مكانة الشعائر الحسينية
﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾.
كتب الله تعالى للشعائر الحسينية المباركة البقاء والخلود حتى أصبحت من الشعائر التي يعرف بها الطريق لله سبحانه وتعالى، أصبحت معلما يعرف بها أمرا مقدسا يراد له الديمومة والمحافظة عليه، اليوم الشعائر ليست مظهرا للجزع فقط بل رسالة للعالم وقعها عظيم.
يقوم المحبون بالمواساة للنبي ﷺ وأهل البيت ، أيام يحي الموالين هذه المناسبة بقلوب يغمرها التقوى أن يعم الخير والسلام العالم تحت راية مباركة يتقرب بها لله تعالى وتكون للحياة فيها معنى، يتعرف من خلالها على الدين وتكتمل بمكارم الأخلاق التي جسدت على أرض كربلاء المقدسة بالدماء الشريفة.
الشعائر التي تقام اليوم ومع تطورها واستحداثات أقرتها المرجعيات المباركة، وأفتوا باستحباب القيام بها لما لها من شأن في تعظيم وإحياء ذكر أهل البيت عامة والإمام الحسين بشكل خاص، كل ذلك يصب خيره على حماية الدين ورفعة شأن الإسلام الذي خرج من أجله سيد شباب أهل الجنة .
فالعالم يحتاج إلى قيم نهضة الإمام الحسين والسير على خطاه والتزود بأهدافه واتباع سيرته للوصول للكمال المتجسد في مشروعه الإصلاحي المبارك.
الشعائر الحسينية كانت ولا زالت محل تعظيم وإجلال من قبل المحبين على مر التاريخ وتستحق أكثر، فليس قليلا هذا العطاء لمن قدم نفسه الزكية وقدم خير من على أهل الأرض وسبيت نساءه أن تعظم شعائره وأن يبدل الغالي والنفيس من أجل استمرارية وهجها الطاهر المقدس.
فالنبي ﷺ بكى على الحسين ، وكذلك باقي الأئمة بكوا وحثوا أتباعهم على أهمية إحياء هذه الشعائر، فقد تحمل الأتباع الكثير من المشاق العظيمة والابتلاءات الكثيرة قطعت فيها الرؤوس والأيدي ومزقت الأجساد، بهذه التضحيات بقيت الشعائر مستمرة وخالدة وستبقى على مر الأزمان منارا للراغبين في الكمال والتطهر بإقامة هذه الشعائر.
قال الإمام الصادق للفضيل بن يسار: «أتجلسون وتتحدثون؟ قال: نعم. فقال : أما إني أحب تلك المجالس، فأحيوا أمرنا، فإن من جلس مجلساً يحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب».
اليوم العالم يقف إجلالا للإمام الحسين بفضل الشعائر المباركة ويتعرف على قيم السماء التي جسدت على أرض كربلاء، في كل عام يزداد وهج وصوت الشعائر الحسينية وازدياد المجالس التي تقام فيها هذه الشعائر يقف لها بإجلال وتقدير واحترام حتى لمن لا يدينون بالإسلام تعيش في نفوسهم لأنها تدافع عن قيم ليست لفئة أو أصحاب دين أو مذهب أنها عطاء من أجل الإنسانية كافة، تلمس ضمائرهم وتعيش في نفوسهم لأنها تحمي الحقوق وتحارب الفساد من أجل حياة كريمة.
العمل المخلص في إقامة الشعائر الحسينية بكل حب وتفاني هو العامل المشترك في احترام العالم أجمع للحسين ، يعتبر عملا إنسانيا صادقا أثره المباشر القلب والقيام به من تقوى القلوب وطيب النفس ومن مصاديق المودة للرسول صلى عليه وآله فالارتباط وثيق والقيم مشتركة بين السبط والجد في إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى في الأرض، ومن مصاديقه قوة العقيدة وثبات في الدين والمشاركة الفعلية من أجل استمرار هذه الشعائر الربانية الخالدة من أجل أن يعم الأمن والسلام على المعمورة التي تعاني الويلات بتخلفها عن قيم الإمام الحسين ، العالم اليوم في أمس الحاجة لأن تصله هذه الشعائر على الوجه الصحيح كما تمناه وأمر به أهل البيت ومن بعدهم المراجع العظام على مر التاريخ حيث اولوا أهمية عظيمة منقطعة النظير لبقائها واستمرارها متوقدة تنير دروب الصلاح في المعمورة وتبين حقيقة الصراع بين الحق والباطل.
فالتاريخ حفل على المستوى العالمي بالعديد من الوقائع والأحداث قام بها مصلحون أثرت وغيرت كثيرا من الواقع على المستوى الاجتماعي والحقوقي والإنساني تفاوتت مستوياته والتضحيات التي قدمت من أجل نجاحها، لكن لم تصل سابقا ولا حاضرا ولا مستقبلا بالنهضة الحسينية الذي تجسدت فيها رسالة السماء وتكاملت فيها جميع الفضائل.
قال أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب :
«من كان قلبه معنا فهو معنا وأعلم أن الذين يأتون في المستقبل وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ممن يحبون أن يقاتلوا معنا شركاء معنا في هذه الحرب»
فالقلوب تتفطر حزنا وألما لهذا المصاب الجلل جعل الله سبحانه وتعالى هذا الحضور في المجالس الحسينية فك رضى لحبيب رب العالمين المصطفى ﷺ، والقبول عند صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه وسهل مخرجه، فهنيئا لمن سالت دمعتهم من أجل سيد شباب أهل الجنة ، فهنيئا لمن سكب دمعة وارتدى السواد جزعا وهنيئا بمن تشرف بالحضور ولمن خط قلمه أبيات من الشعر ترثي الإمام الحسين ومن قدم خدماته القليلة في الدنيا عظيمة في ميزان الآخرة وكل من دعم هذه الشعائر المقدسة.