تعزيز عمل الخير
هناك مكاسب معنوية تتمثل في إقبال الإنسان على أعمال الخير، وهي لا تقل أهمية عن المكاسب المادية، لذلك يوجه القرآن الكريم الإنسان أن يحمد الله تعالى على نعمة الهداية والولاية، يقول تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: آية 43].
الإقبال على فعل الخير واتباع الحق مكسب عظيم، لكن هذا المكسب المعنوي الكبير قد يتعرض للضعف والانحسار كما هو الحال في المكاسب المادية، وعلى الإنسان أن ينتبه وأن يكون يقظا حتى لا تزول منه مكاسبه المعنوية التي يتوفق لها، الآية الكريمة ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: آية 8] تلفت الإنسان لهذا الأمر: أيها الإنسان، إذا كنت تشعر أنك في خط الهداية في توجهها العام كالسير على منهج الله والعقيدة الصحيحة، أي عقيدة محمد وآل محمد أو الهداية في مناهجها التفصيلية كالقيام بعمل خير وصلاح، فعليك أن تنتبه من مكائد الشيطان الذي يريد أن يثنيك عن أعمال الخير والصلاح، وتعزيز أهمية عمل الخير في النفس، إذا كنت تؤدي صلاتك جماعة فعزز هذا العمل في نفسك، تحدث عن قيمة هذا العمل مع نفسك ومع من حولك، تأمل فيه واكتشف غاياته، ولذلك الحال بالنسبة لقراءة القرآن، ومساعدة الفقراء، ودعم الجمعيات الخيرية، والعمل التطوعي، كلها أمور تحتاج إلى تعزيز في نفس الإنسان.
اختيار الأجواء المشجعة على فعل الخير، قد يعتاد الإنسان أن يرتاد مجالس معينة، لكن عليه أن يتأمل وينظر، هل أجواؤها سلبية أم إيجابية؟ بعض المجالس تكون سلبية، فإذا تحدثوا عن الجمعيات الخيرية أو النوادي الرياضية الثقافية مثلا استعرضوا السلبيات، وإذا تناولوا نشاطا ثقافيا بحثوا عن نقاط ضعفه، وإذا ذكروا شخصية دينية أو اجتماعية تخالف ما هم عليه انهالوا عليها نقدا وطعنا!
وفي مجتمعنا فئة يريدون أن يمسكوا زمام الأمور ويسوقون الناس على حسب رغباتهم وأهوائهم، أمثال هؤلاء الناس نفوسهم سوداوية لا تنظر إلى ما هو إيجابي، ومن يجالسهم يخرج معبأ ضد هذا وذاك، الإنسان بحاجة إلى أن يبحث عن المجالس التي فيها تشجيع على عمل الخير، حتى يحافظ على مكاسبه المعنوية.
أما التطوير في عمل الخير، قد يسأم الإنسان في عمل الخير بعد زمن من ممارسته، ولكن إذا توجه لتطوير العمل، فهذا يشجعه أكثر على الاستمرار فيه، لأنه سيرى نفسه في تجدد وحيوية فلا يصيبه الملل أو الكلل.
أما اتخاذ القدرات، أن يجعل الإنسان أمام عينيه القدرات الصالحة ليطمح في زيادة الخير، فإذا كنت تعرف بعض الأشخاص يؤدون صلاة الجماعة في الفرائض الخمس فتذكرهم، حتى تتحفز فتقتدي بهم، فدائما تذكر من هو أفضل منك حتى تتحفز، وهكذا بالنسبة للعطاء في سبيل الله، ومساعدة الفقراء، ودعم الجمعيات الخيرية، لماذا ينفق غيرك أكثر منك مع استطاعتك؟ الإنسان حين ما يسمع أن فلانا كسب صفقة مادية، فإنه يتمناها إلى نفسه، كما يقول الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العاديات: آية 8]. في الأمور المعنوية ينبغي أن يكون لديه هذا التمني والطموح، تمن لنفسك القيام بعمل الخير قبل غيرك، في بعض الأحيان ترى نفسك تقبل على عمل الخير، وبعد فترة تتراجع عنه، هذا حرمان من الخير، كأنك تصلي الجماعة وبعد فترة تركت لسبب أو لآخر، وكثير من المبررات من وساوس الشيطان، أو كنت تؤدي حقوقك الشرعية، ومن ثم وجدت نفسك لسنوات طويلة تركت هذا العمل، تأمل وتفكر جيدا ستجد أنك خسرت خيرا كثيرا، والإنسان لا يرضى لنفسه الخسارة ما دام قادرا على الحفاظ على المكسب المعنوي الذي يقربه إلى الله تعالى، ليزيد رصيده في الآخرة، وخدمته للمجتمع.
والله ولي التوفيق،