وفي السلوك والانتباه والنوم والتحصيل الأكاديمي في مرحلة المراهقة
القراءة من أجل المتعة في وقت مبكر من مرحلة الطفولة مرتبطة بتحسن في بنية الدماغ وفي القدرات المعرفية
28 يونيو 2023
المترجم؛ عدنان احمد الحاجي
المقالة رقم 203 لسنة 2023
Reading for pleasure early in childhood linked to better cognitive performance and mental wellbeing in adolescence
28 June 2023
في دراسة نشرت في مجلة الطب النفسي Psychological Medicine في 28 يونيو2023 وجد باحثون في المملكة المتحدة والصينأن 12 ساعة في الأسبوع هي طول فترة القراءة المثلى [1] ، وأن هذه الفترة من القراءة مرتبطة بتحسن في بنية الدماغ، مما قد يساعد في تفسير نتائج الدراسة.
القراءة من أجل المتعة قد تكون نشاطًا مهمًا وممتعًا في مرحلة الطفولة. بخلاف الاستماع واللغة المنطوقة [2] ، التي تتطور بسرعة وسهولة لدى الأطفال الصغار «الدارجين»، القراءة هي مهارة مكتسبة وتتطور بالتعلم عن وعي وقصد وانتظام وتتراكم بمرور الزمن «explicit learning» [3] ».
أثناء مرحلتي الطفولة والمراهقة تتطور أدمغتنا، مما يجعل هاتين المرحلتين مهمتين لتأسيس وترسيخ سلوكيات تدعم تطور قدراتنا المعرفية وتعزز صحة أدمغتنا الجيدة. ومع ذلك، لم يتضح حتى الآن تأثير - إن وجد - تشجيع الأطفال على القراءة من سن مبكرة في نمو أدمغتهم وتطور قدراتهم المعرفية [4] cognition وتحسن في صحتهم العقلية في وقت لاحق من حياتهم [مرحلة الشيخوخة].
وللتحقق من ذلك، درس باحثون من جامعتي كامبريدج ووارويك Warwick في المملكة المتحدة وجامعة فودان Fudan في الصين بيانات من مجموعة دراسة دماغ المراهقين والتطور المعرفي «ABCD» في الولايات المتحدة، والتي حشدت أكثر من 10 آلاف مراهق صغير [10 - 13 سنة، حسب التعريف].
قام الفريق بتحليل مجموعة واسعة من البيانات بما في ذلك بيانات المقابلات السريرية والاختبارات المعرفية [5] والتقييمات العقلية [6] والتقييمات السلوكية [7,8]، وتصوير الدماغ، مقارنين الصغار الذين بدأوا القراءة من أجل المتعة في سن مبكرة نسبيًا «بين سنتين وتسع سنوات» مقابل أولئك الذين بدأوا القراءة في سن متأخر جدًا أو لم يقرأوا على الإطلاق. التحليلات حيدت تأثير العديد من العوامل المهمة، بما فيها الوضع الاقتصادي الاجتماعي «المعروف ب سوسيواقتصاد [9] ].
من بين 10243 مشاركًا خضعوا للدراسة، كان لدي أقل من نصفهم بقليل «48٪» خبرة بسيطة بالقراءة من أجل المتعة أو لم يبدأوا في ذلك إلا في وقت متأخر من طفولتهم. أما النصف الآخر فقد مضى على بدئهم القراءة من أجل المتعة فترة تراوحت ما بين ثلاث إلى عشر سنوات.
وجد الفريق علاقة قوية بين القراءة من أجل المتعة في سن مبكرة والأداء الإيجابي في مرحلة المراهقة في الاختبارات المعرفية [5] التي تقيس عوامل كعوامل تذكر المعلومات التي سمعها [مثلًا من إحدى المحاضرات] والذاكرة وتطور الكلام والتحصيل الدراسي في المدرسة.
يتمتع هؤلاء الأطفال الذين قرأوا مبكرًا من أجل المتعة أيضًا بصحة نفسية أفضل، حين تم تقييمهم باستخدام عدد من التقييمات السريرية وتقارير أولياء الأمور والمعلمين، والتي لم تثبت إلَّا وجود بعض أعراض التوتر والاكتئاب البسيطة، بالإضافة إلى تحسن في مستوى الانتباه ولم يلاحظ عليهم مشكلات سلوكية، كالعدوان [10] ومخالفة القوانين، إلَّا مشكلات بسيطة.
الأطفال في مرحلة المراهقة الذين بدأوا القراءة من أجل المتعة في وقت مبكر من حياتهم يقضون أيضًا وقتًا أقل أمام الشاشات - على سبيل المثال، يقضون وقتًا أقل في مشاهدة التلفزيون أو استخدام هواتفهم الذكية أو الأجهزة اللوحية - خلال الأسبوع وفي عطلات نهاية الأسبوع، كما ينامون أيضًا فترة أطول.
عندما نظر الباحثون في صور الدماغ من الدراسة التي أجريت على مجموعة المراهقين، وجدوا أن لهؤلاء المشاركين الذين اعتادوا على القراءة للمتعة في سن مبكرة مجموع مساحة الدماغ السطحية نوعًا ما أكبر [المساحة السطحية للدماغ تتراوح بين 1,500 وبين 2,000 سم مربع] [11] وحجم الدماغ [12] نوعًا ما أكبر، بما في ذلك مناطق دماغية معينة تلعب أدوارًا حساسة في قدراتهم المعرفية cognition [4] . مناطق الدماغ الأخرى التي كانت مختلفة في أوساط هذه المجموعة هي تلك التي ثبت سابقًا أنها مرتبطة بتحسن في الصحة العقلية والسلوك والانتباه.
قالت البروفيسور باربرا ساهاكيان Barbara Sahakian من قسم الطب النفسي بجامعة كامبريدج: ”القراءة ليست مجرد ممارسة ممتعة - من المسلم به إلى حد كبير أن القراءة في سن مبكر تعتبر مصدر الهام للتفكير والإبداع وتزيد من التقمص الوجداني وتحد من مستوى الضغط النفسي. ولكن علاوة على ذلك، وجدنا قرينة مهمة على أن القراءة لأجل المتعة مرتبطة بعوامل تطورية مهمة لدى الأطفال، مما يؤدي إلى تحسن في القدرة المعرفية [4] والصحة العقلية وبنية الدماغ، والتي تمثل حجر زاوية للتعلم [13] والرفاه [14] في المستقبل“.
طول الفترة المثلى للقراءة من أجل المتعة للمراهق كانت حوالي 12 ساعة في الأسبوع. وما يتجاوز طول هذه الفترة، لا يبدو أن له فائدة مضافة أخرى. في الواقع، القراءة لفترة أطول من 12 ساعة في الأسبوع تسيب انخفاضًا تدريجيًا في القدرة المعرفية وهذا كما يقول الباحثون قد يوحي بأن القراء يقضون وقتًا أطول جالسين [خاملين بدنيًا بلا نشاط] لفترة أطول مما لا يبقي لهم إلَّا وقت أقصر للقيام بأنشطة أخرى ربما تكون أكثر ثراءً من الناحية المعرفية، بما فيها ممارسة الألعاب الرياضية والأنشطة الاجتماعية.
قال البروفيسور جيانفينغ فينغ Jianfeng Feng من جامعة فودان Fudan في شنغهاي بالصين وجامعة ورويك Warwick بالمملكة المتحدة: ”نشجع أولياء الأمور على بذل قصارى جهودهم لإثارة متعة القراءة في أطفالهم من سن مبكرة. فلو تم ذلك بشكل صحيح، فلن يمنحهم ذلك البهجة والاستمتاع فحسب، بل سيساعدهم أيضًا على تطوير مهاراتهم ويحفزهم على عادات الاستمرار في القراءة طوال حياتهم، والتي ثبتت فائدتها أيضًا حتى بعد دخولهم مرحلة الرشد «20+ سنة»“.