آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 9:35 م

من وحي كربلاء نقتبس الهدى - 2

عبد الله حسين اليوسف

جد السبط في المسير مع الركب الحسيني نساء ورجالا، منهم من يركب الناقة ومنهم من يركب الفرس ومنهم يمشي على رجيله.

ولذلك الموكب رهبة في النفوس فقد خرج من مكة المكرمة في اليوم الثامن من ذي الحجة حيث يتجه الحجاج إلى صعيد عرفات محط الدعاء والتضرع إلى الله وموطن الرحمة وتطهير الروح والجسد من الأدران والذنوب.

ولخروج السبط أثر إعلامي كبير فوقت خروجه مختار بعناية على الرغم من أن ذلك الوقت يعز عليه حيث البيت والحجر والمناسك للحج، فخرج كخروج موسى خائفا يترقب ينظر بعيدا أين الناصر والمعين وأين جند الله ومن استرخص النفس وباع الجسد لله؟ وهنا يخفق قلبه ويسترجع ويتذكر أن القوم يسيرون والمنايا تسير معهم.

ويسمع الشاب اليافع همس أبيه فتبرز التربية الصالحة التربية على الفداء والطاعة:

ما استرجعت يا أبي؟ فرد عليه وهو يرمقه بطرفه: إنه الموت يا بني! فقال له وهو يهز السيف بيده أمام أبيه: نحن لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا.

فرد عليه قائلا: أنت القربان لأبيك حيث لا كبش يفديك ولا سيف يذب عنك.

وهنا تبرز قيمة الحمل الثقيل الذي لا ينهض به إلا أهله ولاسيما من عنده مثل هذا الشبل كلما نظر إليه قال: إنها ثمرة جاهزة لقطفها، والعين تدمع، والقلب يدعو ويخشع.

ها هي كربلاء تقترب والركب الحسيني يسير منتظرا ماذا سيحدث له غدا؟

يقول الشاعر حسين الجامع:

لمْ يكْتمِل صرح الشَّهادةِ والفِدا
فلهُ عَلى مَرّ المدى لبِناتُ

بعضٌ مضَى والبعْض يرقبُ هائماً
وإلى الحُسَينُ تحثّهُ الخطواتُ