آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 10:22 م

هل أنت عاطفي أم عقلاني؟ قيم نفسك

الدكتور جاسم المطوع *

أنا شخص عاطفي فكيف أتعامل مع شخص عقلاني؟ أو أنا عقلاني كيف أستوعب شخص عاطفي؟ هذه من الأسئلة التي تردني كثيرا فأحببت بهذا المقال أن أكتب عن أبرز صفات الشخصية العاطفية والعقلية، وكيف كل واحد منهم يستوعب الآخر، فالشخصية العقلية من صفاتها الأساسية أنها تفكر بطريقة منطقية وموضوعية، وتستخدم العقل في اتخاذ القرار، وتبحث عن المعلومات والحقائق دائما، وفي الغالب تكون شخصية ناقدة وتحليلية، والإهتمام بالأحاسيس غالبا عندها ضعيف، أما الإهتمام بالمشاعر يكون غالبا قليل، وهي شخصية قوية تميل للقرارات العادلة، وتلتزم كثيرا بالقوانين، ولديها مهارات قوية في حل المشاكل وهي شخصية في الغالب صامتة.

أما الشخصية العاطفية فهي شخصية حنونة، وتهتم كثيرا بالآخرين، ولطيفة في التعامل، وتكره الخلاف والاختلاف، وتؤثر العاطفية في قراراتها أكثر من المنطق، وهي شخصية حساسة سريعة التأثر، وتحاول إرضاء الجميع عند اتخاذ القرار، وتتعامل مع المشكلة بشكل شخصي، ولديها القدرة على التعبير عن مشاعرها بشكل واضح، وتفهم المشاعر بشكل جيد وتحلل لغة الجسد، ويمكنها بناء علاقات إنسانية قوية ومستمرة، ولديها المرونة في التعامل مع التوتر والمشاعر الحزينة وهي شخصية تعبيرية.

ولا نستطيع أن نفاضل بين الشخصيتين فكل واحد منهما مفيدة في مجال معين في الحياة، فالعاطفي مفيد في بناء العلاقات والتفاعل مع الآخرين، والعقلاني مفيد في التحليل واتخاذ القرارات وحل المشكلات، وبعض الشخصيات لديهم القدرة على التوازن بين العاطفي والعقلي فيكون قادرا على التفكير العقلاني واتخاذ قرارات مدروسة بينما يظل متفهما ومتعاطفا مع مشاعر واحتياجات الآخرين وهذا ما يدعوا له المنهج السلوكي الإسلامي، فالإسلام يشجع على التوازن بين العقلانية والعاطفة والتعلم والتدريب جزء من بناء الشخصية.

ولكن السؤال المهم هو: كيف يكسب الشخص العاطفي شخصا عقلانيا؟ والجواب: أولا على الشخص العاطفي أن يقدر طبيعة الشخص العقلاني وميله للواقعية، فلا يتوقع منه كثيرا أن يعبر عن مشاعره وأحاسيسه بالكلام، وإنما قد يعبر عن حبه ومشاعره بالعمل والإنجاز، وإذا أردت أن تتكلم معه فحاول أن توصل فكرتك بطريقة علمية أو رقمية حتى تصل معه إلى نتيجة، وحاول أن تشاركه هواياته فهذا سيقربك منه أكثر، ولا تكون لحوحا أو ناقدا أو مكثرا للنصائح فهم لا يحبون هذا النوع من التعامل، وفي الغالب يصفونهم بالأنانية ولكن الحقيقة هم ليسوا أنانيون وإنما هكذا هي شخصيتهم.

أما لو كنت أنت عقليا وتريد أن تتعامل مع شخص عاطفي وتستوعبه، فعليك أولا أن تتفهم مشاعره وتهتم بها حتى ولو كانت لا تأثر على قراراتك، وكن مستمعا له عندما يعبر عن مشاعره، ولا تتوقع منه أن يعطيك معلومة منطقية أو حقيقة علمية لأنه يتحدث بطريقة عاطفية، وكل ما يحتاجه منك هو دعما نفسيا وتشجيعا لموقفه أو سلوكه أو تفهما لحديثه، وتجنب الإنتقاد الحاد له، وحاول أن تنتقي كلماتك لأنهم في الغالب يفسرون الأمور بطريقة عاطفية أو يحولون الموضوع لقضية شخصية، فكن مرنا ولا تفرض عقلانيتك عليه، حتى لو كنت تراه يضيع وقتك بوصف مشاعره أو يكثر الدخول في التفاصيل، وفي الغالب يصفونهم الناس بأنهم «دراما» ولكن الصحيح أن هذه هي شخصيتهم.

ومن ميزات الشخصية العاطفية أن حبهم صادق، وتضحياتهم كبيرة، ودعمهم لا يوصف، ويحافظون على العلاقات ويصعب عليهم قطعها، أما الشخصية العقلانية فمن ميزاتها أنها مريحة في التعامل لأنها تتصرف بحكمة، ولا يدخلون من حولهم بمشاكل وهمية ولديهم القدرة على التحليل وحل المشكلات، فكل ميسر لما خلق له.