وفاة أحد والدي الطفل لها وقع سيء على جهازه المناعي مع تقدمه في السن
قد يكون لجائحة كوفيد تبعات مضاعفة في المستقبل
21 يونيو 2023
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 202 لسنة 2023
Losing a parent early in life impacts a person’s immune system as they age
بعد أن يفقد الطفل أحد والدبه أو ممن يقوم على رعايته في سن مبكرة، فإن جهاز مناعته سيتضرر حين يتقدم في العمر «في مرحلة الشيخوخة»، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ميشيغان.
وجدت مجموعة من الباحثين بقيادة غريس نوبيرت Grace Noppert أنه إذا تُوفي والدا طفل لم يبلغ سن السادسة عشرة أو إذا فقد أحد القائمين على رعايته، أو انفصلا والداه عن بعضهما لمدة تزيد عن ستة أشهر، فإن وظائف جهازه المناعي يتأثر سلبًا في مرحلة شيخوخته. نشرت النتائج التي توصلوا إليها في مجلة بلوس ون [1] PLOS One.
لمعرفة مدى تأثير فقدان الطفل لوالديه أو احدهما أو القائم على رعايته في صحة جهازه المناعي، فحص الباحثون فيروسًا يسمى الفيروس المضخم للخلاياCMV [2] . يُعد الفيروس المضخم للخلايا جزءًا من عائلة فيروس الهربس، وهو فيروس يصيب حوالي 80٪ ممن سكان أوروبا وأمريكا الشمالية و100٪ من سكان آسيا أو إفريقيا، وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة. وهو أيضًا فيروس يروي لنا الأحداث التي مر بها الجهاز المناعي البشري.
"المثير للاهتمام حول هذا الفيروس هو كيف يتعامل جسم الانسان معه. لا يتخلص الجسم منه تمامًا، ولكن يتكرر تنشيطه / نشاطه طوال العمر عندما يتعرض أي شخص للإجهاد النفسي [3] ، أو يتعرض إلى ظروف أخرى مجهدة للبدن، مثل تعرضه لسوء التغذية، من المحتمل جدًا أن تعيد الصدمة النفسية نشاط الفيروس، كما قالت نوبيرت، باحثة في علم الأوبئة الاجتماعية في مركز أبحاث المسح الاستقصائي في معهد البحوث الاجتماعية في جامعة ميشيغان. وعليه في كل مرة ينشطالفيروس يدفع بجهاز المناعة إلى إستهلاك كل هذه الموارد في محاولة ايصال الفيروس إلى حالة الكمون latent state مرة أخرى،
”هذه المحاولات مكلفة، لجهاز المناعة بهذه الطريقة. عندما تلاحظ شخصًا لديه مستويات عالية من الأجسام المضادة للفيروس المضخم للخلايا، فهذا يعتبر قرينة على أن جهاز مناعته لم يعد يتعامل مع هذا الفيروس بشكل جيد“.
بالنسبة للدراسة، استخدم الباحثون بيانات من حوالي 6 آلاف شخص، مأخوذة من دراسة الصحة والتقاعد. دراسة الصحة والتقاعد HRS هي دراسة استقصائية طولية مستمرة وممثلة على المستوى الوطني للأمريكيين فوق سن الخمسين والتي بدأت في عام 1992 وشملت أكثر من 20 ألف شخص. تضاف مجموعات أخرى إلى هذه الدراسة الاستقصائية مرة كل عامين، كما تُجرى دراسات متابعة استقصائية فرعية كل عامين.
في عام 2016، بدأت دراسة الصحة والتقاعد HRS في إطلاق دراسة بيولوجية فرعية جديدة، دراسة الدم الوريدي. من خلال دراسة الدم الوريدي [4] ، تمكن فريق البحث من قياس أربعة مؤشرات للوظائف المناعية في مرحلة الشيخوخة، بعد سن ال 65 عامًا. وشملت هذه المؤشرات البروتين المتفاعل - ج [5] ، وإنترلوكين-6 [6] ، وعامل تنخر الورم القابل للذوبان [7] ، والغلوبولين - ج المناعي «IgG» للفيروس المضخم للخلايا [8] .
وجدوا تلازم متسق بين المشاركين الذين فقدوا والديهم أو مقدمي الرعاية لهم أو مروا بحالات انفصال بين والديهم وهم دون السادسة عشرة من العمر وبين ضعف وظائف الجهاز المناعي في جميع المجموعات العرقية والأثنية الفرعية. لكن الأقليات من غير البيض [الأفارقة وسكان أمريكا الاصليين وغيرهم من الملونين [9] ] تأثرت أكثر من تأثر المشاركين البيض. على وجه التحديد، وجد الباحثون أن السود من غير اللاتينيين الذين عانوا من فقدان أحد الوالدين أو مقدم الرعاية قبل بلوغهم سن 16 لديهم زيادة بنسبة 26 ٪ في الأجسام المضادة الغلوبولين - ج المناعي «IgG» للفيروس المضخم للخلايا [8] . في مرحلة الشيخوخة «65+». بينما عانى البيض من غير ذوي الأصول الأسبانية من زيادة في هذه الأجسام المضادة بنسبة 3٪.
”الأطفال الذين توفي والديهم أو حدث انفصال بين والديهم الذين عانوا من ضعف في وظائف جهازهم المناعي في مرحلة الشيخوخة ليسوا منتشرين انتشارًا متساويًا في جميع الأعراق والاثنيات على الإطلاق“. "إحدى النتائج الرئيسة التي توصلنا إليها وجدت أن الأقليات العرقية، وخاصة السكان السود غير اللاتينيين والسكان من الأصول الأسبانية، كانت نسبة أحداث وفيات والديهم أو انفصالهم حينما كانوا دون السادسة عشرة أعلى بكثير من غيرهم من الفئات، كما كان ضعف وظائف جهازهم المناعي أسوأ.
في هذه النتائج تحكم الباحثون في «حيدوا تأثير controlled for» عوامل مثل السن والجنس ومستوى تعليم الوالدين. إلَّا أن التلازم [بين الوفاة وضعف الحهاز المناعي] لا زال قائمًا أيضًا حتي حين ضبط الباحثون مؤشرات صحية أخرى.
”قد تتلازم وفاة أحد الوالدين أو انفصال الطفل عن أحد والديه بمخرجات تعليمية سيئة وبانخفاض في الدخل في مرجلة الرشد، وبسلكيات صحية سيئة مثل التدخين وبحالات مرضية مزمنة أخرى [كالسكري وضغط الدم]“ حسبما قالت نوبرت. ”لذلك وضعنا كل هذه العوامل في نموذج رياضي فقط لنعرف ما إذا كان بإمكاننا التخلص من التأثيرات التي لاحظناها. لكننا ما زلنا نلاحظ أن هناك تلازمًا قائمًا بين فقدان أحد الوالدين أو انفصال أحدهما قبل بلوغ الطفل سن 16 سنة وبين مؤشر الفيروس المضخم للخلايا“.
تقول نوبرت إنها بدأت هذا البحث في ضوء جائحة كوفيد-19. لقد خلفت الجائحة حوالي 148 ألف طفل يتيمًا في الولايات المتحدة أو متضررًا من فقدان مقدمي الرعاية. على الصعيد العالمي، حوالي 10,5 مليون طفل أصبحوا يتامى بسبب وفاة والديهم أو مقدمي الرعاية لهم بسبب بفيروس كورونا، وفقًا لبحث نشر في 6 سبتمبر 2022 [10] .
”هذا التقدير الراهن كان ما هو موثق حتى خريف عام 2021، لذلك يعتبر هذا أقل من العدد الواقعي للأطفال اليتامى“ بحسب ما قالت نوبرت. ”بالاضافة، لم يكن من ضمن هذا العدد جميع الأطفال الذين فقدوا أجدادهم / جداتهم وعماتهم / خالاتهم وأعمامهم / أخوالهم وجيرانهم والذين بالفعل يقدمون الرعاية لهم، والذين ستكون خسارتهم صادمة نفسيًا لهؤلاء الأطفال“.
تقول نوبيرت إن الآثار المضاعفة لـ كوفيد قد تربك صحة السكان على مدى العقود الآتية.
”هذه الدراسة تعطينا قرينة على ما يخبئه لنا كوفيد من آثار. لا نعرف ما الذي سيحدث فيما يتعلق بصحة السكان، وهذه الدراسة بدأت في رسم صورة قاتمة عماذا سيؤول عليه الحال في المستقبل“. هذه الخسائر ليست منتشرة انتشارًا متساويًا بين الأعراق والاثنيات. خسائر كوفيد ليست منتشرة اتنشارًا متساويًا أيضًا. وأعتقد أننا بحاجة إلى أن نولي اهتمامًا لكيف نعتني بأطفالنا وكيف نفكر في التبعات الأخرى لـ كوفيد غير تلك المتعلقة بعدد الحالات المرضية وعدد الوفيات التي سببها ".