الموعظة
يقول أمير المؤمنين : «أحي قلبك بالموعظة»، بمعنى أن هذا القلب يموت من دون الموعظة، وجاء في الآية الكريمة ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ ، والرين هو: طبقة من الصدأ تغلف القلب، فما الذي يزيل هذا الرين؟
إنها المجالس الحسينية التي تعتبر من أهم العوامل في إزالة الرين والصدأ عن القلب، إن هذه الكلمات والإرشادات التي يقولها الخطباء الحسينيون فوق المنابر مؤثرة جدا، فحين يشعر الإنسان بأن قلبه قد مات، يذهب إلى أحد المجالس الحسينية، ليحصل على موعظة أو نصيحة فيشعر أن قلبه قد حيا، وهذا ما تعنيه «أحي قلبك بالموعظة».
لذا في الحقيقة، فإن هؤلاء الخطباء أو طلاب العلوم والمشايخ والعلماء لهم حق علينا جميعا، بالاحترام والتقدير فهم ورثة الأنبياء والأوصياء وحملة العلم وحماة الشريعة وهم روح الأمة وحياتها وكيانها وفيهم بعد الله سبحانه وتعالى، وهذه المجالس أيضا لها حق على جميع الشيعة، وعلى جميع المؤمنين، بل على جميع المسلمين، وهي دين علينا جميعا، فالموعظة من الخطيب أو العالم كلمة مؤثرة، فبأي شيء تغير ”بشر الحافي“؟ إنه تغير بكلمة من الإمام الكاظم حين قال لتلك الجارية: مولاك هذا حر أم عبد؟ ثم قال: لو كان عبدا لأطاع مولاه، إنها كلمة غيرت حياته، فأصبح قبره اليوم مزارا.
ومن الذي غير ”إبراهيم بن الأدهم“؟ إنها كلمة لذلك الدرويش حين قال: أليس هذا خانا؟ فطلبه وأثرت فيه هذه الكلمة بحيث ترك الملك وترك الدنيا، وقال: إني ذاهب إلى ربي فكم من الناس كانوا لا يصلون وقد صلوا ببركة هذه المجالس الحسينية؟ وكم من الناس كانوا ملوثين بالغيبة والنميمة والتهمة، وتغيروا بموعظة الخطيب أو العالم؟ وكم من الناس كانوا لا يؤدون حقوق الناس ولكنهم تغيروا ببركة هذه المجالس؟ إن ذكر أهل البيت بركة كما أن موعظة الخطيب مؤثرة في النفس.
يقول أحدهم حول العلامة السيد محمد كاظم القزويني «رحمة الله عليه» خرج في ليلة من ليالي شهر رمضان من أحد المجالس متجها إلى مجلس آخر ولاحظت أنه مريض، منهك ومتعب، فقلت له: سيدنا لا داعي أن تكلفوا نفسكم فوق ما تستطيعون، إنك الآن مريض ومنهك وقادم من مجلس، اعتذر من أصحاب المجلس الثاني، فقال لي السيد محمد كاظم، أذكر لك قصة حدثت البارحة أو قبل أيام: جاءني رجل وقال لي عندي جار يملك قوة وقدرة وله سلطة لعله كان ظالما، جاء وغصب مني بيتي، فأصبحت بلا بيت وبلا مأوى، وهذا الجار الغاصب يأتي إلى مجلسكم، فإذا تكلمت أنت حول بيتي فوق المنبر، لعل كلمتك تؤثر فيه، ويواصل السيد محمد كاظم رحمه الله، صعدت فوق المنبر، وتكلمت حول الاعتداء على حقوق الناس وحقوق الآخرين والعذاب العظيم الذي ينتظر الذين لا يؤدون حقوق الناس، وقد يقول أحدهم: إنني سأستغفر الله تعالى وينتهي الأمر، كلا... إن الله تعالى لا يتجاوز عن حق الناس، ويواصل السيد قائلا: تكلمت حول هذا المطلب الخاص بحقوق الناس، فجاءني صاحب البيت المغصوب في اليوم الثاني وقال لي: جزاك الله خيرا، فقد جاء جاري الذي غصب بيتي في نفس اليوم بمجرد ما خرج من المجلس ورد لي بيتي، بمعنى أن التأثير كان فوريا لهذه الكلمة والموعظة، وأضاف السيد محمد كاظم القزويني «رحمه الله» فإذا كان للموعظة والكلام هذا التأثير فيجب أن نتحمل العناء من أجل إرشاد الناس وهدايتهم.
اللهم اهدنا وأرشدنا ببركة مجالس الحسين .
والله ولي التوفيق،