آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:33 م

“شكرا جزيلا”

المهندس أمير الصالح *

تخيل أنك عضو في مجموعة افتراضية - قروب - وتطرح بين الحين والآخر استفساراً، طلبا للنصيحة أو تأكيدا لمعلومة، فلا يتفاعل مع استفسارك أحد من الأعضاء! تخيل أن تتكرر استفساراتك في عدة مواضيع على مدى عدة أشهر، ولا تجد إجابات أو تعليقات أو إرشادات من أي فرد داخل ذات القروب ولا أي تفاعل! ما هو شعورك حينئذ؟!

حتما سيكون ردة فعلك في إطار 3 سياقات:

سياق 1: تفعل خاصية ”فوات الشيء أفضل من طلبه من غير أهله“. فتمسك نفسك عن السؤال لهم في أي شي.

سياق 2: تفعل خاصية ”احتج لمن شئت تكن أسيره“. تكتشف بأنك ضعيف الحيلة والقوة والتحصيل وضحل القراءة، فتنتفض على كسلك، وتبحث حينذاك بنفسك ميدانيا ومعرفيا عن الإجابة الشافية والدواء الفعال لتساؤلاتك وحيرتك بنفسك.

سياق 3: تقوم بعمل مراجعة شاملة للجزئيات التالية:

أ - جزئية أسلوبك في السؤال.

ب - جزئية التفاعل مع الآخرين من طرفك.

ج - جزئية حقيقة انطباعك عن القروب الافتراضي «وحتى الواقعي» الذي انضممت إليه بينما هو متخصص في قضايا محددة.

حتما تفعيل خاصية الأسلوب الأول والثاني غير متسق مع حقيقة أنك أنت من استفسر أو طلب العون من الآخرين.

الأسلوب الثالث هو الأكثر واقعية في التعامل مع ما يجب أن تقوم به بعد عدم وجود أي تفاعل مع استفساراتك المتكررة. ولنحلل كل جزئية فيه بشكل مستقل وبشكل موضوعي. أولا جزئية ”أسلوب السؤال الذي تم طرحه“. فقد تحتاج إلى صياغة السؤال صياغة صحيحة ومحددة لكي يكون الجواب من قبل المتفاعل محدداً ووافياً. وقد يكون ذات السؤال تم طرحه عدة مرات على مدى عدة أشهر سابقة، وتم الإجابة عليه عدة مرات بأساليب مختلفة، ولكنك وبعض الأعضاء الآخرين غير مكترثين أو غير مبالين أو غير متابعين.

ثانيا، جزئية ”التفاعل مع الآخرين من طرفك“. فقد يكون السائل الذي طرح سؤاله عديم التعاون وعديم التفاعل أو انتقائيا لنفع من بعض أعضاء القروب أو طويل اللسان، ووقح البيان ومنرفز للآخرين بتعليقاته السخيفة. فحتما ينفر الناس من السائل، ويعرضون عنه ويطلبون السلامة بعدم التفاعل معه في أي شاردة أو واردة.

ثالثا، جزئية ”حقيقة انطباعك عن القروب الذي انضممت إليه لاسيما أنه متخصص في قضايا محددة“. خلط الورق من طرف السائل لا يعني إلزام الآخرين بوجه نظره. فلو أتى شخص ما لإمام مسجد ليستفسر منه عن حلول لمشاكل اللاب توب والجوال، فهذا أمر غير منطقي!! وكذلك شخص آخر يذهب لباحث في أروقة مختبر كيميائي ليسأله عن أساليب تربية الأولاد الناجحة، أو يطلب منه الرد على شبهات الإلحاد، فإنه يُعد أمراً غير عقلاني.

كثير هي شبهات أهل الإلحاد وأهل الكفر وأهل الشرك وأهل الشذوذ واتباع الانحراف وجماعات السقوط في فخاخ إبليس واتباع الملذات وأحزاب الشيطان. وكثيرة هي ردود ومؤلفات ومحاضرات ونقاشات وَخُطَب أهل العلم والفكر والأخلاق والتربية الأوفياء والغيارى، وعلى مدى امتداد سنوات وعقود، إلا أن البعض من الناس مع شديد الأسف، لا يبذل أي جهد ولا يبحث ولا يحرص عند الإجابة على تساؤلهم على الاستماع بتركيز لاستحصال أجوبة وافية ومقنعة. والأدهى أن ذلك البعض أو جزء منهم يبخس الناس حقهم، وينعت الآخرين ومن دون أي مسؤولية بالتخلف والغباء والرجعية! لا بل إن هناك من ذلك البعض من يصدر منهم ما هو أقبح من ذلك الصنيع.

شخصيا أتقدم بالشكر الجزيل للخطباء المخلصين وأهل التربية المهذبين والأطباء الأوفياء والأدباء الشرفاء وأهل القلم الصلحاء في هذا العام وكل عام وفي كل المواسم العبادية:، موسم محرم الحرام أو شهر رمضان أو شهر صفر أو ذي الحجة أو شهر رجب المرجب وشهر شعبان لما بذلوه ويبذلونه من جهود وتوضيح وإرشاد ونصح ودحض شبهات بتناول عدة مواضيع والرد على عدة شبهات والدعوة لتهذيب سلوك أفراد المجتمع ليكون مجتمعنا دائم الاخضرار والعطاء والنمو والاستقرار. أتمنى من أولئك الذين يطرحون أسئلة على الآخرين أن يتعلموا فن البحث عن المعلومة الصحيحة وفن صياغة السؤال وفن الإصغاء وفنون الشكر والثناء على كل من يهتم بالإجابة على استفساراتهم. وأتمنى انتشار ثقافة ”شكرا جزيلا“ في حق كل الأوفياء داخل أروقة المجتمع الواقعي والرقمي. بتجذير هكذا كلمة «شكرا جزيلا» لمن أحسن صنعا أو قولا تستمر رحلة العطاء داخل المجتمع والوطن والكوكب. مجتمع الطيبين يبدأ ويحيى ويستمر بتبادل كلمات طيبة وكلمة ”شكرا جزيلا“ شتلة في حقل المجتمع الطيب.