كيفما اتفق
1. «حين تمتد كفي / لا تصافح إلا أصابعها
حين تمتد كفك / كيف تصافح / إلا أصابعها؟»
هذا ما قاله سعدي يوسف، مخاطبا أدونيس. وما يحاول القارئ فهمه من هذا النص المفتوح كشراع، هو: لماذا لم يذكر سعدي المستثنى منه، وما هو هذا المستثنى منه الغامض، مثل محارة، على القارئ؟ أن يقدح خياله؛ ليصل إليه، فهو عميق عمق أدونيس.
2. «الكتّاب قوم يبيعون همومهم على الناس، ويلقون بها عليهم بالإكراه، وهم بطبيعتهم عدوانيون، مهما أعطوا من نتائج، أليسوا يفرضون أنفسهم على المجتمعات، ويطلقون عليها كل ما فيهم من هراء وضلال؟» هذا ما قاله الشيخ عبدالله القصيمي في كتابه «العالم ليس عقلا» فهل توافقه؟
3. «يخطر ببال «فاوست» أن يترجم الإنجيل، فيبدأ بإنجيل يوحنا الذي يبدأ ب «في البدء كانت الكلمة» فلا تعجبه كلمة الكلمة، فيستبدلها «بالفكر»، فلا يعجبه أيضا، فيستبدلها «بالقوة» فلا يعجبه، فيضع مكانها «في البدء كان العمل» جاء هذا في مسرحية فاوست لجيته، وهو ما تقول به الفلسفة المادية، فهل كان جيته أو فاوست من البروليتاريا، وهو اصطلاح لم ينشأ إلا في القرن التاسع عشر؟
4. «إن شعراء الملاحم لا ينطقون بكل شعرهم الرائع عن فن، ولكن عن إلهام ووحي إلهي، وكذلك الأمر في حالة الشعراء الغنائيين. وكما أن كهنة الإلهة كوبيلا لا يرقصون إلا إذا فقدوا صوابهم، فكذلك الشعراء الغنائيون، لا ينظمون أشعارهم الجميلة وهم منتبهون. وما دام الإنسان محتفظا بعقله، فإنه لا يستطيع أن ينظم الشعر، أو يتنبأ بالغيب» هذا ما قاله أفلاطون في محاورة «إيون» وهنا لا بد أن نسأل: هل أن أفلاطون اطلع على ما يدور في ثقافتنا اليوم من آراء حول منبع الشعر من الوعي واللاوعي، أم أن ثقافتنا لا تزال تغرف من أقواله؟
5. «والله ما تركت النادرة، ولو قتلتني في الدنيا، وأدخلتني النار في الآخرة» صاحب هذا القول هو الجاحظ. ومن يقرأ كتبه يلمس لمسا خفة روحه، وحبه للفكاهة، بالإضافة إلى ما قيل فيه قديما، من أن «كتبه تعلم الأدب أولا، والعقل ثانيا»
ما الذي يجمع بين هذه الأقوال المختلفة في مصادرها وأزمنتها؟ هذا ما لك الحق أن تسأله، وسوف أجيبك في مقال آخر، أو لا أجيبك اقتناعا بذكائك.