اركبوا السفينة قبل أن يجف البحر أو يفور التنور
قال: محمد ﷺ هدية من السماء لكل خلق الله في الأرض وفي السماء. يوم بعد يوم تتكشف سمو قدر وجميل ما أتانا به من تعاليم وتشريعات وصدق ما أنبأنا به من تحذيرات.
قالوا: أنتم معاشر المسلمين تغالون في نبيكم.
قال: بل أنتم معاشر غير المسلمين تبخسون حق أنبيائكم، وتتهكمون على نبينا ﷺ. بل إنكم تقدسون العقل حد الثمالة، وتعبدون المادة حتى النخاع، وتكفرون بذات الشيء إن اصطدم مع شهواتكم.
قالوا: فأنتم أغدقتم التقديس على نبيكم حتى ضخمتم كل تصرفاته، وانتحلتم حق التشريع لكل شيء في كل شيء صدر منه. فلم نعد نرى هناك شيء في محله عندكم، ولم تتقنوا فنون أي صنعة في إدارة أموركم.
قال: نحن ترجمنا الأقوال إلى أفعال مع قصر اليد وقلة الإمكانيات، واستنطقنا السلوك وضحينا من أجل تثبيت القيم وأنسنة الإنسان وحفظ قيم الأسرة ونواميس العدل وحقن الدماء وحفظ المال والأعراض.
قالوا: بل حرفتم وتطرفتم وأرهبتم الآخرين، وأجبرتموهم بقناعاتكم
قال: نحن حفظنا حق الإنسان وصيانة الأنساب وطهارة الفروج والوفاء بالعهود وتنفيذ العقود. فإن كان هناك من انتحل صفة الانتماء إلينا دون وجه حق، وساء أدبه لنا ولكم، فنحن ضحايا أولئك المدعي. وأن هناك منكم من لم ينتحل انتسابه لكم وفي ذات الوقت هتك الحقوق وسرق العباد وأشاع الفساد واستخف بالأرواح وأباد العباد، ولم يتنصل أحد منكم من أولئك. أرضيت بعمله أم أنكم مستفيدون مما صنع!!!
قالوا: بل تمصلحتم وسخرتم الآخرين لصالحكم باسم الرب وباسم الدين.
قال: نحن لم ننكث بعهد، ولم نتعد على جار، ولم نضع حق نسب، ولم نرتض سلوك الشواذ، ولم نعتد على الآمنين، ولم نجبر أحداً على اعتناق الدين ولم … ولم … وأسألكم بما تعبدون أو تحترمون من منا تاجر وتسيد وسلب، ونهب الناس بشعارات رقيقة ناعمة.
قالوا: أنتم تحرمون النساء والأطفال من حقوقهم. فلا تحترموا النساء، وتحرمون الأطفال حريتهم.
قال: بل نحن نكرم النساء، ونحمي الأطفال ونربيهم على القيم والأعراف السوية والفطرة السليمة والعفاف والستر. ونردع المعتد على النساء والأطفال بالجزاء العادل والحساب الوافي. ونقتص حسب مبدأ ”العين بالعين والبادي أظلم“. ونرد الاعتبار لأرواح المعتدى عليهم، ولا نبرر للقاتل المتعمد جريمته.
قالوا: ولكن ما نراه هو عكس ذلك وبين ظهرانينا من أبنائكم من عاش بطشكم، وهرب من سطوتكم!
قال: أنتم تملكون كامل السيطرة على الإعلام العالمي المؤثر، وتشوهون صورتنا ليل نهار أمام العالم لينبذونا. وتعممون الصورة وجزافا تطلقون أحكاماً عامة دون تقص ودون موضوعية، ثم تقولون هذه هي حرية الكلمة. أنتم أحللتم شرب الكحول وأكل الميتة وأكل لحم الخنزير، وأحللتم نوادي العري وارتضاء السفاح وترخيص بيوت الفجور مقابل فرض ضرائب ورفع المنع عن المخدرات. ومع مرور الزمن أخذتم بتشريع حق الظلم على أمم بتبرير أن الحياة للأقوى وشعارات أخرى. ثم تبليتم على ابن آدم، وقلتم إن أصله قرد وجرمتم من لا يعتقد برواياتكم حول أحداث تاريخية جدلية أو تفسيرات أحداث معينة. وأمد الله لكم من أسباب القوى الشيء الكثير ابتلاء منه لكم، فتعاليتم على خلق الله بطشا وتنمرا وغرورا …. ثم استلذ منكم من استلذ بالتمادي في التشريع، فنصبتم أنفسكم منصب الرب، وحللتم البغاء ولاحقا شرعتم نكاح الشواذ، وتجريم من ينكر ذلك حتى بالنقد كلاميا، ولا نعلم إلى أين ستسير قافلتكم؟! ألا يوجد بينكم رجل رشيد! أم أن أهل الرشد غُيبوا!!
قالوا: هذه حرية شخصية ونحن الأقوى، ونفرض ما نريد على كل أمة!
قال: ألا تعتقدون أنه يجب أن نعيش، وإياكم في سلام على هذا الكوكب. وأن كل ما عليكم فعله هو أن تحترموا إرادتنا وآراءنا كمسلمين. ولا تفرضون علينا نمط معيشتكم أو قوانينكم، وأن تصونوا حقوق رعاية الأبوين لأطفالهم، ولا تفرضوا أنماط لباسكم، وأكلكم على الآخرين. كونكم تبنيتم الحرية الفردية دون أي قيود أو خطوط حمراء أو ضوابط، فهذا شأنكم وشأن من يود الالتحاق بنموذجكم حيث أنتم. فأرجو أن تكونوا صادقين فيما تدعون من احترام خيارات الآخرين واحترام حرية الآخرين وحقوقهم. وألا تكونوا مستبدين، أو تفرضوا أنفسكم على الآخرين بقوتكم وجبرونكم. لقد منعتم الحجاب، وقلتم في ذات الوقت أنكم ترحبون بالاندماج!! لقد سمحتم بحرق القرآن الكريم في دياركم، وجرمتم من يمزق علم ألوان الطيف في دياركم!! فهل هذه حقوق؟! ما لكم كيف تحكمون!!
قالوا: يبدو لنا أنك تتمتع بالإيمان الراسخ بما تعتقد به وعليه الكلام معك هدر للوقت. ونفكر جديا بأن هكذا تصريحات منك لا نريد سماعها. فنحن ماضون في عولمة قوانيننا وتصدير تشريعاتنا في مجال الجنس حتى مع غير الإنسان والشذوذ بكل ألوانه. ومن لم يكن معنا في ذلك فإنه ضدنا!!
قال: ما اعتقد أنه صواب لي ولكم صرحت به وأرجو مراجعة أنفسكم وتمحيص ما تفعلون. فمن قلب محب، اركبوا السفينة قبل أن يجف البحر، أو يفور التنور. فلكل قصة خاتمة ولكل كتاب نهاية ولكل أُمة أجل. والعاقبة الطيبة لأهل القول والعمل الصالح. ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا»﴾ [البقرة: آية 212].