المهاجر الأفريقي الجائع بين اللعنة ووهم الجنة الموعودة
كلما ترد أخبار عن غرق قوارب المهاجرين الأفارقة كلما يتفطر قلبي لما تعانيه البشرية من ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. وتأملت الموضوع فرأيت أن أكتب بعض الأسطر عنه. وقد رأيت أن هناك أربعة أصناف رئيسية من المهاجرين الأفارقة لدول أوروبا الغربية:
1 - صنف بطران هربان بأموال مسروقة وهو الأقل عددا والأكثر مالا.
2 - صنف جوعان جربان وهو الأكثر عددا والمُعدم مالا «شاهد مقاطع أغنية ”نكتب ونغني خنقتني العبرة“»
3 - صنف خرمان داشر وهو المُغيب عقلا والمغسول دماغا والمنبهر حضاريا يمشي دونما هدف إلا إشباع شهوات فرجه، ويقبل بتمزيق وحرق قيمه وتغيير ديانته من أجل الحصول على اللجوء في أوروبا.
4 - صنف يبحث عن الأمان وهو نتاج الحروب والتوترات والصراع بين الفيلة.
في هذه العجالة وددت أن أتحدث عن الصنف الثاني وهو صنف المهاجر الجوعان الجربان.
يهرب عدد كبير من شباب وفتيات وسط وشمال القارة الأفريقية إلى سواحل أوروبا الجنوبية عبر قوارب مهترئة وقوارب مطاطية صغيرة؛ بسبب الحيف والضيم أو الجوع وقلة الحيلة بحثا عن جنة الفردوس حيث الحلم الأوربي. وفي قوارب الموت، وبعد تصفية الحلقات الأضعف من الهاربين حيث حلقة أمواج البحر وحلقة أسماك القرش وحلقة احتمال الغرق وحلقة ابتزاز المهربين وتهديد القراصنة يبقى من بقى ليصل إلى يابسة القارة الأوروبية وهم على شفا رمق من الموت.
وهناك على اليابسة يبدأ المهاجرون الأفارقة الفقراء في رحلة جديدة بين مطرقة اللعنة من أحزاب اليمين الأوروبي والنازيين الجدد والقوميين الفاشيين الذين لا يجدون غضاضة في رمي كل المهاجرين بأقذع الألقاب، وأقبح النعوت واتهامهم على أنهم السبب الرئيس لأي فشل في أوروبا، وفي تفشي البطالة والأمراض والجرائم. وبين سندان ألم فراق المهاجرين الأفارقة أهلهم وأرض أجدادهم واعزة فؤادهم، وتشوه هويتهم وغربتهم. فبعض صنوف المهاجرين سواء الشرعي أو الغير شرعي منهم، هرب ويهرب من بلد هو ضحية مشكلاته ليكون ضحية لبلد يلقي عليه مشكلاته. دائما هناك من الأوروبيين من يقول:“المهاجرون هم السبب لمشاكل أوروبا …. المهاجرون قذارة فاطردوهم…. إلخ ”. فترى أو تسمع بعض مقالات صحفية وأفلام سينمائية وتغريدات لنشرات إخبارية يتم فيها إلصاق تهم الجريمة والسرقات والمخدرات والاتجار بالبشر والعنف جزافا على المهاجر الأجنبي، لا سيما إذا كان أسمر اللون أو حنطي اللون، وليس من أصحاب الملايين. ولا يسأل الأوروبيون أنفسهم عن دورهم فيما آلت إليه أحوال دول أولئك الفقراء قبل وأثناء وبعد ما حدث ويحدث من الاستعمار لهم من قبل الأوروبيين أنفسهم وما جلب ذلك الاستعمار من مجاعات ونزوح وانتشار فقر وتفشي أمراض. يكون حال الأغلب من المهاجرين الفقراء هو أنه لا بلد جديد احترمهم ولا تنمية بلد كانوا فيه احتواهم. وهذا أمر صعب إنسانيا ويحز في قلب كل إنسان ذو مشاعر صادقة.
هل يعني ذلك أن كلا الخيارين بالنسبة للمهاجر الأفريقي هما طريق مسدود؟! حتما الجواب لا. وإنما وكما يبدو أن المشهد العالمي غير مستقر والتوزيع العادل للثروات مضطرب بشكل عنيف، فبينما الشمال من الكرة الأرضية يتمتع بالخيرات ومحتكر للموارد ومستولى على المواد الخام يعيش عدد كبير من سكان الجنوب من الكرة الأرضية في فقر مدقع وأزمات متفاقمة خانقة. أي أن الحوار بين الشمال والجنوب مازال يراوح نفسه منذ عقود طويلة والمشهد الجديد هو زيادة التدفق البشري من أفريقيا الجائعة إلى أوروبا المترفة. وعليه قد يرى البعض أنه على المتضرر من هذا الوضع اللجوء للإعلام والصراخ ليل نهار عن أزمة هو أشعل فتيلها وعليه التنصل رويدا رويدا من شعارات مثل حفظ حقوق الإنسان!!. أو إعادة الحسابات من جديد وتفعيل الحوار الهادف العادل، وليس حوار الأسياد والعبيد والابتعاد عن الازدواجية في المعايير للوصول لنتائج مرضية وحلول ترسي قواعد النمو والفرص في بلاد المواد الخام الأفريقية لتترك فرصة للإنسان الأفريقي أن يعيش بكرامة في وطنه بدل الهروب للقارة الأوروبية.