زيارة النبي وأهل بيته.. زيارة الخاشعين
داخل الحرم النبوي تتعدد الصور، راكع وساجد، قارئ للقرآن، قارئ للدعاء والزيارة...
هناك الشيخ الطاعن في السن الذي جاء من أقصى بلاد المسلمين جالس على كرسي متحرك... يتمتم بكلمات.. وبعين دامعة..
توقفت مع نفسي قليلا وتساءلت لماذا لا نخشع ونحن في جوار النبي الأكرم ﷺ..؟
عندما نقرأ عن فضل زيارة النبي وأهل بيته نجد ذلك الثواب الجزيل فقد ورد عن النبي الأكرم ﷺ: «من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله تعالى»، وروي في حديث معتبر عن عبد الله بن عباس، عن رسول الله ﷺ قال: «من زار الحسن بالبقيع ثبت قدمه على الصراط يوم تزول فيه الاقدام».
وروى الحميري في «قرب الاسناد»: عن الصادق عن النبي ﷺ قال: «من زارني حيا أو ميتاً كنت له شفيعاً يوم القيامة». المصدر مفاتيح الجنان
في هذه اللحظة جاء أحدهم صافحني وخاطبني كنت أصلي بجانبك... وأنا أقدم اعتذاري لأي إزعاج سببته لك.
نظرت إليه مدهوشا.. ابتسمت له وصافحته بحرارة وقلت له: لم يكن هناك أي إزعاج.. وأنا أشكرك على هذه الروح الطيبة وهذه الأخلاق الحميدة سيما نحن بجوار من ذكره القرآن ب ”وإنك لعلى خلق عظيم“
قال نعم هو قدوتنا...
لا أعلم لماذا انتظرني هذا الرجل السمح وقال ما قال...
توقفت لحظات وقلت في نفسي نعم نحن بحاجة للخشوع في أعمالنا..
علينا أن نجعل من هذه الرحلة
رحلة تعيد الارتباط بالنبي الأكرم وأهل بيته
رحلة تعيد الخشوع في العبادة فتكون الصلاة صلاة الخاشعين لا صلاة ”الكسالى“.
لتكن هذه الرحلة دورة تعليمية عن حياة النبي وأهل بيته بأن نقرأ سيرتهم ونتعرف على تلك المواقف وتلك الأخلاق وتلك العلوم التي كانت تميز سيرتهم العطرة، ولتكن زيارتنا زيارة العارف بمن سيزوره.
لتكن هذه الرحلة رحلة التأمل في فقرات الزيارة واستخلاص الدروس العبر منها.
لا تكن فقط زيارة الجفاف فلا خشوع ولا دموع.
غادرت الحرم متوجها للبقيع المقدس فرأيت إحدى النساء المصريات وهي تذرف الدموع وهي تنظر للقبة النبوية..
قرأت الآية المباركة
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: 16]
اللهم اجعلنا ممن تخشع قلوبهم عند ذكرك...
لا تجعلوا زيارة النبي الأكرم ﷺ رحلة سياحية، بل عليكم أن تجعلوها رحلة عبادية من خلال التوجيه والإرشاد الديني والتأكيد على مراعاة كمال الأدب والوقار والخشوع.