آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 9:58 م

فاطمة العليلة وألم الفراق

عبد الله حسين اليوسف

ولدت فاطمة في كنف والدها وأمها وترعرعت في بيت النبوة. وذات يوم كانت نائمة في غرفتها بعد أن أصابها المرض وهي تسمع قعقعة اللجم وصهيل الخيل وحركته في الخارج وكأن المنزل أصابه الهلع والخطر، ونظرت إلى النافذة لترى هل هناك شيء في الخارج من تغير الأجواء أو الأحوال الجوية من رعد أو برق أو عاصفة رملية أو خسف في البيداء.

وحاولت استراق السمع لكن لم تفهم ماذا يدور حولها، وبعد ذلك مر الزمن كأن يومها دهر طويل وبعد ذلك هدأت الأصوات وخمدت الأجراس واستقرت الأوضاع فهنا فرحت لعل أبيها أو أحد إخوتها يخبرها بخبر سار مقبل.

ويأتيها أبوها بعد السلام والتحية والمسح على رأسها استشعرت أن هناك خطب ما وكأن قرع أجراس حرب تأتي، أخبرها أنه عازم على الرحيل إلى مكة المكرمة، فقالت هل أجهز نفسي للسفر معكم؟ فدمعت عينه وقال: يا بنيتي سفرنا طويل. فردت يا أبي هل يعني ذلك أنك لن ترجع إلينا؟

وكأنه يخاطبه بمثال يناسب لحالها: خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة.

ترجمة الحدث والعزم على السفر يعني أنك عازم أن تكون مصداق ما قاله جدي رسول الله ﷺ وسلّم وجدي أمير المؤمنين وجدتي الزهراء وعمي الحسن أنك ستكون شهيد هذه الأمة.

قال نحن نسير تحت أمر الله ورعايته، فودعها وأخذت تعتصر ألما في غرفتها ولسانها يلهج بذكر الله والدعاء إلى الله أن يحفظ أباها وأهلها ومن معه.

فطلبت من إخوتها أن يفتحوا الباب كي تلقي النظرة الأخيرة عليهم، فحتى الوداع هنا صعب فكيف تودع الراحلين وهي لن تراهم مستقبلا، وأخذت ضعينة الإمام الحسين متجهة إلى مكة وجلست في البيت تنتظر رسالة ما أو خبرا حيث وعدها أبوها أنه سيرسل لها أحدا من طرفه بعد أن يستقر له الأمر وتستتب الأمور ولكن بعد مرور عدة أشهر يأتي ناعي المدينة ويقول:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها
قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرج
والرأس منه على القناة يدار

أصاب تلك البنت كأنه سهم المنية، وأخذت تنتحب وتبكي تنتظر ركب السبايا بقيادة الإمام السجاد وعمتها زينب ولكن المصاب جلل والحادثة فظيعة فبأي مصاب تبدأ ما حل بأبيها أو أخوتها أو عمها أو فاجعة السبي وكل ما حل صعب شديد وكل النساء عندما حضرن لا تسمع لهم إلا صراخا وعويلا والتوجع من كثر الضرب بالسياط والجوع والعطش من وعثاء السفر.

ومن الصعب تذكر الأحداث بسهولة لأن كل ما تذكروا ما تعرضوا له من ضرر تذكروا أحداث تلك الفاجعة.

نقف كيف نتذكر واقعة الطف وما جرى على أهل البيت وخصوصا يوم عاشوراء وما بعدها فهي مأساة ودرس كبير نقله لنا التاريخ فكل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء.