العلاقات الإنسانية أكثر هشاشة عن ذي قبل لماذا..؟؟
قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: آية 13]. هذه القاعدة الربانية تعتبر أهم دستور إنساني وضعه الحق سبحانه لمختلف أصناف البشر كي يسيروا عليها كأساس متين لبناء علاقات حقيقية خاصة وعامة في القادم من أيام حياتهم.
وقال النبي ﷺ: «احمل أخاك على سبعين محمل من الخير» لكن ما نراه الآن عكس هذه القاعدة تماما. فالعلاقات بين كثير من الناس أصبحت هشة، وضعيفة. لدرجة أن أي مشكلة أو سوء فهم ممكن أن تنهي أطول علاقة بين طرفين في غمضة عين، ولا يرف لها جفن.؟
- ويقول الإمام علي : «عاشروا الناس معاشرة إن غبتم حنوا إليكم...» وسواء كانت هذه العلاقة عائلية أو أسرية أو زوجية؟ فقد ضاعت معها صلة الرحم، وانتشر الطلاق، وساءت العلاقات، وانقطع التواصل.؟ وحتى علاقة الصحبة، والصداقة قليل منها ما يصمد أمام أبسط المشاكل، ولو كانت علاقة قوية، ومتينة حسب ما نلمس منها، وما نرى في بعضها.؟
وسبب ذلك هو:
1 - سوء الظن في الطرف الآخر
2 - عدم حمل الآخرين على محمل خير
3 - الاغترار، والعجب بالحالة المادية
4 - ضعف الوازع الديني.
فأصبحت الشكوك هي من يحرك، ويوجه علاقتنا الشخصية، وليس للدين نصيبا فيها بل الأهواء، والغرور، والكبرياء أصبح أساساً لها.!!
وللأسف يحصل ذلك دون أدنى تأثير لمختلف العبادات اليومية؟ والتي أصبحت تأخذ منا وقتاً طويلاً، ولكن فائدتها قليلة علينا إلا ما رحم ربي فأغلبها تظهر بشكل صوري، وليس لها تأثير كبير على مسيرة حياة كل منا.؟
ولو عدنا لأيام مضت، ومن وقت قريب. أي قبل سنوات معدودة في حدود «20 سنة» فقط لوجدنا أن الوضع كان مقبولا بدرجة كبيرة مقارنة بهذه الأيام، والتي فقدت العلاقات فيها كثير من بريقها، وأصالتها القديمة.
وأما أيام الزمن الجميل. وقبل سنوات طويلة من حياة الآباء، والأجداد فقد كانت العلاقات تمثل قمتها، وفي أوجها من حسن تعامل، ومصداقية في الآخر، وثقة تجمعهم بلا حدود جعلتهم يعيشون بسلام، وأمان.
وتعاني الآن جميع شعوب الأرض. من تدهور العلاقات بين بعضها البعض، فقد خسر الوالدين بعض الأبناء، وخسر الإخوان، والأخوات وأبناء العم بعضهم، وكذلك الأصدقاء، والأصحاب فقدوا المحبة فيما بينهم، وسادت الخلافات، والمشاكل بين مختلف البشر كما نسمع، ونرى.؟
وعلينا أن ننظر لهذه الإضاءة الربانية: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴿[الحجرات: آية 10] فحري بنا أن نستذكر قوله تعالى هذا في كل وقت، وحين، ونعود للدين، والفطرة السليمة للحفاظ على ما تبقى من هذه العلاقات، مهما حصل فيها من اختلاف أو سوء فهم فلا نكابر، بل نسموا بأنفسنا عن تفاهات الأمور، ونتجاوز عن كل العثرات؟
ولن يتحقق لنا ذلك إلا إذا كنا نبحث عن رضا الله تعالى أولاً، ونريد ذلك داخل أنفسنا، لأنه تعالى قال ﴿لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: آية 11] لذا علينا ترتيب علاقتنا من جديد، وتصفيتها من كل شائبة بكل جدية، وبكل حزم، لكي نعيش بكل حب وسلام.
والسلام خير ختام.