آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:13 م

زيارة بلا طعم

رضي منصور العسيف *

أمي أراك سعيدة اليوم.. هكذا خاطبت هدى أمها

أجابتها الأم وكيف لا أكون سعيدة.. اليوم ستزورنا خالتك سامية.. بعد غياب طويل استمر ثلاث سنوات.. لقد حصلت على شهادة الماجستير...

خالتك يا عزيزتي هي البنت المدللة في عائلتنا... أمي تحبها كثيرا وكذلك أبي.. لا أعلم كيف استطاعا أن يتحملا هذا الغياب...

عندما تزوجت خالتك كان زواجها فرحة عمت أرجاء الحارة.. جميع النساء فرحن بهذا الزواج....

قالت هدى لا أتذكر شيئا مما تقولين..

ضحكت الأم وقالت كنت صغيرة... كنت في الرابعة من عمرك..

لقد تزوجت وسافرت مباشرة مع زوجها الذي كان يرغب في إكمال دراسته أيضا...

كم أنا مشتاقة لها...

أمي هل تتوقعين أنها ستعرفني؟! قالت هدى

ضحكت الأم بالطبع تعرفك فنحن نتواصل باستمرار على السناب شات كما تعرفين..

صمتت الأم قليلا ثم قالت السناب شات.. إنها لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتصورها وترسلها...

هيا علينا أن نسرع في إعداد الضيافة... خالتك دقيقة في مواعيدها...

قالت هدى بقي ربع ساعة على الموعد...

في هذه الأثناء حضر والد هدى: لقد أحضرت لكم هذه الفاكهة لتكتمل الضيافة..

قالت الأم شكرا لك ياعزيزي أختي تحب الفاكهة خصوصا العنب..

أصبحت الساعة الثامنة قالت هدى ساقف عند الباب لابد أنها ستطرقه الآن...

مضت عشر دقائق... ربع ساعة.. نصف ساعة..

قالت لقد تأخرت خالتي....

وما أن أنهت جملتها حتى رن جرس البيت.. أسرعت هدى لتفتح الباب..

وما أن فتحته حتى قالت بصوت عالي.. ماما هذه خالتي.. لقد وصلت خالتي..

احتضنتها.. قبلتها....

لقد كبرت يا هدى... أظنك في الصف الأول..

قالت هدى سأنتقل للصف الثاني...

تعانقت الأختين..

قالت سامية بيتك جميلة... أخرجت جوالها وقالت أتوقع أنك لن تمانعي أن أصور هذا المنزل الجميل... سوف أعمل عنه تقريرا في السناب شات.. لا تخافي لن أذكر اسمك.. أنا أعرفك لا تحبين الشهرة..

بدأت سامية بالتصوير

ما رأيكم بهذه التحف الفخمة وهذه السجادة.. ألا ترون أنها ذوق رفيع يدل على صاحبة المنزل...

هذا الأثاث أيضا.. التناسق في الألوان.. يا له من إبداع

الآن إليكم هذه المفاجئة التي قلما نجدها في بعض البيوت.. هذه المكتبة.. رب الأسرة شخصية مثقفة...

كانت هدى تنظر لوالدتها التي بدأت تتساءل مع نفسها... هل هذه زيارة اشتياق أخت لأختها أم أنها زيارة تصوير سناب شات...

صرخت أم هدى كفى يا سامية أوقفي هذا التصوير ولا أسمح لك بنشر أي مقطع

نظرت سامية لأختها وقالت لماذا؟

أجابت أم هدى ظننتك جئت مشتاقة ولكنك جئت مصورة... هيا اجلسي وأخبريني عنك وعن صحتك ودراستك ونجاحك...

قالت سامية لحظة سوف أتصفح الواتساب.. عندي مجموعة واتساب به مجموعة من الصديقات.. مجموعتنا تهتم بقضايا المرأة العصرية...

فتحت سامية الواتساب..

قالت هدى خالتي هل تتوقفي لحظة عن هذا الجهاز.. كنت أنتظر قدومك بفارغ الصبر... ولكن الآن عرفت أن الجلسة فقدت روحها.. قالت لي أمي أن الزيارات في الماضي كان لها طعم لذيذ حيث تحضر نساء الحارة وكل واحدة تضحك مع الأخرى يتبادلن الأحاديث الشيقة.. الآن أصبحت الزيارة فارغة ليس لها روح.. ليس لها طعم.. لقد أصبحنا أسارى هذه التقنية.. لا يمكننا أن نستغني عنها لحظة..

خالتي عليك أن تتحرري من هذا السجن...

كاتب وأخصائي تغذية- القطيف