آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

دور القطاع الخاص ودور صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 «3»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

أما ما تطلبه رؤية 2030 من القطاع الخاص ومن صندوق الاستثمارات العامة فيتجاوز ما ذُكِرَ آنفاً، إذ أن دورهما حاضر بقوة في عدد كبير من أهداف الرؤية، وهنا يأتي سؤال: هل هما دوران متمايزان؟ أم متكاملان؟ أم أن مهمة تحقيق مستهدفات القطاع الخاص قد أنيطت ببرنامج صندوق الاستثمارات العامة؟ أم أن القطاع الخاص له نسقهُ الذي يحقق من خلاله مستهدفات الرؤية؟

موجبات طرح هذه الأسئلة متعددة، ليس أقلها تحديد الأدوار ومن ثمة حوكمة مسؤولية الوصول للمستهدفات، وفي مقدمتها وصول مساهمة القطاع الخاص إلى 65 بالمائة؟ وتحديد على عاتق مَنّ يقع جذب وضخ الاستثمارات الخاصة، ومسؤولية رفع إنتاجية القطاع الخاص حتى يحقق مستهدفاته؟

ما يبرر طرح الأسئلة هو أن على برنامج صندوق الاستثمارات العامة تنفيذ هدف“إطلاق قطاعات جديدة”، وبداهة هذا يتطلب ضخاً استثمارياً وتمويلاً، وفي نهاية المطاف من المؤمل أن يكون للقطاعات أثر اقتصادي يتجسد في المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وفي توليد وظائف وربما الإحلال محل الواردات وتنمية الصادرات غير النفطية ودعم المحتوى المحلي. ولهذه تقاطعات واضحة مع القطاع الخاص، ما يستتبع طرح سؤال: ما هي الخطوط الفاصلة بين القطاع الخاص وصندوق الاستثمارات العامة؟ وبالإمكان وضع السؤال بصيغة مختلفة: ما هي قواعد“الاشتباك والتداخل”بين القطاع الخاص وصندوق الاستثمارات العامة؟ أما المبرر الأساس للتساؤل هو ما يتمتع به صندوق الاستثمارات من عنفوان استثماري وتمويلي ليس بوسع منشآت القطاع الخاص - مجتمعةً أو متفرقة - مجاراتهِ أو مضاهاته.

وليس من شك أن نشاط صندوق الاستثمارات العامة وإيقاعه العالي في إطلاق المبادرات، وتأسيس شركات جديدة، وامتلاك حصص في شركات قائمة، قد اجترح حِراكاً مُلفتاً، وديناميكية دؤوبة لا تعرف التقاط الأنفاس، ونهجاً متوثباً لا تنقصه الجرأة، مما جَلَب نَفَساً متقدةً لبيئة الأعمال في السعودية. وكما هو معروف فحِراك الصندوق مرتكزٌ إلى استراتيجيتهِ التي أعلن سمو ولي العهد قبل نحو ثلاثين شهراً «يناير 2021» أنها تتضمن خمسة محاور:

1. إطلاق قطاعات واعدة

2. تمكين القطاع الخاص

3. نمو محفظة الصندوق محلياً ودولياً

4. تحقيق استدامة الاستثمار بفاعلية

5. الشراكات وتوطين التقنيات والمعرفة.

وليس من شك أن الإمكانات الاستثمارية الهائلة التي يمتلكها الصندوق، جعلته يعمل على تحقيق تقدم بالتوازي على المحاور الخمسة أعلاه، فقد حقق استثمارات في 13 قطاعاً استراتيجياً، وأطلق مبادرات لزيادة المحتوى المحلي لشركاته إلى 25 بالمائة بحلول العام 2025، ودعم برنامج تطوير الموردين لشركات الصندوق، وإنشاء منصة للقطاع الخاص تهدف لتمكين القطاع الخاص المحلي التعرف على الفرص المتاحة.

وليس محل شك ان دور صندوق الاستثمارات العامة النشط في الاقتصاد المحلي يضيف إمكانيات لم تكن متوفرة عندما كان دور الصندوق ساكناً قبل انطلاق الرؤية؛ إذ أن الصندوق مستثمر طويل المدى بما يمكنه من استكشاف وتأسيس أنشطةٍ اقتصاديةٍ جديدة، وهذه تتطلب سنوات ممتدة لتحقيق عائد باعتبار أن الإطلاق يعني: بنية تحتية وتنظيمية وفوقية تستوجب استقطاب شركاء تقنيين وممولين، وتحمل مخاطر عالية لا قبل لمصفوفة مخاطر القطاع الخاص بها.

ومع ذلك يُلّح السؤال: ما الخطوط الفاصلة أو حتى الواصلة مع القطاع الخاص؟ وأهمية تحديد تلك الخطوط تكمن في أن الاقتصاد بحاجة لاستثمارات الصندوق وبحاجة إلى استثمارات القطاع الخاص، ولا مجال لتثبيط أياً منهما، لذا ينبغي أن يتاح المجال تاماً غير منقوص لكليهما، دون تعارض مُعيق أو مزاحمة طاردة.

لماذا“الملعب المستوي”مطلوب؟ للضرورة المُلّحة؛ فصندوق الاستثمارات العامة يسعى لاستثمار 3 تريليون ريال مخصصة للاستثمارات المحلية، كذلك القطاع الخاص - ممثلاً بالشركات الوطنية والعالمية - مستهدفٌ منه ان يستثمر 4 ترليون ريال وذلك تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. الاقتصاد السعودي بحاجة لكلا الاستثمارين. النقطة التي لا ينبغي أن نغفل عنها هي أن إمكانات الصندوق الاستثمارية خارقة ومصفوفة مخاطرة مختلفة نوعاً عن تلك التي يعمل على أساسها القطاع الخاص، فما خارطة الطريق للمواءمة بينهما ليفوز الاقتصاد السعودي ب 7 تريليون ريال؟ «يتبع»

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى