مقترحات في إدارة المناسبات «2»
يتقدم بعض أهل ووجوه الكرم والجود وأهل المبادرات وبعض أفراد الأسر المؤمنة المتمكنة ماليا في إقامة مائدة الرحمن في شهر رمضان ”مصر“ أو عقد مضيف الزائرين والمحيين لإحياء ذكرى أفراح وأتراح النبي محمد ﷺ وآل النبي محمد ”العراق وبعض مناطق دول الخليج وخُرسان وبقاع شتى من العالم“ على مدار السنة أو توزيع وجبات إفطار صائم في شهر رمضان ”معظم بقاع المسلمين في العالم وبالخصوص المملكة العربية السعودية“ مجانا وبكميات جدا كبيرة وبسخاء وبأريحية وأخلاق عالية ووجوه بشوشة بقصد القربى إلى الله سبحانه وتعالى وطلب الثواب من الله جل جلاله. وأيضا يتقدم النبلاء من أبناء الديانات والقوميات الأخرى بتقديم الطعام للعامة من أبناء مجتمعاتهم مجانا خلال إحياء المناسبات الدينية والاجتماعية العامة عندهم. تقديم الطعام الطازج المجاني هو عمل إنساني رائع وجميل يُشكر عليه أهل الجود والكرم من بني آدم. وشخصيا أثني على كل المبادرين، وكل الكوادر العاملة في إعداد موائد الرحمن ومضايف آل محمد ﷺ ووجبات إفطار الصائم في كل بقاع الأرض وأشد على أيديهم، وأدعو لهم بالبركة. وأقبل جبينهم فردا فردا من الرجال والأطفال، وألوح بيدي إيماء بالتحية لكل الكادرات من النساء والفتيات. فنعم الأنفس المعطاءة أنفسكم ونعم الكرام أنتم. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
في المقابل ومع شديد الأسف نسمع مواقف وسلوكيات غير لائقة تصدر من بعض الزائرين لخيم موائد الرحمن ومجمعات توزيع برامج إفطار صائم ومستلمي بركة مضايف آل محمد ﷺ. تنم تلكم الأفعال والسلوكيات من قبل بعض المستفيدين عن اندثار الأخلاق لديهم واضمحلال التقدير منهم للآخرين، وتنمرهم في السلوك وغياب المعنى الحقيقي في أذهانهم لروح المناسبة ونكرانهم للجميل.
لك أن تتخيل المواقف التالية:
- شخص يفرض نفسه على أهل المضيف، ويطلب كمية مضاعفة من أطباق الأكل بادعاء أن أبناءه/ها لم يحضروا / يحضرن، وأن عليه أن يأخذ كمية من الطعام ”تسمى محليا البركة“ على عددهم/هن! دون مراعاة الحاجة لتوزيع على الحضور.
- امرأة يُقدم لها طبق طعام فبدل أن تثني على أهل المائدة، ترمي الطعام على وجه أحد الكوادر، وتقول تلك المرأة بكل ازدراء هذه كمية قليلة أو مللنا من هذا الطبق، وتطالب بكمية أكثر أو نوع آخر من الطعام!!
- شخص مدعو يخرج من المضيف وهو متذمر، ويتمتم بكلمات جحود ونكران للجميل من أن الطعام كان خلاف توقعه فهو يريد كباب. أو مندي لحم والذي وجده في التقديم هو كبسة دجاج!!
- يوقت بعض المستفيدين التحاقه بمجلس العزاء أو خيمة توزيع الطعام مع وقت انتهاء قراءة الختمة القرآنية، أو تصرم وقت جلسة النصح والإرشاد أو مع دخول وقت الإفطار في شهر رمضان ليحصل على طبق طعام مغلف مجاني، ثم يتوارى عن الأنظار. وكأن وجوده وقت توزيع الغنائم.
إلى أولئك المستفيدين من الخدمة المجانية الذين أساءوا إلى أصحاب المضائف أو استفزوا أهل مائدة الرحمن، أو بخسوا حقوق موزعي إفطار صائم، واساؤا الأخلاق مع المحيط الاجتماعي، فإني من خلال هذا المقال أستحلفهم بالله أن يقدموا اعتذارهم أولا، وأن يمتنعوا عن أخذ طعام أكثر من حاجتهم ثانيا، وأن يستلهم من روح المناسبة لتهذيب الأخلاق، وأن يتذكروا بأن صاحب المجلس أو القائم على المسجد ليس مسؤولاً عن إطعامهم أو توفير الطعام لهم. وأن يتذكروا أولئك النفر أنه إن لم يحبوا الطعام الذي يُقدم لهم كبركة أو هدية أو إطعام صائم، فليكرموا الناس بسكوتهم، وليمتنعوا عن مد أيديهم نحو أطباق الطعام التي لا يريدونها.
فيا أيها المستفيدون المستفزون للآخرين إن كان الطعام لا يعجبكم بسبب عدم انسجام الذائقة أو عدم توافق وقت تقديمه أو عدم إعداده في مطعم أنتم تعشقون طعمه، فاتركوا الطعام ليستفيد الآخرون به واغتنموا أنتم اللقاء بأبناء المجتمع وتهذيب أنفسكم على الطاعة.
وانتهز الفرصة لأتحدث مع أبناء مجتمعنا الكريم الفاضل بأن يكون من العرف الاجتماعي الحاضر والملزِم أن:
1 - وجوب حسن التعامل مع أهل المضيف / باذل مائدة الرحمن / موزع وجبات الصائم، وكل الكوادر وإظهار التقدير لهم.
2 - الإنكار على أي شخص سيئ الخلق من المستفيدين إن تلفظ بما يستفز به الآخرون لا سيما موزعي البركة وطعام موائد الرحمن.
3 - حجب دخول أي مستفيد سيئ السلوك قليل المروءة لمخيم مائدة الرحمن والمجالس ومخيمات الضيافة ليكون عبرة لمن يريد أن يعتبر.
وهنا كلمة للمتصدرين في البذل والعطاء والنذور بوجوب:
1 - التنسيق بين أماكن نقاط توزيع الطعام لمنع حرق الموارد في مكان واحد أو أماكن متقاربة في الحدث الزمني أو المكاني.
2 - الترشيد المالي لمخصصات الإطعام وتخصيص فائض الترشيد لتبني مشاريع أخرى تساهم في سد النقص والحاجة عند المجتمع في مجالات مهمة لكرامة وبقاء المجتمع وهويته وتماسكه.
ختاما، لقد صُرفت مليارات من الأموال وملايين من الساعات من أعمال التطوع، وجُندت طاقات وتجهيزات وساحات على مدى عقود من الزمن في إعداد وتقديم موائد وجبات البركة المجانية، ولكن مع شديد الأسف مع تطاول الزمن تولد بين جنبات المجتمع في معظم دول العالم الإسلامي أفراد، وهم القلة، همهم علفهم. وأضحوا متواكلين على غيرهم وكسالى لا يشكرون الله، ولا يثنون على عباده وألسنتهم تقذف بالخبيث من الكلام. لا يبالون بالنِعم، ويرمون الطعام ويأخذون أكثر من حاجتهم منه، ويسخرون من جهود الآخرين، ثم يتشدقون بألسنتهم بأنهم خيار عباد الله لكثرة حضورهم للمجالس والواقع أنهم أولئك البعض يحضرون لمغانم المجالس من طعام، وليس للتربية والرقي في السلوك وتجسيد روح المعان السامية. أتطلع من خلال نداءات الصادقين أن يستيقظ أولئك النائمين.