تدني سعر صرف العملة لبعض الدول وفن اختيار وجهات السياحة
عدد ليس بالقليل من أرباب العوائل في دول الخليج يقررون انتخاب / الذهاب لمحطات سياحية معينة؛ بسبب تدني سعر صرف العملة لتلكم الدول أمام عملة الدولار الأمريكي. ولكون معظم عملات مواطني دول الخليج مُرتبطة في سعر الصرف بالدولار، ينحاز بعض أبناء الخليج العربي، ويسيل لعابه على الذهاب لتلكم المحطات ظننا أنه سيوفر بعض التكاليف بذلك. يبدو من الوهلة الأولى لدى البعض أن التوجه بالسياحة في تلكم الدول التي يتسارع تآكل سعر صرف عملتها أمام الدولار بشكل يومي، قرار ذكي واقتناص فرصة. قد يكون مثل هذا القرار، قرار مُتسرع بعض الشيء كما يبدو لي، ويحتاج إلى تمحيص أكثر قبل القدوم على تنفيذ تلك الخطوة.
في الغالب يُرافق هبوط سعر صرف أي عملة أمام العملات العالمية القوية، إعادة تسعير المنتجات والخدمات في تلكم الدول السياحية بشكل مضطرب ومتذبذب وارتجالي. وعادة يصاحب ذلك الحدث، تزايد رقعة أعداد الفقراء في تلكم الدول لدخول عدد جديد من أبناء الطبقة المتوسطة من مواطني تلك الدول السياحية المتضررة بهبوط عملتها إلى نادي الفقراء. وهنا تنشط على الساحة الاجتماعية في بعض تلك الدول مجموعة سلوكيات غير محببة للنفس ومنها: الرشوة، الخداع، السرقة، المماحكة، المشادات، المماطلة في أداء الحقوق، عدم الاكتراث بالأمانة، وحتى خيانة أوطانهم، الاستهتار بموازينالثقة … الخ.
ما يزيد الأمر سوءاً أن عدداً كبيراً من بسطاء تلكم الدول، المتضررة بهبوط صرف عملتها، يعتقدون أو يتم تغذيتهم على الاعتقاد أن سبب استمرار صعود الأسعار للسلع في بلدانهم هو وجود وتدفق سياح أجانب «خليجيون وغير خليجيين» يدفعون بالأسعار نحو الأعلى لخلقهم حالة طلب على السلع والخدمات! وهذا الأمر قد يزيد حالات الاحتقان ضد بعض السياح، لا سيما أن هناك عدداً من السياح مصابين بأمراض حب الاستعراض والمباهاة بأموالهم وبذخهم وتكبرهم.
فأصبح سواق التاكسي وصاحب المطعم وموظفيه وموظفي المقاهي وموظفي الفنادق وموظفي المطارات وموظفي بعض الخطوط الجوية وبائعي التحف والمرشدين السياحيين وموظفي مكاتب الإيجار وأصحاب محلات المتاجر في المجمعات التجارية والأسواق ينظرون إلى السائح الأجنبي «لا سيما السائح الخليجي» على أنه هو طوق النجاة لفك أزمتهم الاقتصادية، وفي تحقيق الوصول لإنجاز أهداف المبيعات أو تعويض النقص في الطلب وتخطي الركود. فأخذت الأسعار لبعض السلع في بعض الوجهات السياحية التي تُفرض على السائح الخليجي أقرب إلى أضعاف مضاعفة من الأسعار المفروضة على المواطن العادي!
هنا وجدت من الضروري أن أدرج بعض المعايير التي ينبغي توخيها قبل اتخاذ القرار للسياحة في تلكم الدول المتذبذبة نزولا في اقتصادياتها:
1 - مستوى الاستقرار والأمن عال.
تذكر أخي السائح: قد يكون هناك انفلات أمني وإضرابات مهنية كثيرة في بعض أجزاء تلك الدول؛ بسبب تدهور سعر العملة وانسحاق طبقات اجتماعية مع سعر الصرف الجديد. ويكون حينذاك السائح الأجنبي هدفاً سهلاً للفالتين من قبضة النظام لاختطافه ومقايضته لطلب فدية.
2 - علو مستوى المصداقية والشفافية في التعامل وتدني مستوى الغش والخداع والتلاعب والتزوير.
تذكر أخي السائح: فقد ينشأ مع اختلال صرف العملة بروز طبقة من المرتشين والغشاشين والمزورين، والذين لم تعد لديهم أي روادع تردعهم عن اقتراف الكذب والنصب والاختلاس لشفط محتويات جيوب السياح. والسائح بالنسبة لأولئك أفضل هدف لكونه عابر سبيل.
3 - دماثة ولطافة «وعدم شراسة» أبناء ذلك الشعب المضيف للسياح عند التعامل مع الأجانب وفيما بينهم.
تذكر أخي السائح: يُنسب عن لسان بعض علماء الاجتماع أنه كلما شاهدت اضطرابات اجتماعية متكررة ومشادات وخناقات عنيفة في الشارع بين مواطني أي دولة تخطط للدراسة أو السياحة إليها، فاعلم أن حجم التوترات والاحتقان والمشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية التي يعاني منها قطاع عريض من الناس هنالك أعمق وأكبر، وقد تنفجر يوما ما على أشكال متعددة. حتما أنت كسائح أو كطالب أجنبي لا تريد أي تكون قريباً من أي إرهاصات انفجار بركاني بشري عند زيارتك له. فإذا كانت المشادات بين مواطني تلك الدولة التي تود زيارتها عنيفة وشرسة، فلك أن تتخيل: كيف سيكون الحال بك كسائح إن كنت طرفا في نزاع مع أحد أولئك!!
4 - وضوح مستوى الخدمات الشاملة في أسعار التذاكر.
تذكر أخي السائح: قد تتحول كل الخدمات الجيدة والمتعارف عليها أنها مجانا إلى مدخل لتجفيف جيبك في صورة بقشيش Tips أو رسوم أو تعرفة وإدراج بعض الخدمات إلى تصنيفات VIP أو Standard.
5 - وجود احترام للسائح والتورع من مقدمي الخدمات عن الكذب عند التعامل معهم في أي جهة «خطوط / مطار / إدارات رسمية في تلكم الدول السياحية /…الخ»
تذكر أخي السائح: اتهامك بما لم يصدر منك / بما لم تعمله أمر وارد في بعض تلك الدول السياحية والقصد من ذلك إجبارك على دفع إكرامية / إتاوة / هدية للموظف / فرض رسوم وزن / استصدار تذاكر أكثر. ويشمل ذلك السلوك بعض موظفي الخدمات الأرضية لبعض خطوط الطيران في صور مختلفة. وقد يتفاجأ بعض السياح أن بعض مرشدي السياحة يعملون بالعمولة، وليسوا موظفين مثبتين، ولذا تصدر منهم وعود معسولة لكي يبيعوا منتجات غير مطابقة للواقع تحت دعوى أنهم يريدون أن يستحصلوا أكل عيشهم دون التفكير بالوسيلة وطهارتها.
أخي القارئ
كل شخص أبخص بقراراته في الحل والترحال. ولكن وددت أن أتشارك مع أبناء وطني بعض الحقائق لتفادي فخاخ بعض الإعلانات التسويقية الكاذبة والمغالطات المعسول من بعض الجهات السياحية في موسم الصيف.