بشارة مُلهمة
يبشر شخص شخص آخر:
- بولادة مولود له أو
- بنجاح ابنه أو
- برجوع أحد أقاربه من حج أو بعثة دراسية أو انتداب عمل أو
- باستحصال موافقة على قبول جامعي أو حصول موافقة خطبة ابنه على كريمة إحدى الأسر أو
- إعلان تعيين وظيفي أو ترقية
- عقد زواج
- استحصال صفقة تجارية ناجحة
- العثور على كنز
- الشفاء من مرض مستعص
فيسعد ويفرح ويحتفل الشخص الذي تم تبشيره بالنبأ المفرح، ويعد الطعام أو يوزع الحلوى ابتهاجا وفرحا بهذه أو تلك المناسبة. إلا أنه سرعان ما يخبو الشخص الذي بُشر إلى حالته الطبيعية بعد حين من الوقت. ومع عودته إلى ملامسة تحديات الواقع يرجع إلى هموم الحياة وصروف الدهر. وهذا هو ديدن الحياة. إلا أن هناك بشارة تلمع في الأفق في زمن اضمحلت أو قلت فيه البشارات السعيدة، وكثرت فيه النزاعات والصراعات والقلاقل. ولك أن تتخيل من هو المبشر لنا بتلكم البشارة الجميلة، والتي تزداد لمعانا كلما تقدم بنا العمر، وأفلت الدنيا عن البعض منا لكبر سن واشتداد الوهن واشتعال الشيب!! إن المبشر لنا هو حبيبنا نبينا المصطفى محمد ﷺ. فهو البشير النذير والرحمة الأبدية على العالمين.
في أيامنا هذه نشهد مشهداً تاريخياً قل نظيره في الأمم السابقة، حيث اجتمع وساد فيها:
- عبدة الشيطان
- أتباع قوم لوط
- أهل الإلحاد والكفر
- قتلة الأنبياء
- أهل الرذيلة والفسوق والمجون
- أكلة أموال الناس بالباطل
- عبدة الهوى وأصحاب الألوان
- قتلة الأبرياء
- حارقو كتاب الله
- مفجرو المساجد
- محرفو الكلم عن مواضعه
- مغتصبو الحقوق والأعراض
- المطففون
- المنافقون والمدلسون
- تجار المخدرات والمُسكرات وتجار الأعضاء البشرية
- تجار السلاح وتجار الدواء
- ناشرو الأمراض والحروب
كل تلك التحديات العقدية والتربوية والسلوكية والمعاملاتية في كفة، وفي كفة أخرى يُصارع البعض تحديات الحياة المعيشية اليومية من تضخم في أسعار السلع وغلاء المعيشة وتصاعد إيجارات وإيذاء جيران سوء، أو تسلط مدير عمل نذل أو تزايد متطلبات الحياة أو ابتلاء بأمراض مزمنة أو قلة حيلة وقصر يد أو تفكك وتفتت وتشرذم مجتمع أو ضياع هوية... الخ. وإجمالا الآية القرآنية الكريمة نطقت بلسان حال تلكم الفتن كابتلاء لتمحيص ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: آية 2]. وهذه الفتن مصداق الحديث المنسوب للنبي ﷺ: ”تكونُ بينَ يديِ السَّاعةِ فِتَنٌ كقطَعِ الليل المظلم يصبِحُ الرَّجلُ فيها مؤمِنًا ويمسي كافِرًا ويمسي مؤمِنًا ويصبِحُ كافِرًا يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعرَضٍ منَ الدُّنيا“.
ومع شدة حلكة التحديات يكون هناك ضوء في نهاية النفق. وفحوى البشارة الواردة على لسان كتاب الله العظيم ونبيه الكريم ﷺ هو أنه فقط وفقط بالالتزام والثبات على الاستقامة، الإنسان السوي يكتب تاريخه ومجده وعزه وآخرته بيده ”كل نفس بما كسبت رهين“. فإن نجح في ذلك بعد الالتزام بصلاته وصومه وأداء حقوق عباد الله وحسن الجيرة والإنصاف في التعامل والتعامل بالخلق الجميل وتجنب الكذب والرذيلة والنميمة وأهلها وتفادي مواطن الشبهات الواقعية والافتراضية، فإنه حينذاك يكون مصداق الآية الكريمة: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب: آية 47]
نحن نعلم بأن الحديث الشريف الذي فحواه: ”يأتي زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر“. إلا أن التسديد المعنوي الوارد في القرآن الكريم بصيغة ”وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ“ و”وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ“ و”وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ“ و”لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ“ و”وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ“ و”وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ“ بإجمالي ناهز عشرات الآيات هي رسائل ووعود من رب الوجود لخلقه الموفون بالعهود. ويقينا ما جزاء أهل الإيمان الأوفياء من الله جل جلاله إلا الجنة والكرامة.