متدنية ولكم استحضار أمثلة لها من جدولكم اليومي. وأزعم أن الكثير منكم سيوافق أن من أمثلة «5» المتدنية الأهمية والحجم والذي تم تمثيله بالرمل، هو حقا تصفح وسائل التواصل الاجتماعي الذي يكاد لا يتوقف إلا انقطاعًا عند البعض.

طبيعي أن ترتيب المهام المتفاوتة الحجم «الأهمية» التي توضع في فضاء الوقت، سيؤثر بدرجة كبيرة على إعداد المهام التي يتم استيعابها وخصوصا المهام ذات الأهمية العالية.

ومع حفظ إمكانية التوازن في الاختيار من خارج هذا السياق، فالطبيعي البدء بالأقصى أهمية قدر الإمكان، وبعدها الأقل شيء ما في الأهمية «2» مثلا، وهكذا. وترك المهام صغيرة الحجم وهي الأقل أهمية «مثلا الرمل رقم «5» آخر شيء؛ لأن صغرها يمكنها أن تتسلسل عبر الفجوات بين المهام الأعلى منه.

للأسف لو تمعنا في يومنا، سنجد الكثير منهمكًا في مهام «5» وربما «4» والتي لا تضيف كثيرًا ليومهم، لكنها تستهلك كثيرًا من طاقة يومه الاستيعابية، فتقلص إمكانات إنجاز ما هو أهم «1» و«2» مثلا.

جميل أن نعرف الأهمية النسبية للمهام التي لابد القيام بها وتصنيفها حسب أهميتها. ومن الضروري معرفة الموارد المتاحة «الوقت»، ومن ثم التفكير بمرونة كيفية جدولة المهام لكي يتم استثمار الوقت بأفضل ما يكون.

والشيء الواضح جدا، هو ضرورة ترك المهام الرملية «الكثيرة جدا والقليلة العائدة أو منعدمة المردود» إلى آخر القائمة، والبدء قدر الإمكان بالمهام الكبيرة «حجم كرة القدم، وليس كرة القدم». فالمهام قليلة الأهمية تتمتع بأنها كيرة ومتوفرة دوما، وكل منها قصيرة الوقت، لكنها تتراكم ويشكل الانشغال بها عائقًا عن التوجه للمهام الأهم.

تخيل أن بدأ أحدهم نهاره بتعبئة الوقت بـ «5» الرمل وهي المهام التي لا قيمة لها «التصفح في وسائل التواصل على سبيل المثال». وبعدها «4» قضاء وقت مع الزملاء في المقهى والدردشة بدون تحديد هدف؛ ومن ثم المهام «3» ومن ثم مكالمات ومراسلات اجتماعية وتنسيق المكتب/المحل، وبعدها «2» تنسيق مواعيد اجتماعات للعمل وتجهيز أوراق مطلوبة للعمل، وبعدها «1» وهي المهام الأكثر أهمية مثلا قراءة تقرير قبل الاجتماع، لكن ربما لن يجد له متسع من الوقت لأن الوقت استهلك معظمه فيما دونها بكثير من الأهمية.

فدوما يجب أن نبدأ بـ «1» الأعلى أهمية ثم المهام التي بعدها في الأهمية «2» ونوازن ونسدد من أجل استثمار الفجوات التي تكون موجودة بين المهام الكبار. لكي تستغل بمهام أقل منها أهمية ويمكنها التسلل لهذه الفجوات.

هكذا نقطع الطريق على مهام الرمل «المتمثلة في مهام لا تضيف لإنجازات اليوم كوسائل التواصل الاجتماعي أو التنقل من مقهى إلى بوفيه للدردشة أو عبر الهاتف، وفي نهاية اليوم تضيف صفرا» ويمكن بذلك فسح المجال لمهام جادة وذات مردود عال على إنجاز الشخص.

هل لازال أحد سيلعب بالرمل بعد هذا، كمهمته الأصلية، أم سيتركه ويقنن التعامل معه، مترفعًا لما هو أهم من مهام يومية!

رئيس قسم هندسة النظم السابق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن