آخر تحديث: 22 / 11 / 2024م - 9:31 م

الموظف طالب مدرسة!

فريال علي الشيخ صالح *

جاء زميل صباحاً يطلب اللقاء بي كوني قائداً لفريق قد يزيد عدده ما بين 1000 إلى 1200 موظف، فوجئت بدخوله المكتب وبصحبته والده المسن.

وقد جاء يطلب طلباً لم يكن من حقه كموظف ولأنه يغفل حقوقه، ولم يكلف على نفسه أن يطلع على تلك اللوائح قبل تحميل أبيه فوق قدر استطاعته وجلوسه الباكر وتحمله عناء زحمة الطرق.

حينها طلبت للأب كوب شاي وماء، راق له عمل ولده، والذي لم يكن طلبه صعباً قدر تحمل الجهد والجد الذي أخذ بتعظيمه وتضخيمه يوازي تكلف والده بالحضور معه، وطلبه مرافقته لطلب لم يكن من حقوقه.

تم معالجة الطلب برضى كموظف ورضى الوالد كذلك، وقد خرجا من المكتب، وأنا أمازحهما سوياً وعلامات السعادة تعتلي وجهيهما. بعد مغادرتهما المكتب طلبت من السكرتيرة عدم مناداة التالي والتريث لبضع دقائق، فإنني بحاجة أن استوعب ما حصل من موقف.

أصبح رأسي يضج بالأسئلة الملحة!

لماذا الابن قرر مصاحبة والده معه!

لماذا هناك قصور لدى الابن!

هل الأب واعٍ تماماً لمسألة مرافقة ابنه!؟

ما علاقة الطلب بحضور الابن والوالد!

وغيرها من الأسئلة التي جعلتها مفاتيح نقاش لنفسي والتفكير ملياً بها لاحقاً، تابعت يومي كالعادة، لكن لازال ذلك الموقف عالقاً بزاوية من زوايا دماغي أريد التفكير به بهدوء.

قد توالت الأيام، وها أنا أفكر معكم بذلك الموقف الذي أراه محل نقاش لعلنا نستفيد من تلك المواقف، ونجعلها دروساً مستفادة.

عندما نقف على تلك الأسئلة ونفسرها بالحيثيات الموجودة بمجتمعاتنا فمثلاً «لماذا الابن قرر مصاحبة والده معه!»، قد يكون أسلوبا تكتيكياً من الموظف أنه يستعطف رؤساءه بحضور كبار السن، والذي يستوجب علينا الخجل واحترام سنهم والأخذ بالاعتبار بعدم ردهم والوصول إلى مستوى من الرضا.

لا أعلم نية الموظف، لكنه استعطفني وتعاملت معه بذكاء وأرضيت الطرفين. قد يكون أصاب بفعلته، لكن توجب الحذر هنا.

هل بيئة العمل شبيهة بالمدرسة لكي يحضر الآباء برفقة أبنائهم، أم أن الموظف لم يعي أنه وصل مرحلة النضج، وأنه مسؤول عن نفسه وعن تصرفاته، وكل ما يخصه سواء بالعمل أو خارج العمل، فهو مسؤول عن تصرفاته وحياته مسؤولية تامة. سن الأب كان واضحاً أنه تبنى كل الصعوبات والتقلبات لكي يصل ابنه لمرحلة التوظيف والنجاح. فهل من المعقول لا يتم مكافئته من ابنه وألا يجعله يتعرض لتلك المواقف، والتي من الممكن أن تحزنه.

أما السؤال الثاني «لماذا هناك قصور لدى الابن!»

لماذا الموظف لم يكلف على نفسه قراءة اللوائح من مسؤوليات وواجبات قبل مطالبة جهة العمل أياً كانت بطلبات هو لا يستحقها، وقد يتعرض للإحراج بطلبه العشوائي. وقد رأيت ذلك في بيئة العمل كثيراً أن الموظف يبدأ بحماس من مرحلة التوظيف إلى الوقوع بإحراجات مثل تلك المواقف، وقد يغفل أو يتناسى تماماً قراءة تلك اللوائح بتمعن وروية، على الرغم بتوقيعه على استلام ما يخصه من مسؤوليات وواجبات منذ بداية توظيفه. وكذلك الجهات العليا أو الإدارات يتوجب عليها تأكيد ذلك من خلال تكرار التوعية المستمرة بأنظمة العمل.

أما السؤال «هل الأب واعٍ تماماً لمسألة مرافقة ابنه!؟» في هذا السيناريو أعلم تماماً أن الأب لم يكن مخيراً بل مجبوراً، بحكم سنه.

وقد يكون مستوى تعليمه عذراً لتمريره، لكن ماذا لو كان الأب غير مسن. هنا سيتغير الوضع إذا كان الأب يتصدى لأبنائه بكل مراحل حياتهم، ويقف معهم بكل عثرة بحياتهم، حتماً فإنهم أبناء فاشلون لا يمكن بناء وتكوين أسر بالمستقبل، وأن تعامل الأب معهم على هذا النهج هو سبب ضياعهم، لأنه لن يدوم لهم عمراً.

ولعل أسلوب الآباء التقليدي يجعل تلك الفئة تتهاوى إلى الفشل والاعتماد على الغير.

أما «ما علاقة الطلب بحضور الابن والوالد!» لعل الموظف جعل ذلك اختباراً يقيس فيه كل الموازين التي يعطي احتمال الإلحاح على الطلب بقدر أهمية حضور الأب. بما معنى كلما تعسر طلبه كلما احتاج وجود والده، استغرب ذلك الربط الذي يبين لي إخفاق الموظف، وقد يكون حل المشكلة يسير وسهلاً، لكنه فشل بالبحث عن مخرج.

هذا الموقف جعلنا نعيد ترتيب نظام المكتب بالتعاون مع الإدارات المعنية بعدم السماح للدخول للمكاتب لغير الموظفين، فالآباء والأزواج غير مسموح لهم بالدخول.

الموظف مسؤول عن أموره وهو قائد نفسه، الموظف ضعيف الشخصية غير مقبول مهنياً، وكل موظف به تلك المواصفات لا بد من القياديين من توضيح تلك الأمور، وجعلهم موظفين أقوياء وصقلهم بالتعرض لتلك المواقف والاستفادة القصوى للممارسات المهنية والتصيد للأحداث التي تجعل منها دروساً مستفادة لكلا الطرفين.

يجب أن يكون لدى كل موظف محرك داخلي لتحسين نفسه بشكل مستمر. والحرص على مكان العمل وجعله أكثر ملاءمة للعمل ليست سوى جزء من المعادلة. يجب على الموظفين أيضًا مشاركة عبء تحسين مكان العمل من خلال النمو الشخصي. عندما يكون الأشخاص محفزين يمكن أن يكونوا موظفين منتجين قادرين على التغلب على المواقف والصعوبات، والتحفيز هنا اقصدبتقبل أخطاء الموظفين وإخفاقاتهم وتمريرها لهم بقدر الإمكان، فكل كبوة منها درس يتعلم الحصان من كبوته.

موظفة بوزارة الصحة / بإدارة التحول المؤسسي بالتجمع الصحي.
قائدة إدارة المشاريع بالتجمع الصحي بالأحساء
أخصائية تمريض /حاصلة على شهادة بكالوريوس من جامعة طيبة.
دبلوم تخطيط استراتيجي معتمد من وزارة التعليم البريطانية (كواليفي).. PMP شهادة الاحتراف العالمية لإدارة المشاريع
مدربة معتمدة من جمعية القلب الامريكية لإنعاش القلبي الرئوي.
دبلوم تمريض / جامعة الملك فيصل.
شهادة معتمدة Preceptorsh
مدربة معتمدة لطاقم التمريض.

الأحساء - الهفوف